تستعد حديقة حيوان الإسكندرية خلال العام الجديد2012 لاستقبال زرافة جديدة عوضا عن الزرافة رينجو التي توفيت منذ ما يقرب من أربع سنوات عن عمر يناهز العشر سنوات. ويعد حيوان الزرافة من أكثر الحيوانات المحببة للأطفال لطبيعتها السلمية ولجمال شكلها وهي حيوانات يتم إستيرادها من جنوب أفريقيا ويبلغ ثمن الواحدة منها ما يقرب من سبعين ألف دولار, كما تقول الدكتورة إيمان مخيمر مديرة الحديقة. أما زمان وبالتحديد عام1826 انقلبت مدينة الإسكندرية رأسا علي عقب لوصول موكب يخص الباشا محمد علي يضم حيوانين أسطوريين هما زرافتان ومجموعة من البقرات لزوم التغذية والألبان ومجموعة من الخدم واستقر الموكب في باحة قصر الباشا رأس التين لمدة ثلاثة أشهر ريثما يتم الإنتهاء من إجراءات سفر الزرافتين إحداهما الي إنجلترا والأخري إلي فرنسا. والحكاية أن الزرافة التي حصلت علي الجنسية الفرنسية لم تكن قد ولدت حينما أصدر محمد علي مرسومه بأسرها لإهدائها لملك فرنسا... وعند اصطيادها كانت إبنة شهرين. قصيرة القامة!! تم ترويضها علي تناول اللبن, وباعتبارها من ممتلكات الوالي- كانت حياتها تساوي حياة رعاتها( حسن وعطير).. ولكنها المسكينة كانت ضعيفة الشهية.. كانت تتناول خمسة وعشرين جالونا من اللبن فقط يوميا..!! وقد تم نقلها من الخرطوم حتي وصلت الإسكندرية مع حاشية مكونة من ثلاث أبقار حلائب وراعيها حسن وعطير.. وفي الإسكندرية أعد برنادينو دروفيتي القنصل العام لفرنسا رحلتها علي متن سفينة شراعية من سردينيا تحمل اسم الشقيقان بقيادة القبطان الإيطالي ستيفانو منارا الذي قام بعمل فتحة في سطح السفينة تسمح للزرافة بالوقوف أسفلها لمد رقبتها وقام بتبطين الفتحة بالقش لحمايتها من أي إصابة عند إضطراب البحر وغطيت بغطاء أشبه بالكانفاه لحمايتها من الشمس والمطر, وبدأت السفينة رحلتها29 سبتمبر1826 مع الكثير من عبارات الوداع والمراسم العسكرية. ووصلت الهدية الثمينة ميناء مرسيليا بفرنسا يوم31 أكتوبر عام1826, حيث كان الحاكم في انتظارها والذي وصفها بأنها المصرية الجميلة, الأنثي بمعني الكلمة, والكنز الثمين, وقد خلبت لب الجميع بسحر عينيها الواسعتين وخجلها وطباعها بالغة الرقة! والطريف أن رحلة الزرافة ومرافقوها البحرية تكلفت4500 فرنك فرنسي أي ما يقرب من750 دولارا أمريكيا مبلغ ضخم بمقاييس هذا الزمان دفعتها الحكومة الفرنسية عن طيب خاطر من أجل عيون الزرافة وهو ما رصدته الجريدة الفرنسيةillustration بنشرها صورة للزرافة مرسومة باليد وهي علي متن السفينة الشراعية. ومع تحسن الطقس بدأت رحلتها إلي باريس, للقاء الملك شارل العاشر فتم تفصيل معطف واق من المطر من المشمع المطرز بشريط أسود علي كل الأطراف, وأحذية طويلة خوفا من تآكل حوافرها خلال الرحلة التي تبلغ خمسمائة وخمسين ميلا.. وقد استدعيت تعزيزات أمنية لحراسة القافلة.. وطلب منهم الاستعداد ببقرات حلوب وتوفير إسطبلات بأسقف يصل ارتفاعها إلي ثلاثة عشر قدما في القري التي يحتمل أن تتوقف فيها الزرافة.وقد إستغرقت الرحلة إلي باريس أكثر من عامين أطلق خلالها إسم الزرافة علي الشوارع والميادين. وتحولت إلي مادة للأغاني والاستعراضات, واعتاد الأطفال شراء كعك الزرافة, أما البنات فقد صففن شعورهن علي شكل تسريحة الزرافة.. كما أعلنت صحيفة النساء والموضة عن عقد الزرافة.. وارتدي الرجال قبعات وأربطة عنق زرافية الشكل, واحتوت مجلة اليوم علي إرشادات لطريقة ربط كرافتة الزرافة!! أما الزرافة الإنجليزية فقد ماتت بعد عدة أشهر من وصولها الي إنجلترا.