شيخ العمود «إلكتروني».. شرح 60 كتاباً على يد كبار العلماء أسبوعياً بالأزهر    جامعة كولومبيا تعلن فشل المفاوضات مع الطلبة المعتصمين تضامنا مع فلسطين    «صديقة الخباز» فى الصعيد.. رُبع مليار دولار استثمارات صينية    الغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يقتدي به    مقتل 45 شخصا على الأقل إثر انهيار سد في الوادي المتصدع بكينيا    جلسة تحفيزية للاعبي الإسماعيلي قبل انطلاق المران    غزل المحلة يفوز علً لاڤيينا ويضع قدمًا في الممتاز    إيرادات الأحد.. فيلم شقو يتصدر شباك التذاكر ب807 آلاف جنيه.. وفاصل من اللحظات اللذيذة ثانيا    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة يعزز التعاون بين البلدين    البنوك المصرية تنتهي من تقديم خدمات مصرفية ومنتجات بنكية مجانا.. الثلاثاء    السفير محمد العرابي يتحدث عن عبقرية الدبلوماسية المصرية في تحرير سيناء بجامعة المنوفية    مستشهدا بالقانون وركلة جزاء معلول في الزمالك| المقاولون يطلب رسميا إعادة مباراة سموحة    بالنصب على المواطنين.. كشف قضية غسيل أموال ب 60 مليون بالقليوبية    استعدادًا لامتحانات نهاية العام.. إدارة الصف التعليمية تجتمع مع مديري المرحلة الابتدائية    إصابة شخص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم    إخلاء سبيل المتهمين فى قضية تسرب مادة الكلور بنادى الترسانة    لجنة الصلاة الأسقفية تُنظم يومًا للصلاة بمنوف    الأزهر يشارك بجناح خاص في معرض أبوظبي الدولي للكتاب للمرة الثالثة    محمد حفظي: تركيزي في الإنتاج أخذني من الكتابة    ردود أفعال واسعة بعد فوزه بالبوكر العربية.. باسم خندقجي: حين تكسر الكتابة قيود الأسر    فرقة ثقافة المحمودية تقدم عرض بنت القمر بمسرح النادي الاجتماعي    انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة تحت رعاية شيخ الأزهر    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    تأجيل نظر قضية محاكمة 35 متهما بقضية حادث انقلاب قطار طوخ بالقليوبية    تحذير قبل قبض المرتب.. عمليات احتيال شائعة في أجهزة الصراف الآلي    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    تهديدات بإيقاف النشاط الرياضي في إسبانيا    كرة اليد، جدول مباريات منتخب مصر في أولمبياد باريس    بعد انفجار عبوة بطفل.. حكومة غزة: نحو 10% من القذائف والقنابل التي ألقتها إسرائيل على القطاع لم تنفجر    مايا مرسي: برنامج نورة قطع خطوات كبيرة في تغيير حياة الفتيات    محلية النواب تواصل مناقشة تعديل قانون الجبانات، وانتقادات لوزارة العدل لهذا السبب    زكاة القمح.. اعرف حكمها ومقدار النصاب فيها    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    خالد عبد الغفار يناقش مع نظيرته القطرية فرص الاستثمار في المجال الصحي والسياحة العلاجية    طريقة عمل الكيك اليابانى، من الشيف نيفين عباس    الكشف على 1270 حالة في قافلة طبية لجامعة الزقازيق اليوم    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    إيران: وفد كوري شمالي يزور طهران لحضور معرض تجاري    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    «العالمي للفتوى» يحذر من 9 أخطاء تفسد الحج.. أبرزها تجاوز الميقات    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في انتظار الدعم..مستعمرة الجذام بين الحياة والموت
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 07 - 2013

بمجرد أن تسمع كلمة( مستعمرة الجذام) تأخذك الرهبة من الاسم فالمستعمرة في منطقة نائية معزولة وبعيدة عن المناطق السكنية.
وطبيعة مرض الجذام وما يرتبط به من الخوف والعزلة والوصمة الناتجة عنه تثير الرعب, حتي أن أهل المريض يفرون منه كالفرار من الأسد. مستعمرة الجذام هي مأواهم الوحيد بعيدا عن عيون البشر التي تنظر إليهم بلا رحمة, هي عزلتهم الأبدية حتي الموت, وبالرغم من أن الإمكانات الهائلة للمكان والمنشآت تسمح بأن يكون مركز أبحاث واستشفاء متميزا فإن الحكومة أصابتها الغيبوبة تجاه المستعمرة ومرضاها والعاملين بها! حتي أنها ارتضت الاستيلاء علي إيرادات مزرعة المستعمرة لصالح الموازنة العامة! تحقيقات الأهرام دخلت المستعمرة لمعرفة كيف يحيا المرضي والعاملون بها وما هي أهم المشكلات والعقبات التي تواجه المستعمرة وما فيها؟
استغرقنا حوالي ساعتين للوصول إلي مستعمرة الجذام بأبي زعبل فهي تبعد عن القاهرة بحوالي25 كيلو مترا حيث توجد في منطقة نائية اضطررنا لأن نسأل الكثير من المحلات عن مكان وجودها, ولبعد المكان ولاسمها المخيف اعتقدنا أننا سنري المستعمرة عبارة عن معتقل يعاقب فيه المرضي ولكننا فوجئنا بأن المستعمرة تنقسم إلي ثلاثة أجزاء أولها المستشفي وتتكون من عدة أبنية قديمة ولكنها بحالة جيدة بينها مساحات خضراء منسقة جيدا تأخذ انتباهك عندما تراها علي مساحة7 أفدنة تحوي مبني الإدارة وعنابر المرضي ومبني قسم العلاج الاقتصادي ومبني للمكتبة ومسجدا ومبني للعمليات وأخر للعيادات الخارجية ومبني للأسنان ومبني العيون والعلاج الطبيعي وقسما للأشعة والمعمل وصيدلية وعيادة للغيار اليومي ومبني للمطبخ وآخر للمخبز ومبني لعدد من الورش لصناعة أحذية للمرضي والمقشات والحياكة للتأهيل ومحرقة وبعض المباني للمخازن وقسما زراعيا به ورش للميكنة الزراعية,
أما المزرعة فهي تقع علي مساحة150 فدانا ومكونة من9 أفدنة حدائق برتقال ويوسفي وليمون ومانجو و101 فدان تين شوكي و15 فدانا مبان إدارية و25 فدانا كمدفن صحي للنفايات غير مستعمل الآن وغير مستزرعة. وثالث أجزاء المستعمرة قرية المرضي القدامي وتسمي عزبة الشهيد عبد المنعم رياض أو عزبة الصفيح سابقا وقد أقيمت علي نحو15 فدانا داخل حدود المستعمرة منذ45 سنة بطريقة عشوائية عبارة عن بيوت من الصفيح, وتم تحديث وتنظيم القرية في العشرين سنة الأخيرة بدعم من الجمعيات الأهلية وبعض رجال الأعمال وزودت ببعض المرافق مثل الكهرباء ومياه الشرب رغم عدم وجود أي سندات ملكية للمقيمين في هذه البيوت, ويقطن بالقرية الآن نحو450 أسرة مرضي جذام قدامي وذويهم وأيضا أقام بعض المواطنين من غير المرضي بيوتا بوضع اليد.
في البداية كان لنا أن نعرف طبيعة مرض الجذام وكيف يصاب به الإنسان حيث يقول الدكتور صلاح عبد النبي رئيس إدارة مكافحة الجذام بوزارة الصحة والمشرف علي مستعمرة الجذام أن مرض الجذام هو مرض يصيب الجلد والأعصاب الطرفية في الإنسان ويسببه ميكروب باسيل الجذام وطرق العدوي قد تكون عن طريق الأنف تعقبه فترة حضانة تتراوح بين3-5 سنوات ومن أعراضه بقع أو ارتشاحات جلدية فاقدة الإحساس أو تأثر الأعصاب الطرفية باليدين والقدمين والوجه مسببا فقد الوظيفة الحسية أو الحركية أو هما معا, وإذا تم التشخيص المبكر نجنب المريض كثيرا من الإعاقات والمضاعفات التي قد تشارك في تكوين الوصمة الطبية وتعقبها الوصمة الاجتماعية وعادة ما يكون لهما آثار نفسية خطيرة علي المريض مدي حياته ويتم التشخيص إكلينيكيا أو معمليا عن طريق مسحة جلدية من الجزء المصاب.ويتم علاج الجذام حسب توصيات منظمة الصحة العالمية بالعلاج متعدد العقاقير( ريفامبسين ودابسون وكلوفازمين) وبنسبة شفاء كاملة100% إذا أكمل المريض المدة المحددة للعلاج6 أو12 شهرا بطريقة منتظمة حسب نوع الجذام وهناك الكثير من المضاعفات التي تحدث إذا تأخر التشخيص أو أهمل العلاج من تشوهات بالوجه ومشاكل متعددة بالعينين قد تصل إلي فقد كلي في الإبصار وفقد الإحساس باليدين والقدمين والتواء بالأصابع وقرح مزمنة ومتكررة قد تصل لبتر أجزاء للمرضي.
ويضيف الدكتور صلاح عبد النبي يبلغ عدد المرضي الذين تم تسجيلهم منذ عام1979 حتي2012 أكثر من36 ألف مريض مع ملاحظة أن مدة العلاج لا تزيد علي سنة أي أن هؤلاء المرضي قد تم شفاؤهم نهائيا ما عدا الذين تم تسجيلهم حديثا حيث يبلغ عدد الحالات الجديدة المسجلة في مصر644 أي بنسبة اكتشاف تصل إلي83,. لكل100 ألف, حيث تقوم إدارة مكافحة الجذام بوزارة الصحة بموجب برنامج طبي واجتماعي متكامل من خلال مستعمرة الجذام بأبي زعبل والعامرية و18 عيادة للجلدية والجذام بالمحافظات برعاية وتأهيل المرضي صحيا واجتماعيا. وقد تم افتتاح مستعمرة الجذام عام1933 متكاملة المرافق والخدمات بمنطقة نائية معزولة بناحية أبي زعبل لعزل وإيواء ورعاية مرضي الجذام, يحيط بها حزام وقائي من الأراضي الصحراوية, وتم ربط المستعمرة بقرية أبي زعبل بطريق مرصوف خاص طوله حوالي6 كيلو مترات, وتم تخصيص الموقع لوزارة الصحة العمومية بناء علي مرسوم ملكي تم نشره بجريدة الوقائع المصرية العدد100 بتاريخ1951/11/1 وذلك بناء علي المادة11 من القانون رقم31 لسنة1946 بشأن مكافحة الجذام ويقضي بعزل المجذومين إجباريا وذلك في حوالي2418 فدانا للمباني والمزرعة للنفقة علي المستعمرة وإيواء وعلاج وتأهيل مرضي الجذام.ويعمل المرضي بالمزرعة بأجور رمزية علي سبيل التأهيل وتقوم إدارة المستعمرة برعاية المزرعة والإشراف عليها بالكامل بدون أي مقابل مادي أو أي حافز تشجيعي, ويباع المحصول سنويا ويتم توريد الإيرادات لصالح الموازنة العامة بعد أن كانت توضع في بنك التنمية والائتمان الزراعي لحساب المستعمرة للصرف عليها وعلي المزرعة.
ويشير الدكتور صلاح إلي أنه كانت للمستعمرة نقطة شرطة مخصصة منذ نشأتها ومزودة بقوة من أفراد الهجانة, وقد تقلصت في عددها وإمكاناتها إلي أن تلاشت تماما الآن, وأصبحت المستعمرة عرضة لأي أعمال بلطجة وسرقات.
ويشير الدكتور صلاح إلي نقطة خطيرة وهي أن المستعمرة تقدم لمرضي الجذام جميع أنواع الخدمات الطبية والاجتماعية والإقامة الكاملة بالمجان دون أي مقابل هذا إلي جانب التأهيل الطبي من جراحات تقويمية وعلاج طبيعي والتأهيل الاجتماعي من العمل بالمزرعة وورش الأحذية والنجارة والتطريز وصناعة المقشات كما أن المستعمرة أيضا هي المركز الرئيسي لاستقبال حالات الجذام المحولة من جميع عيادات الجذام بمحافظات الجمهورية حيث إن قوة المستعمرة571 سريرا وعدد المرضي المسجلين بالمستعمرة645 كما أن الأسرة المستخدمة الآن398 سريرا وباقي المرضي المسجلين مقيمين بالقرية ويحضرون لتلقي الخدمة الطبية والاجتماعية والطعام, وعدد المرضي الجدد المترددين شهريا للعلاج النوعي24 مريضا, وعدد المرضي القدامي المقيمون لتلقي خدمات طبية مختلفة500 مريض, وعدد المرضي المحولين لإجراء عمليات جراحية للإقامة المؤقتة300 مريض سنويا, وعدد المترددين للعلاج الطبيعي والعناية بالقرح10 آلاف جلسة سنويا, وعدد حالات التفاعل الجذامي الشديدة80 حالة سنويا, وعدد الأحذية والصنادل الطبية والأجهزة التعويضية سنويا أكثر من600, كما تعمل المستعمرة كمستشفي مركزي لجماهير القري القريبة إلي جانب مرضي الجذام وأسرهم ويزداد سنويا عدد المترددين علي العيادات الخارجية حيث بلغ عددهم99442 عام2012 وبالرغم من هذه الخدمات وأعداد المرضي إلا أن عدد العاملين بالمستعمرة لا يتناسب مطلقا مع أعداد المرضي المقيمين والمترددين حيث يوجد نقص شديد في عدد الأطباء مما يعوق الخدمات الطبية الكاملة فيوجد3 أطباء أساسي بشري و3 أسنان و2 بشري منتدب و1 أسنان و1 جراحة يوم واحد أسبوعيا و9 أطباء بنظام التعاقد و4 صيدلة و6 علاج طبيعي و65 ممرضة و2 مهندس زراعي و17 موظفا وإداريا سيحال معظمهم للمعاش قريبا و1 أخصائي اجتماعي و1عامل و21 عمالة موسمية إلي جانب4 راهبات أجنبيات متطوعات لرعاية المرضي لذا لابد من زيادة عدد الأطباء إلي26, ومد المستعمرة بعدد كاف من أطباء التكليف من المناطق السكنية القريبة من المستعمرة كنواة لتغطية احتياجات المستعمرة من الأطباء خلال3-4 سنوات مع إعطائهم بعض المميزات الاستثنائية المشجعة للالتحاق بالمستعمرة.
ضعف الموارد
وكما يوجد نقص في عدد الأطباء والعاملين بالمستعمرة يوجد أيضا ضعف شديد في موارد التمويل حيث إن موارد صندوق الخدمة بالمستعمرة فقيرة جدا بعد قرار توريد بيع ثمار المزرعة للموازنة العامة منذ أكثر من عشرين سنة وتقتصر علي تذاكر العيادات الخارجية إلي جانب حصيلة العلاج بأجر لبعض مرضي الشركات, كما أن التبرعات غير ثابتة وغير مستمرة, أما سفارة فرسان مالطة فهي الممول الأساسي والمنتظم للمستعمرة وذلك حسب البروتوكول المبرم في نهاية عام2006 بين الحكومة المصرية وسفارة فرسان مالطة لمدة5 سنوات وتم تجديده في نهاية عام2010 ولمدة5 سنوات أيضا, بتمويل سنوي كما كان في الخمس سنوات السابقة حوالي100 ألف جنيه إسترليني ويغطي الاتفاق ثلاثة جوانب أساسية وهي الصيانة والتجديدات والأدوية وأجور الأطباء المتعاقدين لكن هذه المبالغ لم يصل للمستعمرة إلا ثلثها فقط في عام2012, وفي الأربع شهور الأولي من عام2013 لم يصل إلا مبلغ25 ألف جنيه مصري فقط,, بالإضافة إلي ضعف الحوافز المناسبة للمكان وطبيعة العمل في المستعمرة للأطباء وجميع العاملين ولقد صدر قرار وزير الصحة رقم136 لسنة2012 بمنح حافز تشجيعي للأطباء بنسب تتراوح بين300-400% ولكن لعدد لا يزيد عن11 طبيبا فقط. لذا لابد من استصدار قرار بتحويل دخل بيع ثمار المزرعة إلي صندوق الخدمة بالمستعمرة كما كان عند تخصيص الأرض منذ أيام الملك فاروق بدلا من الموازنة العامة ليكون احد المصادر المهمة لتمويل احتياجات المستعمرة وتحفيز الأطباء.
ويؤكد الدكتور صلاح عبد النبي ضرورة استصدار قرار باقتراح تغيير الاسم من مستعمرة إلي مستشفي الجلدية والجذام التخصصي وتتبع مباشرة الأمانة العامة بوزارة الصحة أسوة بمستشفي عقلية الخانكة أو تتبع المراكز الطبية المتخصصة وذلك لأسباب أدبية ومادية ونفسية ليكون جاذبا لا طاردا للأطباء الجدد ويسهل تطويره ليصبح مركزا بحثيا للأمراض الجلدية والجذام مع الاحتفاظ بمجانية علاج الجذام, وتعديل قرار الوزير رقم136 بمنح حافز تشجيعي ليشمل جميع الأطباء والعاملين بالمستعمرة,
وعن المستعمرة ومرضاها تقول رئيسة الممرضات عايدة سليمان هل يعقل أن يكون نصيب مريض الجذام بالمستعمرة4 أرغفة فقط في اليوم حسب مقررات وزارة الصحة مع150 جرام أرز وربع فرخه و150 جرام لحمة وثمرة فاكهة وكوب زبادي وقطعة جبن وقطعة حلاوة أو مربي وبالطبع لا يكفي هذا لمريض الجذام مع العلم بأنه وحيد و لا يسأل أهله عنه وعندما اشتكينا لوزير الصحة هذا الأمر قرر صرف الوجبة الغذائية جافة في الأسبوع وهي عبارة عن فرخه و450 جرام لحمة وكيلو أرز أو مكرونة مع كيلو خضار وكيلو طماطم وكيلو فاكهة ولكن أكثر ما يتطلبه المريض هو زيادة حصته من الخبز إلي6 أرغفة فقط فهل هذا حرام؟! كما أن المرضي الذين يعملون في المزرعة يحصلون علي أجر ضعيف جدا لا يتعدي12 جنيها يوميا بعدما كان8 جنيهات فقط في حين أن غيرهم ممن يعملون خارج المزرعة يحصلون علي80 جنيها يوميا مع العلم بأن إيرادات المزرعة تدخل خزينة الدولة ولا يستفيد منها المرضي ولا العاملون بالمستعمرة.
وتضيف عايدة سليمان أنني أعمل في المستعمرة منذ15 عاما ونطبق سياسة التمريض كاملة مع المرضي من تمريض ورعاية خاصة لكبار السن وممن ليس لهم من يسأل عنهم ولكن كان جزاؤنا بعد ثورة25 يناير هو حرماننا من60% من الحوافز كما أن الوزارة حرمتنا من حوافز رئيسة الممرضات بالإضافة إلي أننا حتي الآن لم نحصل علي حوافز شهري أبريل ومايو التي لا تضاف حتي للمرتب.
وتقول إحدي الممرضات التي رفضت ذكر اسمها ولدت هنا في المستعمرة لأب مريض بالجذام ومولود بكلية واحدة وأم سليمة حيث تعرف أبي وأمي في المستعمرة وما زال أبي يعيش في المستعمرة ونعيش مع أمي التي تعمل في المحاجر لإعالتنا حيث لي5 أشقاء في قرية الشهيد عبد المنعم رياض الملحقة بالمستعمرة.
جولة في العنابر
وفي جولة ل الأهرام بين عنابر المرضي رأينا نظرات الرضا تملأ الوجوه فهم يتجمعون لسرد الحكايات والذكريات متناسين نظرات الخوف والاشمئزاز التي تواجههم من البشر وقد التقينا بأقدم مريض في مستعمرة الجذام وكان يقوم بعمل كوب من الشاي وبجانبه الفأس الذي يستخدمه في عمله بالمزرعة حيث يقول عم عرندص أبو سريع جئت للمستعمرة وأنا في العاشرة من عمري سنة1940 وكنت أعمل مع والدي فلاحا وتم حجزي في المستعمرة للعلاج حتي أنني لم أر والدي ووالدتي عند وفاتهما, وأعمل بالمزرعة منذ دخولي المستعمرة حيث كان أجري4 مليمات في اليوم أما الآن فأجري12 جنيها أقوم بادخارها لزوجتي حيث أذهب لزيارتها في المنوفية مرة في الشهر, وأبدأ يومي بصلاة الفجر ثم أعمل في المزرعة ولا أحب مشاهدة التليفزيون وأفضل الاستماع للقرآن الكريم من جهاز الراديو الخاص بي.
ويقول محمد صالح70 سنة تم حجزي في المستعمرة منذ عام1997 حيث أصبت بالجذام وتم بتر قدمي و أعالج علي نفقة التأمين الصحي حيث كنت أعمل موظفا بالحكومة كما أنني أستلم معاشي و أذهب لزيارة زوجتي وابنتي الكفيفتين.
أما أحدث مريض في المستعمرة فهو رضا السيد من المنصورة ويقول تم تحويلي أمس من طبيب خاص بالمنصورة حيث ظهرت ارتشاحات جلدية وبقع وقرح مزمنة بالقدم وقد أثر هذا علي عملي كأستورجي أثاث كما أنني متزوج ولدي ثلاثة أطفال.
وفي عنبر السيدات شاهدت إحدي السيدات الطاعنات في السن تجلس علي الأرض وأخبرتني الممرضة المرافقة لي أنها أقدم مريضة بالمستعمرة ولم تتزوج حتي الآن واقتربت منها وقالت لي اسمي سيدة عبد المجيد دخلت المستعمرة وأنا في السادسة من عمري وحينما سألتها عن عمرها قالت لي لا أعرف فليست عندي بطاقة شخصية كما أن أخوتي توفوا جميعا ويسأل عني أبناءهم وحينما سألتها عما تتمناه قالت لي الحمد لله أتمني أن يرضي الله عني.
أما بهية عيسي60 سنة من دمنهورفتقول: أسكن في عزبة اصلصفيح مع أبنائي وقد توفي زوجي الذي كان مريض جذام والمستعمرة هي المكان الوحيد الذي يسعني أنا وأولادي فالناس في الخارج ينظرون لنا نظرة خوف واشمئزاز.
والسؤال الآن: هل تمتد يد المساعدة ل مستعمرة الجذام التي يعيش مرضاها حالة مأساوية بين الحياة والموت؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.