ختان الإناث حرام شرعا وعلي الجهات والأجهزة المسئولة في الدولة بذل المزيد من الجهود لمواجهة ووقف هذه الظاهرة, هذا ما أكده د.شوقي علام مفتي الجمهورية في كلمته,التي ألقاها نيابة عنه د.محمد وسام خضر مدير إدارة الفتوي المكتوبة وفقه الأقليات بدار الإفتاء, خلال فعاليات اليوم الوطني لمناهضة ختان الإناث الذي عقدا أخيرا بمقر المجلس القومي للسكان تحت شعار كلنا مسئولون..لا لختان الإناث, ومشاركة وزارة الصحة,والمركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر,والائتلاف المصري لحقوق الطفل, واليونيسف. وعلي الرغم من هذه الفتوي وغيرها والتي تؤكد مضار ختان الإناث إلا أن الظاهرة مازالت مستمرة, وأثارها التي قد تصل الي الموت تصدمنا علي صفحات الحوادث.. في الدقهلية وفاة طفلة(13 سنة) بسبب الختان في عيادة طبيب بمركز أجا. في قليوب وفاة طفلة(14 سنة) إثر إجراء عملية ختان أجراها لها طبيب بقرية كوم اثنين بعد هبوط حاد في الدورة الدموية. في الغربية وفاة طفلة(13 سنة) بقرية كفر جعفر مركز بسيون أثر عملية ختان أجريت لها. في المنوفية وفاة طفلة(14 سنة) بإحدي القري نتيجة عملية ختان. تلك الحوادث التي تتناقلها وسائل الإعلام تؤكد أن الكثيرات من الفتيات مازالت تنتهك حقوقهن بدعوي حمايتهن وصونهن.. فعلي الرغم من أننا بالقرن الحادي والعشرين إلا أن هناك من يصم آذانه ويسعي- مع سبق الإصرار والترصد- لإجراء عمليات الختان للإناث.. هذا الواقع الأليم كشفت عنه أيضا دراسة حديثه أجراها برنامج إشراق للفتيات المتسربات من التعليم الذي تنفذه مراكز الشباب بالتعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار في محافظات المنيا وبني سويف وقنا و سوهاج ويشمل3321 فتاة في الفئة العمرية12 وحتي15 سنة, وكشف كذلك أن نسبة الفتيات الرافضات للختان لا تتعدي20% فقط من اللاتي تعلمن في فصول إشراق.. فما هي الأسباب و الدوافع؟ وهل مازالت محاربة الختان درب من دروب المستحيل؟! من جانبها أكدت السفيرة مرفت تلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة أنه لا يمكن تحديد نسبة معينة في أي إحصائية لمعرفة نسبة رفض الفتيات للختان, حيث لا نستطيع حصر الإحصائيات, ومن ناحية أخري من الطبيعي أن تكون النسبة لرفض الختان بسيطة وذلك نظرا لأن إجراء عمليات الختان تتم للفتاة غالبا في المرحلة العمرية ما بين ثماني وتسع سنوات, وطبعا في هذه المرحلة تكون الفتاة صغيرة ولا يمكن أخذ رأيها, بالإضافة إلي أن الفتاة في هذه السن تكون غير قادرة علي إدراك خطورة عملية الختان. و تضيف السفيرة مرفت تلاوي: المجلس القومي للمرأة فتح خطا ساخنا لاستقبال أي شكاوي عن أي مراكز طبية أو وحدات صحية تخالف القانون وتقوم بإجراء عملية الختان, وأيضا تم مخاطبة وزارة الصحة وذلك لإجراء تفتيش مفاجيء للمراكز والعيادات الخاصة لضبط من يقوم بمثل هذه العمليات, وقد تم مؤخرا إغلاق أحد المراكز الطبية بمحافظة المنيا حيث قام بإجراء ما يقرب من خمسين في المائة من عمليات الختان بالمجان! من ناحية أخري قام المجلس القومي للمرأة بعمل حملات توعية في الريف من خلال الرائدات الريفيات لمحاربة عمليات الختان. أما دنيا أحمد فؤاد- مدير عام برامج محو الأمية التطوعية والكشفية بوزارة الشباب والرياضة فتقول: برنامج إشراق حاول توعية الفتيات بين18 إلي35 عاما وذلك بمختلف محافظات مصر وتعريفهن بأضرار الختان والأمية والكثير من القضايا التي تخص المرأة, وقد تم اختيار هذه المرحلة العمرية لأن ذلك هو جيل الغد وأمهات المستقبل, وعندما تتولد التوعية بداخلهم منذ الصغر ينشأن وهن رافضات لإجراء عمليات الختان لبناتهن, ومن هنا تكون قاعدة عريضة قد علمت وأدركت مخاطر الختان وهذا يعد من أهم الوسائل لمحاربته. وأشار د.حمدي حافظ أستاذ الاجتماع بجامعة جنوب الوادي إلي أن تعرض الفتاة للختان يعتبر نوعا من التعدي علي الحرية وسلب الإرادة, لأن الفتاة يتم غالبا ختانها في مرحلة عمرية صغيرة, كما أنها تخشي من عقاب أسرتها في حالة الرفض ولاتملك سوي الاستسلام لإرادة الأسرة, والمشكلة أن عملية الختان تظل عالقة في ذهن الفتاة ولا يمكن محوها بسهولة وتجعل منها شخصية تفتقد كل المقومات لتكوين أسرة في حالة زواجها لأنها اعتادت الرضوخ وسلب الإرادة, هذا بالإضافة إلي أن الفتاة تشعر بإحباط شديد في تعاملها مع المجتمع المحيط بها حيث ينتابها مخاوف من معرفة الجميع بما تعرضت له, علي الجانب الآخر هناك بعض الأسر تنجح في غرس أهمية الختان داخل إناثها منذ الطفولة فتشب الفتاة علي أن هذه إحدي العادات المهمة التي لا يمكن التخلي عنها ولابد من إجرائها, وهذا خطر كبير لأنه يهدم التفكير ومحاولة الاستجابة للتوعية لمخاطر الختان. وطالب بضرورة تكثيف برامج التوعية وتغليظ العقوبة للآباء وكذلك المراكز الطبية التي تجري عمليات الختان سرا. ويتفق د.هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر مع الرأي السابق ويقول: الفتاة عندما تتعرض لعملية الختان تصاب بنوع من العدوانية, فهي تشعر بأنها فقدت جزءا مهما منه, وأحيانا كثيرة ترفض الفتاة الخطبة والزواج خشية أن تتعرض لنفس المصير الذي واجهته عندما تم ختانها في سن صغيرة, وقد تصاب بعقدة أو أزمة نفسية عندما تجد نفسها علي مشارف الزواج. أيضا الفتاة التي تم ختانها دائما تشعر بأنها إنسانة غير طبيعية وأن أسرتها قامت بهذة العملية من أجل تأديبها أو خشية من انحراف سلوكها وفي هذه الحالة تلجأ إلي الهروب من المنزل أو التعرف علي أصدقاء السوء كنوع من الإسقاط النفسي لتعويض النقص بداخلها بعد أن فقدت الشعور بالأمان داخل أسرتها.