المرحلة التي تمر بها مصر تحتاج من وسائل الإعلام المختلفة الي تقديم الخطاب الديني الذي يعرض الإسلام الوسطي وتعاليمه ومفاهيمه فقد يكون لهذا الخطاب من خلال البرامج الدينية دور مهم في الحد من العنف الذي تشهده البلاد حاليا . وفي محاولة للوصول للأسلوب الأمثل للرسالة التي تقدمها البرامج الدينية وتعميق دورها في تقديم مفاهيم الاسلام الوسطي كانت لنا لقاءات مع المتخصصين في مجالات الاعلام والإجتماع والدين. فتقول مها مدحت رئيس الإدارة المركزية للبرامج الدينية بالتليفزيون المصري: نعمل خلال الفترة الحالية والمقبلة وفق خطة جديدة لتقديم صحيح الدين الإسلامي خاصة بعد أن طلبت د.درية شرف الدين وزيرة الإعلام مني التأكيد علي دور البرامج الدينية المهم وتفعيل هذا الدور بشكل يليق ويختلف عما هو عليه الآن والنهوض بالخطاب الديني وبالفعل بدأنا في تقديم برامج تستعرض رصد السلوك بالكتاب والسنة وأهمية تقديم تعامل وسلوك المسلم مع المسلم ومع المسيحي وأولي خطوات الإصلاح وتقديم البرامج الدينية بشكل جديد ومختلف هو الاهتمام بمنبر الأزهر الشريف وأضافت: من خلال دراستي للأمن القومي فإنه يجري أيضا اختيار وانتقاء العناصر التي تؤدي عملها بضمير مهني في صناعة البرنامج الديني فنقل الإذاعات الخارجية من بعض العناصر تؤدي أحيانا لتغييب الوعي القومي والديني وتغيير مفردات المشهد كما أننا نعما وفق إستراتيجية جديدة بالبرامج الدينية مفادها أن صحيح الدين ليس مجرد شعارات خاصة في هذا الوقت الحرج فنختار موضوعات مناسبة للنقاش حولها مثل دم المسلم علي المسلم حرام والتسامح بين الأديان ونبذ العنف والتوعية للنشء والشباب ويتم اختيار وانتقاء الضيوف بدقة ومن خلال الأزهر الشريف والرابطة العالمية لخريحي الأزهر لسان حال الإسلام الوسطي في مصر بالتنسيق مع وزارة الأوقاف ونعمل اختيار أفضل الضيوف وأنسب الموضوعات وتقديم الخطاب الديني المعاصر الذي يجذب الجمهور ويفيد المجتمع. ويقول د.محمد مهنا مستشار الإمام الأكبر شيخ الأزهر للعلاقات الخارجية: تستطيع البرامج الدينية أن تقوم بدور مهم في توصيل الإسلام الوسطي ولكن لابد أن تعتمد علي خطة واضحة وبعيدة المدي وعلي محاور متعددة علمية وثقافية وفنية وترفيهية وتاريخية بحيث توضح من خلال هذه المحاور طبيعة الإسلام الحقيقي وليس إسلام الأغراض والأعراض والأمراض, ولذلك فالخطاب بالبرامج الدينية يحتاج الي ضبط أكثر بحيث يستعرض المنهج الأزهري الوسطي الحقيقي ليصل بصورة واضحة ويكون هو المسيطر بمرجعيته وفكره المتزن ولذلك فلابد إن تستعين القنوات التليفزيونية بأناس مؤهلين فليس مجرد أن يطلق الرجل لحيته ويتزيي بزي معين نعتبره أزهريا ورجل دين فهناك البعض ممن أطلقوا لحيتهم وارتدوا هذا الزي وقد استهوتهم الأغراض والأموال فانحرفوا عن المنهج الازهري وساهموا في إفساد العقول والوصول للتطرف الذي لا يؤدي إلا الي تطرف مقابل له فلابد من التدقيق واعتبار منهج الأزهر الوسطي هو الأساس فالحضارة الإسلامية حضارة قيم وأخلاقيات ومبادئ ولابد أن تنعكس في البرامج الدينية علي القنوات المختلفة. ويقول د.عادل عبد الغفار أستاذ الإعلام: أري أن الخطاب الديني الموجه عبر البرامج الدينية منفصل تماما عن الواقع وقد يكون سببا مما نعانيه الآن فالخطاب في كل وسائل الإعلام يحتاج الي التحديث علي مستوي الشكل وعلي مستوي المضمون فلابد من الرجوع للأزهر الشريف فكيف لا نستفيد من هذه القيمة التي لا مثيل لها فللأسف اذا كنا قد أعطيناه حقه وقدره ومكانته فكانت ستتغير أشياء كثيرة وكنا سنتفادي مخاطر شديدة كان من أسبابها ترك المكان والمساحة لتيارات أخري متعددة فلابد من توجيه خطاب يعطي صورة صحيحة عن الإسلام الصحيح الوسطي وتزيد جرعة البرامج الدينية وتحسين الصورة والمضمون لتبتعد عن التقليدية والنمطية التي تتسم بها فيعزف الجمهور عن مشاهدتها فالحديث المباشر بالبرامج غير مقبول وقد يأتي فقط علي مستوي إذاعة القرآن الكريم فلابد من توظيف الصورة والإخراج بشكل فني جذاب وتسائل: لماذا كنا ننتظر بشغف ونتابع برنامج د.مصطفي محمود والذي تعلمنا علي يديه وساهم في تثقيفنا وتنمية وجداننا فلابد من رصد ميزانية مناسبة ومحترمة للبرامج الدينية والاهتمام بها بدلا من أن ندفع الثمن من دماء آولادنا بسبب القصور وعدم الاهتمام بها. وقال د.محمد عويس أستاذ الاجتماع: تكرار نفس الوجوه بالبرامج الدينية يفقدها بريقها وجاذبيتها فلابد من مراجعة الضيوف والمادة الدينية من خلال الأزهر الشريف الذي يزخر بفئات متميزة علي مستوي إتقان الاحترافية في التعامل مع الجماهير حتي يستطيع توصيل الرسالة الصحيحة التي تفيد المجتمع ولابد ان تكون هناك دوائر حوار بين رجال الدين والتليفزيون للاتفاق علي كيفية تقديم المادة الدينية بطريقة جذابة ممن يجيدون تقديم خطاب معقول ومباشر ووسطي.