تطلق الهبة بالمعني العام علي الإهداء, لأنها تعم كل ما طابت به نفس الإنسان بدون مقابل, استمدادا من قوله تعالي: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا النساء/4. ومنه قول الرسول صلي الله عليه وسلم- تهادوا تحابوا وهذا المعني العام يشتمل علي هبة الدين ممن هو عليه وعلي الصدقة: ما يتصدق به الإنسان من مال طلبا للثواب. وعلي الهدية: ما يهديه الشخص لآخر أو هي ما يلزم له الموهوب عوضه.ويوضح الدكتور محمد الشحات الجندي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة حلوان أن الهبة بمعناها الخاص: تمليك المال بلا عوض. وحكم الهبة أنها جائزة شرعا, وقبولها سنة وقد قبلها النبي صلي الله عليه وسلم- وقال: لو أهدي إلي طعام لقبلت, ولو دعيت إلي كراع لأجبت. والهبة من عقود التبرعات, يلزم لصحتها التراضي بالإيجاب والقبول والقبض, فقد روي عن جماعة من الصحابة مرفوعا وموقوفا: لا تجوز الهبة والصدقة الا مقبوضة محوزة والمراد به الملك. ويشترط في الواهب أن يكون المالك أهلا للتبرع بأن يكون مكلفا, ليس محجورا عليه بدين أو سفه وهو في حال صحته. أما إذا وهب في حال مرضه فتأخذ حكم الوصية بأن تكون في حدود الثلث. وتجوز الهبة الابن أو البنت, وتتم بمجرد العقد ولا تحتاج إلي القبض, لأنها في يد الأب أو الأم, وهو الذي ينوب عنه في القبض, أما لو وهب لولده الكبير فلابد له من قبض الهبة, لأنه لا ولاية له عليه وإذا كان الولد صغيرا فإن قبض وليه وأمه جائز, لأن الأم لها ولاية الحفظ علي الصغير. ولا يجوز أن يميز أو يخص أحد اولاده بالهبة دون الآخر, لما في ذلك التصرف من مجافاة العدالة يدل عليه قول الرسول- صلي الله عليه وسلم- لما أراد النعمان بن بشير أن يشهده علي هبة لأحد أولاده فقال له الرسول: أكل ولدك نحلته هكذا, قال: لا فقال: أشهد علي هذا غيري, فإني لا أشهد علي جور والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة, مثل أن يهب له منزلا علي أن يعوضه عنها شيئا, فتصح الهبة ويبطل الشرط, وإنما تصح الهبة لكونها تبرعا فيغتفر فيها مالا يتسامح في غيرها من عقود المعاوضات كالبيع مثلا, ولأنها نافعة, وتقوي أو اصر المودة بين الناس. والرجوع في الهبة جائز اذا كان الموهوب له أجنبيا لقوله عليه الصلاة والسلام: الواهب أحق بهبته مالم يثب منها يعني ما لم يعوض عنها. وبالرغم من جواز الرجوع فيها, فإنه مكروه, لأنه خلاف المروءة ونكوص عن الهبة, لذلك قال صلي الله عليه وسلم- العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. ولا يجوز للواهب أن يرجع في هبته إذا كانت لذي رحم محرم أو زوجه أو زوج, لأنها تتنافي مع صله الرحم, والإسلام يحبذ صلة الرحم وزيادة الألفة وابقاء علي الالفة بين الزوجين. وقد روي عن الرسول صلي الله عليه وسلم- اذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها. وتجوز الهبة للزوجة غير المسلمة مسيحية كانت أم يهودية, وتستحب ذلك, تقوية لأواصر الزوجية.