تعتبر حديقة الأورمان من أكبر الحدائق النباتية في العالم, حيث أنشئت عام 1875, في عهد الخديو إسماعيل, وكانت جزءا من قصر الخديو الذي عرف آنذاك بسراي الجيزة. وحكايتها أن الخديو كان في زيارة إلي باريس التي يعشقها وراوده حلم أن تكون القاهرة باريس الشرق, فكلف الفرنسي اريللي ديشان, الذي أنشأ غابة بولونيا بالقرب من باريس, بتصميم حديقة الأورمان, وقامت شركة فرنسية بردم الجزء المتخلف من تحويل مجري النيل شرقا وأنشأ علي هذا الجزء بساتين الأورمان, وكان يطلق عليها في باديء الأمر حديقة الليمون لأنها كانت تمد القصور الخديوية بالفاكهة والموالح والخضر, ثم أطلق عليها بعد ذلك الأورمان, التي تعني في اللغة التركية الحديقة الكبيرة, وجاء في الخطط التوفيقية لعلي باشا مبارك في سياق تناوله إنجازات عصر إسماعيل وصفه الحديقة: أنه جعل بها مناظر مختلفة وجبالا عليها قناطر تمر فوق وديان, واجتهد في تشبيه تلك الأراضي بأراضي الروم وغيرها, ووزع الغاز في فوانيس من البللور علي أعمدة من حديد, وكانت الأورمان تدخل في مجموعة حدائق الجزيرة وحدائق الجيزة التي انشأها الخديو, كما أمر بمد خط سكك حديدية لضمان سرعة انشائها, واستعان بنحو 500 عامل يشتغلون في تلك البساتين, كما عهد إلي البستاني المصري إبراهيم حمودة بزراعة الحديقة أيضا وتصميمها. وقد جلب ديشان أنواعا نادرة من النباتات والأشجار والنخيل من آسيا وأوروبا وأمريكا, وقد بلغت مساحة الأراضي المشغولة بتلك الحدائق 465 فدانا, أما عن مساحة الأورمان وقت انشائها فكانت 95 فدانا تشمل حدائق الأورمان والحيوان أو ما أطلق عليها حدائق سراي الجيزة. وفي عام 1890 تم استقطاع جزء منها لإقامة حديقة الحيوان, ثم استقطع الجزء الجنوبي منها عام 1934 لحديقة الحيوان أيضا, وعقب نقل تمثال نهضة مصر من ميدان باب الحديد إلي موقعه الحالي وشق طريق شارع الجامعة صارت مساحتها 82 فدانا. هذا هو التاريخ المكتوب عن حديقة الأورمان التاريخية, ولكن للأسف الشديد وعلي مدي حوالي 45 يوما هي مدة الاعتصام الذي شهدته منطقة الجامعة وميدان النهضة تم شغل الحديقة بشكل غير الذي انشئت من أجله, فهي حديقة تعليمية بالدرجة الأولي ويجب أن تتم إعادتها إلي أصلها علي أن يتم ضمها إلي الجامعة العريقة للإشراف عليها ووضعها في المكانة العالمية التي تستحقها, علي أن تتم هذا فورا من خلال تشكيل لجنة علمية من أساتذة كلية الزراعة وكلية العلوم تقوم بفحص الحديقة بعد ما شابها من تدمير خلال مدة الاعتصام, علي أن تقدم اللجنة تقريرها إلي الدكتور جابر نصار, رئيس جامعة القاهرة, لتكون تلك أول مهمة له يقدمها إلي مجتمع الجامعة, ومن منبر "بريد الأهرام" العريق ابعث بندائي إلي الدكتور علي عبدالرحمن محافظ الجيزة الذي كان رئيسا لجامعة القاهرة, لكي يولي هذه الحديقة كامل الاهتمام لتصبح حديقة عالمية كما كان يحلم بها الخديو إسماعيل ولتصبح واحدة من المزارات السياحية كما هو الحال في حدائق النباتات المنتشرة في ألمانيا. د.حامد عبدالرحيم عيد أستاذ بعلوم القاهرة