المساجد في رمضان تمثل قبلة للصائمين, تهفو إليها القلوب للصلاة وقراءة القرآن الكريم وحضور دروس العلم والاعتكاف, ويجد الصائمون الراحة والسكينة داخلها. وفي ظل هذا الجو الإيماني والروحاني يبرز دور إمام المسجد وتظهر قدرات ومواهب الدعاة التي تجذب الصائمين وتجعل قلوبهم معلقة بالمساجد, علماء الدين من جانبهم طالبوا الأئمة والدعاة وخطباء المساجد بضرورة وضع خطة عمل لشهر رمضان, بهدف أن يتحول المسجد إلي مركز تنويري ينشر الثقافة الإسلامية ويصحح المفاهيم, كما طالبوا الدعاة وخطباء المساجد بضرورة التنوع في إلقاء الدروس الدينية, وكذلك عقد مسابقة دينية داخل المسجد, وأن يتم تجديد الموضوعات التي تعلق يوميا في لوحة المسجد, وأن يحرص الإمام علي عقد احتفال يوم ليلة القدر لتوزيع الجوائز علي الفائزين وحفظة القرآن. وناشدوا الدعاة بضرورة الحرص علي التجديد وتناول القضايا التي تهم المواطنين في رمضان, وأن يكون الإمام إماما للجميع ويخاطب جميع الفئات, وعليه أن يتناول القضايا الخاصة بأحكام الصيام, وكذلك عليه أن يشير إلي ظاهرة الاحتكار التي تنتشر في رمضان, وأن يوجه النصائح للتجار بعدم استغلال حاجة الناس لرفع الأسعار, وعليه أيضا أن يخاطب جميع أفراد الأسرة بعدم الإسراف في رمضان, والحرص علي صلة الأرحام والتصدق علي الفقراء والمحتاجين, وأن يعرض يوميا في الدروس الدينية سيرة أحد الصحابة أو التابعين, وأن يستشهد بمواقف في التاريخ الإسلامي لحث الناس علي التصدق والعفو وقيام الليل. جدول عمل وناشد الدكتور زكي عثمان الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر الأئمة والدعاة وخطباء المساجد بضرورة الاستعداد الجيد لشهر رمضان, وأن يضع الداعية خطة عمل لبرنامج دعوي يقوم بتنفيذه في هذا الشهر الكريم, لأن إمام المسجد في رمضان عليه الكثير من الواجبات, ولابد أن يستعد للقيام بهذه المهمة علي أكمل وجه, وهذا يتطلب أن يكون لدي الأئمة والدعاة وخطباء المساجد خطة عمل واضحة طوال شهر رمضان, لأن المسجد في هذا الشهر يختلف عن باقي أيام العام, فصلاة الفجر تشهد إقبالا كبيرا من المصلين, وكذلك صلاة التراويح, كما أن الفترة, بين صلاة العصر وآذان المغرب تشهد جلوس الصائمين في المسجد, ولابد أن يتخلل كل هذا دروس دينية وكلمات يلقيها إمام المسجد علي المصلين, هذا فضلا عن الأسئلة والاستفسارات التي يوجهها رواد المسجد للإمام وعليه أن يخصص وقتا للرد علي هذه الفتاوي, مؤكدا علي ضرورة أن ينزل إمام المسجد إلي الناس ويلتقي بالفقراء واليتامي والضعفاء ويقدم لهم يد العون ويعمل علي مساعدتهم بكافة الوسائل, وأن يحث الناس علي التصدق علي الفقراء والمساكين وصلة الأرحام في هذا الشهر الكريم, وأن يحسن اختيار الموضوعات التي يتحدث فيها, وأن يخاطب جميع رواد المسجد علي اختلاف أعمارهم وثقافتهم, وناشد الدعاة بضرورة البعد عن السياسة في, رمضان وأن تكون الخطب والدروس حول فضل الصيام والقيام وقراءة القرآن وصلة الأرحام. ويضيف الشيخ عبد اللطيف المناحي مدير عام المراكز الثقافية بالأوقاف أن إمام المسجد يتحمل مسئولية كبري تجاه ترتيب الأجواء في المسجد لاستقبال هذا الشهر الكريم, وهذا يتطلب أن يشرف الإمام علي حملة نظافة شاملة داخل المسجد قبل أيام من رمضان, تشمل غسل سجاد المسجد والحوائط وتجهيز الساحات الملحقة بالمسجد, وإصلاح الأجهزة الكهربائية التي تستخدم في الشعائر الدينية, وأهمها مكبرات الصوت والمراوح خصوصا لأن رمضان يأتي الآن في فصل الصيف, أيضا يجب علي إمام المسجد أن يعمل علي زيادة عدد المصاحف في المسجد قبل رمضان مع ضرورة أن يكون هناك أكثر من حامل للمصحف, وتوفير كراسي لكبار السن الذين يحرصون علي صلاة التراويح, والاهتمام بالمكان المخصص للسيدات وتوفير الكراسي والمصاحف في مصلي النساء, وناشد أئمة المساجد بضرورة أن يكون هناك اتفاق مع مجلس إدارة المسجد والمصلين علي تنظيم الاعتكاف ووضع برنامج له, كذلك يمكن عمل مقرأة في المسجد طوال الشهر. نصائح للدعاة ووجه علماء الدعوة الإسلامية مجموعة من النصائح إلي الأئمة وخطباء المساجد, وذلك حتي يتحول المسجد إلي مركز إشعال وبناء حضارة خصوصا في رمضان, وقال الدكتور عادل هندي المدرس المساعد بكلية الدعوة جامعة الأزهر إن ذلك يتحقق من خلال مجموعة من النصائح التي يجب أن يقوم بها الدعاة وخطباء المساجد, وهذه النصائح تتمثل في برنامج عمل رمضاني مكثف, يكون عبارة عن محاضرات وندوات ودروس دينية يومية داخل المساجد, ولابد من عمل مسابقة في القرآن الكريم ولو في جزء واحد منه, مع مسابقة في حفظ عشرة أحاديث, وعمل مسابقة ورقية متنوعة للأسرة المسلمة, بهدف أن تجلس الأسرة لحلها وأفضل متسابقين يتم تكريمهم في يوم للاحتفال بالفائزين في نهاية الشهر, وكذلك ضرورة تنظيم برنامج للاعتكاف في آخر عشرة أيام من رمضان, وتكريم الأطفال الذين يحضرون صلاة الفجر في المسجد, ويكون هذا التكريم بعد صلاة الجمعة أسبوعيا كوسيلة لتحفيز أبنائنا علي المحافظة علي صلاة الفجر. ويقترح علي الأئمة والدعاة عمل لوحة رمضانية بعنوان( حدث في مثل هذا اليوم من هو؟ كبيان لشخصية من الصحابة والفاتحين والشخصيات الإسلامية والأحداث الهامة في التارخ الإسلامي, وأيضا يمكن عقد مسابقات بين المساجد في المنطقة كتفعيل لأدوار المساجد, وعمل مبادرة مجتمعية كتشجير, أو قوافل دعوية استغلالا لأيام رمضان, وكذلك ضرورة عمل إفطار مجمع بالمسجد, وليكن في ليلة السابع والعشرين كفكرة حسنة تبث روح الأخوة بين المصلين, ويمكن من خلال خطب الجمعة للإمام التركيز علي ثورات رمضان مثل الثورة علي الغيبة والنميمة وتضييع الأوقات والسهر والفرقة والشتات, فليجعل الداعية والخطيب والإمام من مسجده وسيلة للبناء النفسي للإنسان, وبناء الوطن والأمة. مراعاة الواقع وطالب الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه جامعة الأزهر الأئمة والدعاة بأن ينطلقوا من واقع الناس, فيعالجوا القضايا الحياتية التي يعاني منها الناس ليلهم ونهارهم, ويبينوا للناس الحلول الإسلامية لمشاكلهم وقضاياهم, وأن يخاطبوا الناس بقدر ما يفهمون, فإن في المجتمع أنماطا مختلفة من الناس, فمنهم العوام, ومنهم المثقفون, ومنهم المتخصصون في مجال من مجالات العلم, وقل من يوجد بينهم المتخصص في المجالات الشرعية الدقيقة, فينبغي أن يكون أسلوب الخطاب مناسبا ومفهما للجميع, وألا ينفعل صاحب الخطاب بواقع فئة معينة, فيوجه الخطاب إليها دون غيرها, وعلي إمام المسجد أن يكثر من الاستشهاد في خطابه بنصوص القرآن الكريم والسنة, والنبوية الشريفة, بحسبانهما أصل هداية الناس ما تمسكوا بهما كما ورد في الحديث الشريف تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي. وناشد الدعاة بضرورة استلهام العبرة والعظة والسلوك من سيرة الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وصحبه الأخيار, فضلا عن الاستشهاد بما حدث للأمم السابقة, لأن الله تعالي قص علينا قصتهم للاعتبار بما حدث لهم, مشيرا إلي أن خطباء المساجد مطالبون بدعوة الناس إلي التمسك بدينهم قولا وعملا وسلوكا ونهجا, وبيان أن الدين عقيدة وشريعة وأخلاق وسلوك ومعاملة, وأن هذه مترابطة العري, بحيث لا يصلح فصل إحداها عن الأخري, فإما أن تطبق جميعا وإلا فلا يصلح تطبيق بعضها دون البعض, وإذا كان الغرض من بعثة الأنبياء والرسل هو هداية الناس إلي الإيمان بخالقهم, فإن هذه المهمة تقع علي عاتق الأئمة والدعاة, بحسبانهم ورثة الأنبياء في هذا السبيل, يقومون بما قاموا به, وليكملوا ما بدأوه, ولذا ينبغي أن يكون الأئمة والدعاة مثالا لمن يدعونهم بقدر الاستطاعة, لما هو معلوم أنهم موضع القدوة من الناس جميعا, بحيث ينظرون إلي فعالهم فيقتدون بهم. برنامج يومي وعن برنامج العمل اليومي لإمام المسجد في رمضان يقول الشيخ أحمد البهي إمام وخطيب بأوقاف الإسكندرية: ان عمل الإمام يبدأ مع أذان العصر كما هو الحال في الشهور العادية, إلا أن الدرس اليومي يبدأ بعد أداء صلاة العصر مباشرة بدلا من بعد صلاة المغرب ودروس الإمام في رمضان تكون بشكل يومي فيما عدا يومي الجمعة والسبت, وتتنوع الدروس بين الفقه والحديث والتفسير والسيرة والتاريخ حسب الجدول الذي يضعه الإمام, وطبعا يتم التركيز علي فقه الصيام والآيات الخاصة بشهر رمضان وزكاة الفطر وغزوة بدر وغيرها من الأمور التي يتطلب من الإمام الحديث عنها خلال هذه الأيام, وبعد المغرب بفترة يبدأ استعداد الإمام لصلاة العشاء وبعدها التراويح وأغلب الأئمة يقومون بإلقاء درس إضافي بين ركعات التراويح وتكون مدته قصيرة وذلك للترويح عن المصلين وإعطائهم فرصة لالتقاط الأنفاس وتناول المشروبات خصوصا مع حرارة الجو, ومدة الدرس بين التراويح لا تزيد غالبا عن10 أو15 دقيقة, وتكون موضوعاته خفيفة أغلبها عن الأخلاق ومواقف من السيرة.