147 ألف طلب، مدبولي يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال مايو    وزير التربية والتعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    وزيرة الهجرة: نساعد المصريين في الخارج على الاستثمار في مصر    شحاتة يختتم مشاركته في مؤتمر جنيف بلقاء مدير العمل الدولية    توقيع اتفاقيات تعاون بين مصر وأذربيجان    عاجل| رسائل هام من وزير المالية ل صندوق النقد الدولي    عمليات إنقاذ وتحذيرات وفيضانات جراء الأمطار الغزيرة في أستراليا    طائرات الاحتلال تشن سلسلة غارات عنيفة على مدينة غزة ومخيمات الوسطى    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    الرئيس السيسي ورئيس أذربيجان يشهدان مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة    التعاون الدولي تعلن تفاصيل الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد في مصر    كرة اليد، كارلوس باستور: ملتزم بتدريب منتخب مصر، والأهلي ليس خيارا    اقتراح بالشيوخ لحظر سير الكارو والتروسيكل في شوارع القاهرة    برقم الجلوس، نتيجة الشهادة الابتدائية الأزهرية عبر البوابة الإلكترونية    وكيل تعليم الدقهلية يجتمع برؤساء لجان امتحانات الثانوية العامة    رئيس بعثة الحج الرسمية يناشد الحجاج المصريين بارتداء بطاقة «نسك» الذكية خلال موسم الحج    ب 2 مليون جنيه.. ضبط عدد من العناصر الإجرامية تخصصوا بتجارة المخدرات بالشرقية    بيتر ميمي يشهد تخريج الدفعة الخامسة من المدرسة العربية للسينما غدا    خبيرة فلك تبشر برج السرطان بانفراجه كبيرة    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضي إتباع سنته    وزير التعليم العالي يزور أرض مستشفى بنها الجامعي الجديد (صور)    وزير الصحة يتفقد مستشفى وادي النطرون التخصصي بالبحيرة    بحضور المحافظ.. وزير التعليم العالي يزور أرض مستشفى بنها الجامعي الجديد    «الزراعة»: رفع درجة الاستعداد في 300 مجرز لاستقبال عيد الأضحى    «رجال الأعمال» تبحث تعزيز مشاركة القطاع الخاص في خطة وزارة الزراعة    حفظ التحقيقات حول وفاة نقاش بالمنيرة    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب سيارة بالبحيرة    كتائب القسام: تفجير حقل ألغام معد سابقا في قوة هندسية للاحتلال وإيقاعها بين قتيل وجريح شرق رفح    «الإسكان» تعلن موعد تلقي طلبات توفيق الأوضاع بشأن «الوادي الأخضر« و«6 أكتوبر»    نجيب الريحاني وجه باك أضحك الجماهير.. قصة كوميديان انطلق من كازينو بديعة وتحول منزله إلى قصر ثقافة    إصابة ميليك تفسد فرحة بولندا    وزير الأوقاف: جهود الوزارة في الحفاظ على السنة قديم وليس وليد اللحظة    بحضور السفير الفرنسي.. افتتاح المكتب الفرانكفوني بجامعة القاهرة الدولية ب 6 أكتوبر    وزيرة البيئة: نعمل على تشجيع الاستثمار في مصانع تدوير المخلفات    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    السير على خطى فابريجاس؟ رومانو: ليفركوزن يقترب من ضم مدافع برشلونة    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    بسبب ارتفاع درجات الحرارة.. تخفيض سرعة القطارات على معظم خطوط السكة الحديد    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    هل يجوز الادخار لحم الأضحية؟.. تعرف على رأي الإفتاء    أوكرانيا: عدد قتلى الجيش الروسي يصل إلى 517 ألفا و290 جنديا منذ بدء الحرب    نجم الأهلي يوجه رسالة قوية إلى محمد الشناوي    القاهرة الإخبارية: ليلة مرعبة عاشها نازحو رفح الفلسطينية بسبب قصف الاحتلال    فتح باب التقدم بمسابقة فتحى غانم لمخطوطة القصة القصيرة.. اعرف الشروط    أسعار الأسماك اليوم 8 يونيو بسوق العبور    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    «الصحة» تستعد لموسم المصايف بتكثيف الأنشطة الوقائية في المدن الساحلية    الجيش الأمريكي يدمر خمس مسيرات حوثية وصاروخين وزورق في اليمن    من جديد.. نيللي كريم تثير الجدل بإطلالة جريئة بعد إنفصالها (صور)    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القطرات الصغيرة
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 01 - 2012

طريقة مبتكرة للقتل اقترحها أحد مشاهدي التليفزيون علي الهواء قبل أيام‏(‏ في مساء‏12/26)..‏ اقترح المشاهد أن يتم ربط الشيخ مظهر شاهين إمام جامع عمر مكرم بحبل طويل‏,‏ ويتم إنزاله بهذا الحبل من فوق برج القاهرة, ثم يقطع الحبل في منتصف الطريق ليلقي الشيخ ربه سريعا, وكانت المذيعة التي تقدم البرنامج تستمتع وتبتسم.. لم تعترض علي فكرة هذا القتل السادي, لم يستوقفها أن التحريض علي القتل جريمة بحكم القانون المصري( المادة172 من قانون العقوبات), وأن العقوبة تتضاعف إن كان هذا التحريض علنيا, بل عبر شاشة التليفزيون.
ولم أعرف التهمة التي استحق من أجلها الشيخ مظهر هذه العقوبة الشنيعة, لكني أعرف أن متظاهري العباسية الذين تنطق باسمهم هذه القناة قد أصدروا قائمة بأسماء كتاب وإعلاميين رشحتهم للإعدام, ولم أسمع أن جهة قانونية قد حركت ضدهم دعوي التحريض علي القتل في هذه الحالة, ولا في حالة الشيخ مظهر حفظه الله وحفظهم من شر المحرضين الساديين, الذين يتفننون أيضا في الاغتيال المعنوي للأبرياء, وفي مقدمة هؤلاء الفتاة التي تمت تعريتها وسحلها علي قارعة الطريق من جنود في زيهم الرسمي, إذ يتردد علي قناة العباسية مائة مرة في اليوم علي الأقل توجيه تهمة مهولة لها, وهي أنها كانت ترتدي عباءة ذات كباسين, وأنها عرت نفسها بنفسها, أما الجنود الذين شاهدناهم بأعيننا علي الشاشات يركلونها بأقدامهم فقد كانوا بمنطق العباسية يحاولون سترها وتغطية عريها الذي كانت تصر عليه, وهي ممددة علي الأرض مقيدة اليدين والحركة, تنهال عليها الركلات.. منطق عاقل ومعقول جدا بالطبع! وأود لو يحل أبطال العباسية عن هذه الفتاة المسكينة وعباءتها وكباسينها, فهي ليست الوحيدة التي تمت تعريتها وانتهاك أنوثتها وآدميتها, فهناك سميرة إبراهيم التي رفعت قضية تتهم الشرطة العسكرية بإهدار كرامتها بتوقيع كشف العذرية عليها في مارس الماضي وقد أنصفها حكم قضائي بالأمس القريب.
سنرجع مرة أخري إلي هذا الموضوع, أما المهم الآن فهو أن شيئا لم يحدث مما تمنيته في الأسبوع الماضي لكي يتحقق وفاق وطني, مستند إلي أسس راسخة, لم يحدث التحقيق العاجل والشفاف لتحديد المسئوليات عن سقوط الشهداء في شارعي محمد محمود وقصر العيني, ولم يحاسب أحد القناص الذي فقأ مرة أخري عين الثائر الشاب الدكتور أحمد حرارة في نوفمبر الماضي, ولا من فقأ عينه الأولي في ثورة يناير, ولم يمد المجلس العسكري يده للمصالحة مع شباب الثورة الذين صد عنهم منذ تسلم زمام الحكم وأساءإليهم كثيرا من بعدها, وعلي الجانب الآخر لا يريد الشباب أن يغفر أو ينسي, كيف وأمامهم نموذج أحمد حرارة وعشرات الشهداء الذين سقطوا؟! وأنا أفهم ذلك وأقدره تماما, لكني واثق أيضا أن المجلس العسكري لن يترك الحكم طواعية قبل انتهاء الفترة الانتقالية, لهذا اقترحت مد جسور التواصل بين المجلس والشباب, فقد ينتهي هذا التواصل باختصار الفترة الانتقالية إلي أدني حد ممكن, فهذا في نظري هو المخرج المتاح, لأن أيا من الطرفين لن يزيح الآخر عن المسرح بالضربة القاضية كما قلت, ليس هذا ممكنا ولا هو مطلوبا, إذا كنا نسعي إلي مصلحة الوطن.
ولم يلق هذا الاقتراح ولا غيره من الاقتراحات التي طرحها البعض لرأب الصدع صدي إيجابيا حتي الآن, وكل ما يجري علي أرض الواقع يوصف بلغة الإعلام والدبلوماسية بالهدوء الحذر, ويستمر الاشتباك بين الطرفين عن طريق وكلاء إذا جاز التعبير: متظاهرو العباسية الذين يتبنون مواقف المجلس العسكري( دون أن يشرفه ذلك في رأيي), والصحف والقنوات الفضائية التي تتبني مواقف شباب الثوار من الجانب الآخر( ويشرفني أن أنضم إليها), وأنا لا أستهين بهذه الاشتباكات اللفظية العنيفة,. ويجب ألا يستهين بها أحد, فقد ذكرت مرارا أن الفتنة تبدأ بالكلمة, والعدوان يبدأ باللفظ, والنماذج الصارخة التي أوردتها عن تحريض حزب العباسية تبعث علي قلق حقيقي, بل علي خوف من المستقبل القريب, فالجرح لا يقفل علي قيح, والهدوء الحذر قد يكون هو الذي يسبق العاصفة ما لم ننتبه.. وقي الله مصر شر العواصف كلها.
لكن العواصف تحشد لها ببطء دوامات صغيرة قد لا ننتبه إلي خطورتها في حينها, مثل انتهاك كرامة الفتيات والنساء, وشاء حظي العاثر أن أكون شاهدا علي حالة هذا النوع قبل بضع سنوات, إذ تم انتهاك عرض إحدي المتظاهرات الصحفيات أمام نقابة الصحفيين, بل علي سلم النقابة نفسها, وكنت أشارك في المظاهرة نفسها مع حركة كفاية تحت شعار لا للتمديد ولا للتوريث الذي ظللنا نردده في كل المظاهرات إلي أن انزاح المورث والوريث, وشاهدت بعيني يومها علي رصيف شارع عبدالخالق ثروت عددا من البلطجية يقفون في طابور منظم أمام ضابط شرطة كبير يصدر لهم التعليمات, وشاهدت واحدا منهم بعدها يقذفني بزجاجة في حديقة نقابة المحامين, لكن الله سلم, كنت قد انتقلت مع غيري من أمام نقابة الصحفيين لننضم إلي امتداد أو ملحق للمظاهرة في مدخل نقابة المحامين المجاورة, وكان يقود تلك المظاهرة الناشط حينها والنائب المحترم بحق الآن, كمال أبوعيطة.. لم أشهد بعيني واقعة انتهاك عرض الصحفية المرحومة نوال علي, التي توفيت بعد تلك الواقعة بسنتين, لكن ا لخبر انتقل إلينا ونحن في نقابة المحامين, وعم المتظاهرين غضب هائل, إذ سمعنا أن مخبرا أو بلطجيا طرحها أرضا علي سلم النقابة وجردها من بعض ثيابها, علي مرأي ومسمع من رجال الشرطة الذين يطوقون المكان دون أن يتدخل أحد منهم لوقف الفضيحة, وهالني ما سمعت, فكتبت في حينها مقالا في مجلة المصور, تحدثت فيه عن بشاعة الاعتداء علي عرض المرأة في السر أو في العلن, فكيف وقد تم هذه المرة أمام أعين رجال الأمن؟! وكتبت في ذلك المقال أننا عندما كنا نتظاهر كطلبة ضد الاحتلال الإنجليزي والحكم الملكي, كنا نصنع من أجسادنا سياجا, متشابكي الأيدي كي نحمي زميلاتنا من المتظاهرات, وحتي لو اعتدت علينا الشرطة, فقد كانت الفتيات دائما في مأمن لا يجسر أحد علي الاقتراب منهن, أو المساس بشعرة لإحداهن, وقلت: إن ذلك كان حالنا من عشرات السنين, فأين ذهبت نخوة المصريين حيث يسكتون علي عار هتك عرض الفتيات علنا؟
غير أن شجاعتي أيامها وقفت عند هذا الحد, فلم أتطرق إلي الضابط الذي كان يدرب البلطجية, لكن هذا المشهد المحفور في ذهني أفادني فيما بعد, ومازال يفيدني في فهم كثير من الأحداث المحيرة حولنا, بما فيها إحراق المجمع العلمي الأليم الذي أعادت صور الشباب المحيطين بالمجمع لحرقه صور نظرائهم في شارع عبدالخالق ثروت.
المهم أن ذلك المقال نشر بنصه كما كتبته جريا علي السياسة المباركية في ترك حرية الكلام للناس, وحرية الفعل للحكام, لكن لم يصدر أي رد فعل من الشرطة, أو من السلطات التي طالبتها بالتحقيق فيما حدث, غير أن تلك الواقعة كانت قطرة تجمعت مع قطرات أخري وصنعت في النهاية طوفان الغضب ضد المخلوع ونظامه.
فلا تستهينوا بالقطرات الصغيرة.
المزيد من مقالات بهاء طاهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.