كان أحد أثرياء الريف يستعد لزواج ابنه, فقرر أن يقيم في تلك المناسبة حفلا كبيرا لأهل القرية, وأعلن أنه سيقدم جائزة كبيرة لمن يستطيع أن يعرض في تلك الحفلة نوعا جديدا من التسلية الناجحة. كان ذلك الرجل مشهورا بكرمه وغناه, فسرعان ما اجتمع في القرية عدد كبير من الفنانين الشعبيين, الذين اعتادوا تقديم أنواع التسلية المختلفة في حفلات الزفاف وأمثالها من المناسبات التي يجتمع فيها أهل القري لقضاء وقت يفرحون فيه ويسمرون. وكان من بين من حضروا للاشتراك في المباراة مهرج مشهور بخفة روحه, أعلن أن لديه عرضا لم تعرفه حفلات الأفراح من قبل, سيقدمه خصيصا ليحصل علي الجائزة. وأثارت أخبار ذلك المهرج سكان القرية, فاقبلوا كلهم لمشاهدة عرضه الجديد الغريب. وقف المهرج وحده فوق المنصة بغير أن تكون معه أية أدوات أو مساعدين, وتظاهر أنه يخفي شيئا بين ملابسه. وانتظر الرجل حتي ساد الصمت في انتظار ما سيفعل, ثم أحني رأسه, وأخفاه داخل فتحة جلبابه, وقلد صوت خروف صغير, فجاء الصوت مطابقا لثغاء الغنم مطابقة عجيبة كأنه صوت خروف حقيقي! اعتقد بعض الناس أن المهرج يخفي بين ملابسه حملا صغيرا تصدر عنه تلك الأصوات, لكن المهرج طلب اختيار عدد من الحاضرين لتفتيشه, والتأكد من أنه لا يحمل أية حيوانات بين طيات ملابسه. وعندما تأكدوا أنه لا يحمل شيئا, هنأه الناس, وقدم إليه صاحب الحفل الجائزة, كما قدم إليه المعجبون هدايا متعددة من قطع النقود المختلفة القيمة جمعوها له في منديل كبير. ثم نزل من فوق المنصة بين تصفيق الجماهير وتهليلهم. وكان بين الحاضرين رجل قروي, وقف وقال وسط دهشة المشاهدين: أستطيع أن أقدم عرضا يفوق العرض الذي قدمه هذا المهرج. هنا تعالت صيحات الاستنكار, لكن المهرج قبل التحدي, وتقرر أن يلتقي مع خصمه القروي في مباراة تقام أمام الجماهير. في مساء اليوم التالي اجتمع جمهور كبير, جاءوا ليسخروا من القروي الفلاح. وظهر المتنافسان أمام الجمهور, فأطلق المهرج صوت الخروف وكأنه يصدر عن خروف حقيقي, ونال إعجاب الجماهير وتصفيقهم مثلما حدث في اليوم السابق. وعندما جاء دور القروي, ظهر وكأنه يخفي شيئا بين طيات ملابسه مثلما فعل المهرج. والواقع أنه كان يخبئ حملا رضيعا بين ملابسه. وعندما أخفي القروي وجهه داخل فتحة جلبابه, عض أذن الحمل, فأطلق الحيوان صوته, غير أن الجمهور صاح قائلا: تقليد المهرج أقرب إلي الحقيقة من تقليد القروي. وأسرعوا ينزلون القروي من فوق المنصة بين مظاهر السخرية والضحكات. عندئذ أخرج الفلاح الحمل من بين ملابسه, وأظهره للناس, وصاح بهم: كان ما سمعتموه مني صوت حيوان حقيقي, وهذا الخروف الصغير يؤكد لكم أنكم تتصفون بالتحيز, فتلغون عقولكم لتنحازوا إلي صاحب الشهرة علي حساب صاحب الحقيقة!!