فى الوقت الذى انسحبت فيه الشرطة التركية من ميدان التقسيم باسطنبول ورفعت الحواجز المحيطة بالموقع نظرا لحدة الاشتباكات مع المتظاهرين، امتدت المظاهرات إلى عدد آخر من المدن التركية، حيث اشتعلت الاحتجاجات فى منطقة كيزيلاى بالعاصمة التركية أنقرة أمس، للمطالبة باستقالة حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ويأتى ذلك فى أعقاب تصاعد أعنف موجة احتجاجات تشهدها تركيا لليوم الثانى على التوالي، حيث تجددت أمس الاشتبكات بين آلاف المتظاهرين المطالبين بإسقاط حكومة رجب طيب أردوغان وقوات الشرطة، حيث استخدمت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لمنع آلاف المحتجين من الوصول إلى ميدان تقسيم الذى شهد احتجاجات عنيفة أصيب فيها المئات أمس الأول، مما أدى الى انسحاب قوات الامن من الميدان مساء أمس، جاء ذلك فى الوقت الذى تحدى فيه أردوغان المتظاهرين، متعهدا باستعادة الأمن و النظام ضد توحش المتطرفين. ففى أعنف مظاهرات تشهدها المدن التركية منذ 11 عاما، دعا المتظاهرون إلى قيام ربيع تركى على غرار الربيع العربي. وأوضح شهود عيان أن المتظاهرين المناهضين للحكومة وضعوا مناديل وأقنعة طبية على وجوههم وهم يهتفون «الاتحاد ضد الفاشية« و«استقالة الحكومة» وهم يحاولون التقدم فى الشارع المؤدى إلى الميدان. واشتبك محتجون مع الشرطة أيضا فى حى «بشكطاش» على شاطئ البوسفور بعد عبور جسر فى محاولة أخرى على ما يبدو للوصول إلى ميدان تقسيم. وامتدت الاحتجاجات فى معظم المدن التركية تنديدا بالممارسات القمعية للشرطة التركية ضد المتظاهرين السلميين التى أسفرت عن إصابة المئات أمس الأول. واحتشد آلاف المتظاهرين الأتراك فى الشوارع المحيطة بميدان تقسيم بوسط اسطنبول، بينما سار المحتجون فى أنقرة نحو البرلمان. وفى عدد من أحياء وسط اسطنبول، شاركت حشد من المتظاهرين فى مسيرات وهم يحملون أوانى طبخ للقرع عليها. وقد لقوا تشجيعا من سكان المناطق الذين وقفوا على شرفات ونوافذ منازلهم وهو يهتفون ضد حكومة أردوغان. وردد المحتجون فى حى جهانجير السكنى فى الشطر الأوروبى من المدينة التركية «أردوغان، انظر كم عددنا فى مواجهتك». وقال شاهد عيان إن الأشجار هى الشعرة التى قصمت ظهر البعير. لقد سئم الناس من كل ما تفعله هذه الحكومة، معبرا عن استيائه من التصويت على قانون يحد من بيع الكحول الأسبوع الماضي. وفى بادرة تحد، تقدم بعض المتظاهرين المشاركين فى المسيرة وهم يحملون عبوات بيرة بأيديهم. وقالت سيدة فى الثلاثين من العمر، رفضت ذكر اسمها إنهم يريدون تحويل البلاد إلى دولة إسلامية. يريدون أن يفرضوا علينا رؤيتهم مدعين أنهم يحترمون الإطار الديمقراطى. وفى أحياء أخرى مثل بيوجلو فى وسط الشطر الأوروبى للمدينة، بدت المواجهات أعنف. فقد استخدمت الشرطة التى انتشرت بكثافة القنابل المسيلة للدموع بكثرة ورد عليها المتظاهرون برشقها بالحجارة. وفى نبرة تحد فى مواجهة الاحتجاجات ، أكد رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركى أن الشرطة ستبقى فى ساحة تقسيم بوسط اسطنبول لتفرض فيها النظام، داعيا المتظاهرين إلى وقف الاحتجاجات فورا. وقال أردوغان إن »السلطة كانت فيها أمس، وستبقى فيها اليوم وستكون أيضا غدا لأن ساحة تقسيم لا يمكن أن تكون مكانا يستطيع المتطرفون أن يفعلوا ما يشاؤون فيه«، موضحا أنه لن يتراجع عن مشروع بناء ثكنة عسكرية من العهد العثمانى فى ساحة تقسيم فى أسطنبول. ومن جانبه، ذكرحسين آينى موطلو محافظ اسطنبول أن 12 شخصا أصيبوا واعتقل 63 آخرون خلال احتجاجات ضد خطط الحكومة التركية لاقتلاع 600 شجرة وإزالة متنزه تقسيم جيزيه الشهير. وألقى موطلو اللوم على «مجموعة مندسة ضمن المتظاهرين»، متهما إياهم بإثارة الاستفزازات واستغلال هذه الاحتجاجات لتحقيق أغراض سياسية. كما أكدت مصادر حكومية أخرى أن إزالة متنزه تقسيم جيزيه لا يتعلق بمشروع لإقامة مركز تجارى ولكنه جزء من مشروع أوسع لتطوير ميدان تقسيم بالكامل. وفى هذه الأثناء، صرح وزير الداخلية معمر جولر بأن التحقيقات ستبدأ فى مزاعم استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين. وفى أول رد فعل للمعارضة التركية، دعا أكبر أحزاب المعارضة التركية إلى التهدئة، وقال زعيم حزب الشعب الجمهورى كمال كيليكدار أوغلو قوله إنه يتعين سحب قوات الشرطة من ميدان تقسيم. وطالب أوغلو رئيس الوزراء التركى بتجميد مشروع البناء المثير للجدل فى الحديقة الذى يقع على أحد أطراف الساحة وذلك وفقا للقرار الصادر عن إحدى محاكم اسطنبول. وفى غضون ذلك، توالت ردود الفعل الدولية المنددة بأعمال العنف من قبل الشرطة التركية ضد المتظاهرين السلميين. وفى أول رد فعل أمريكي، ذكرت الولاياتالمتحدة حليفها التركى بوجوب احترام الحريات العامة، منددة بقمع الشرطة فى اسطنبول لتظاهرة ضد الحكومة. ونبهت إلى أن «هذه الحريات حيوية لأى ديمقراطية سليمة». ومن جانبها، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها بشأن الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين.