تشير التقارير الدولية المعنية بالبيئة الي ان مصر تأتي في مقدمة دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا الاكثر تحملا لتكلفة التدهور البيئي في مجالات الهواء والماء والتربة والمناطق الساحلية والمخلفات والمواد الخطرة. وتواجه البيئة في مصر العديد من التحديات, فالانبعاثات المتولدة من4 ملايين مركبة., والتوسع في الانشطة الصناعية دون تخطيط مسبق, وانتشار المصانع داخل الكتل السكنية, وانتشار عدد كبير من المسابك ومكامير الفحم والفواخير وكسارات الحجارة وافراد الجير الحي ومحطات توليد الكهرباد ومقالب القمامة العشوائية تؤثر سلبا علي هواء مصر. وعلي مستوي المياه, يعاني نهر النيل من مصادر التلوث الناتجة عن الرصف الصحي والزراعي والصناعي ومخلفات العائمات والبواخر والسلوكيات البشرية السلبية المتمثلة في رمي المخلفات والقمامة والحيوانات النافقة ويتصل بالتحديات البيئية السابقة, حماية شواطئ مصر الساحلية بمسافة3 آلاف كيلو متر للبحر المتوسط والاحمر وخليجي السويس والعقبة, حيث يقطن بها نصف السكان, وتشهد40% من اجمالي الانشطة الصناعية في مصر, ويتركز بها85% من انشطة انتاج الغاز والنفط, ويضاف لما سبق, حماية الموارد الطبيعية من الاراضي الزراعية, حيث يتهددها ملوحة التربة, والتعديات العمرانية وتلوث التربة, وتآكل بعض المناطق الشاطئية في شمال الدلتا, واتباع بعض الأساليب غير الرشيدة في الإدارة الزراعية, إضافة إلي إن مصر بصدد تغييرات مناخية مقلقة تستوجب مزيدا من الدراسة لمتابعة الانعكاسات السلبية لتأثير التغييرات المناخية علي منسوب المياه في نهر النيل, وارتفاع مستوي البحر بما يشكل تهديدا لشمال الدلتا, كما تمثل المخلفات الصلبة واحدة من التحديات الكبيرة التي تواجه البيئة في مصر, خاصة مع التزايد الملحوظ في كمية المخلفات البلدية الصلبة المتولدة والتي تصل إلي70 مليون طن سنويا, وتستلزم الزيادة المضطردة في حجم المواد والنفايات الخطيرة نتيجة نمو النشاط الصناعي والزراعي والبحثي والمعملي والصحي تزايد حركة الملاحة البحرية. إن التحديات السابقة تبرهن بصدق علي عظمة المشكلات البيئية التي تواجهها مصر, وهو مايفرض ضرورة اتباع سياسات وخطط تنفيذية تمكن من سرعة مواجهة التحديات البيئية العديدة التي تواجهها مصر في الوقت الراهن, ويأتي في مقدمة هذه السياسات سرعة التنسيق بين جميع الجهات المعنية بالشأن البيئي في مصر, فالمشكلات البيئية بطبيعتها متداخلة مع انشطة عدد من الوزارات مثل: البيئة والزراعة والري والمحليات والصناعة وغيرها, ودون التنسيق الجيد وتحديد الأدوار التنفيذية بدقة بجداول زمنية دقيقة سوف تستفحل المشكلات البيئية القائمة, وينبغي ان تتضمن السياسات الجديدة في التعامل مع مشكلات البيئة الملحة تضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني باعتبارها عنصرا مهما وقوة بشرية هائلة يجب الاستفادة من امكانياتها. ومن المهم ان تتضمن السياسات البيئية الجديدة تعاونا مخططا وجادا مع القطاع الخاص, وإقناعه بتحمل مسئولياته الاجتماعية في الحفاظ علي البيئة, انطلاقا من مبدأ ان جميع المشاركين في احداث التلوث البيئي عليهم المشاركة الايجابية في ازالة آثار هذا التلوث. ولايمكن تصور تبني سياسات بيئية فاعلة بدون خطط تنفيذية جادة لاستغلال طاقات الشباب المصري في الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة والفنية في كل محافظات الجمهورية. وينبغي ان تحصل وسائل الاعلام المختلفة علي الاهتمام اللائق في الخطط البيئية, فبدون تبني الاعلام لقضايا البيئة علي مستوي النشر الاعلامي, ووضع هذه القضايا في اجندة الرأي العام والمسئولين, وتبني حملات التوعية البيئية, يصبح نجاح المسئولين في مواجهة التحديات البيئية امرا صعبا. د. عادل عبد الغفار أستاذ الإعلام والرأي العام بجامعة القاهرة