اودعت محكمة جنايات القاهرة امس حيثيات حكمها الصادر في واحدة من كبري القضايا في مصر والمعروفة بقضية التمويل الاجنبي التي حوكم فيها43 متهما وعاقبتهم المحكمة بعقوبات متفاوتة بالسجن من عام الي5 أعوام و غلق جميع مقار المنظمات محل الاتهام. اكدت المحكمة في حيثياتها التي سطرت برئاسة المستشار مكرم عواد بعضوية المستشارين صبحي اللبان وهاني عبد الحليم وامانة سر محمد علاء ومحمد طه ان التمويل الاجنبي يعد استعمارا ناعما واصبح احد الآليات العالمية التي تشكل في اطارها العلاقات الدولية بين مانح و مستقبل وشكل من اشكال السيطرة والهيمنة الجديدة واقل كلفة من حيث الخسائر والمقاومة من السلاح العسكري تنتهجه الدول المانحة لزعزعة امن و استقرار الدول المستقبلة التي يراد اضعافها وتفكيكها وطالبت المحكمة النائب العام باجراء التحقيق مع المنظمات والجمعيات والكيانات التي تلقت تمويلا من بعض الدول العربية والاجنبية والتي ورد ذكرها في اللجنة التي شكلت للتحقيق في هذا الملف اسوة بما تم مع المنظمات المعنية بهذا الحكم وبسرعة انهاء التحقيق مع كل من مكن المتهمين الاجانب من الهرب واهابت المحكمة الجهات المعنية في المجتمع المصري ان تشجع الجمعيات الاهلية وحقوق الانسان التي لا تبغي سوي الحق و الارتقاء بصرح الديمقراطية في المجتمع بوعي ونية خالصة و ان يتم تمويلها من الداخل حتي لا تحوم حولها الشبهة. الثورة أخافت أمريكا واضافت الحيثيات انه في ظل النظام البائد الذي قزم من مكانة مصر الاقليمية والدولية وانبطح امام المشيئة الامريكية في مد لسور التطبيع بين مصر و اسرائيل برز علي السطح التمويل الاجنبي لمنظمات المجتمع المدني كأحد مظاهر هذا التطبيع بدعوة الحوار مع الاخر ودعم الديمقراطية ومنظمات حقوق الانسان وغيرها من المسميات التي يستترون في ظلها فافرغوها من محتواها الحقيقي وطبعوا عليها مطامعهم واغراضهم في اختراق امن مصر القومي وازاء تردي الاوضاع اندلعت ثورة شعبية حقيقية.. فاوجس ذلك في نفس الولاياتالمتحدةالامريكية والدول الداعمة للكيان الصهيوني خوفا ورعبا فكان رد فعل امريكا انها رمت بكل ثقلها ضد هذا التغيير ومن ثم اتخذت مسألة التمويل الامريكي أبعادا جديدة في محاولة لاحتواء الثورة وتحريف مساراتها وتوجيها لخدمة مصالحها ومصالح اسرائيل فكان من مظاهر ذلك تأسيس فروع لمنظمات اجنبية تابعة لها داخل مصر خارج الاطر الشرعية لتقوم بالعديد من الانشطة ذات الطابع السياسي التي لا يجوز علي الاطلاق الترخيص بها للاخلال بمبدأ السيادة وهو المبدأ المتعارف عليه ويعاقب عليه في جميع دول العالم ومن بينها الولاياتالمتحدةالامريكية نفسها. جهل المتهمين بالقانون وتناولت المحكمة في الحيثيات الرد علي دفاع المتهمين بشأن الاعتذار بجهل موكليهم بالقانون بأن العلم بأن القانون الجنائي والقوانين العقابية مفترض في حق الكافة ومن ثم لا يقبل الدفع بالجهل والغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي. وعما اثاره الدفاع بتطبيق قانون الجمعيات باعتباره الاصلح للمتهمين قالت المحكمة ان الجرائم المسندة للمتهمين يعاقب عليها قانون العقوبات بعقوبات اشد من العقوبات الواردة بقانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية ومن ثم وجب اعمال مواد الاتهام الواردة بقانون العقوبات المنصوص عليها فيها ولامجال لاعمال القانون الاصلح للمتهم. واستندت المحكمة الي المادة76 من قانون الجمعيات المذكوره بالباب الخامس والتي تؤيد سببها القانوني. واشارت المحكمة إلي انه في سياق ما اثاره الدفاع بشأن تقديم بعض المنظمات بطلبات امام وزارة الخارجية للحصول علي تصاريح بالعمل منذ عام2005.. وعدم البت في هذه الطلبات مما يعد تصريحا ضمنيا بالعمل بانه لا يجوز لاي منظمة اجنبية غير حكومية ممارسة العمل في مصر او فتح فروع لها الا بعد ابرام اتفاق نمطي مع وزارة الخارجية المصرية و ارساله لوزارة التضامن والعدالة الاجتماعية ليقوم بتسجيل فرع المنظمة بالوزارة وانه لايترتب علي مجرد تقديم الطلب اي اثار قانونية تجيز لتلك المنظمات الاجنبية غير الحكومية العمل في مصر.. لاختلاف وضعها عن الجمعيات والمؤسسات الاهلية المصرية التي يتيح لها القانون التأسيس وممارسة العمل بعد اخطار وزارة التضامن بذلك اذا لم تقم الوزارة بالاعتراض علي التأسيس او رفضه بعد60 يوما من ذلك الاخطار. وانتهت المحكمة في حيثيات حكمها إلي أنه لا يتصور عقلا ومنطقا ان لامريكا او لغيرها من الدول الداعمة للكيان الصهيوني اي مصلحة او رغبة حقيقية في قيام ديمقراطية حقيقية في مصر.. فالواقع و التاريخ يؤكد بأن تلك الدول لديها عقيدة راسخة ان مصالحها تتحقق بسهولة ويسر مع الديكتاتوريات العاملة ويلحقها الضرر مع الديمقراطيات الحقيقية. وان من يدفع المال يدفع وفق اجندته الخاصة التي حددها واستراتيجيات يريد تحقيقها من ورائها و اهداف في الغالب تتناقض مع الاهداف النبيلة للمنظمات التطوعية الساعية الي توعية وتطوير المجتمع والدفاع عن الحقوق الانسانية. وأكدت المحكمة ان التمويل الاجنبي للمنظمات غير الحكومية يمثل حجر عثرة امام مصر واختتمت المحكمة بقول الله سبحانه وتعالي ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.. والله من وراء القصد.