منذ زمن بعيد و أبناء النوبة يستخدمون لهجات محلية خاصة يتحدثون بها و يصيغون منها حكاياتهم و أساطيرهم و يرددون بها أغانيهم.. هذه اللهجات منطوقة و عدد الناطقين بها مليون نسمة طبقا للموسوعة العالمية للغات. و في هذا التحقيق نسأل ماذا تبقي من اللغة النوبية و كيف نحافظ علي التراث و الهوية النوبية؟ في البداية يقول محمد عبدالرحمن إبراهيم عضو مجلس الشعب السابق( النوبي): الأجيال الجديدة من النوبيين, خاصة الشباب, يفهمون اللغة النوبية حين يسمعونها ولا يعرفون التحدث بها, لذلك أطالب النادي النوبي العام بالإسكندرية بزيادة الأعداد, وزيادة الكورسات بالنادي لتعليم اللغة النوبية, سواء اللهجة الخاصة بالفديجا, واللهجة الخاصة بالكنوز, كما أوجه نداء إلي جميع الجمعيات النوبية والأندية النوبية بالإسكندرية البالغ عددها44 جمعية وناديا, بتخصيص دورات تعليمية مجانية للشباب النوبي من الجنسين لتعليم اللغة النوبية للحفاظ عليها, والحفاظ علي الهوية النوبية, فاللغة النوبية هي لغة نيلية صحراوية تنتمي إلي عائلة اللغات الإفريقية الآسيوية, ويتحدثها معظم سكان جنوب مصر, ومناطق شمال السودان القريبة من مصر, وعدد الناطقين بها نحو مليون نسمة. ويؤيده عبدالفتاح إبراهيم إسحاق رئيس نادي أبو سمبل بالإسكندرية, مضيفا أن معظم الأندية والجمعيات النوبية بجانب النادي النوبي العام, تسعي جاهدة من أجل الحفاظ علي اللغة النوبية بإعداد كوادر من المدرسين النوبيين لتدريس اللغة النوبية بجانب الدورات الخاصة لتعليم لغة الأجداد والآباء, لافتا إلي أن النادي النوبي العام بالإسكندرية يضم لجنة المحافظة علي التراث النوبي, ومن خلال هذه اللجنة يتم تدريس اللغة النوبية لجميع الأعمار, خاصة الشباب من الجنسين, بجانب نشاط الجمعيات النوبية المنتشرة بالإسكندرية, بهدف أن تبقي اللغة النوبية, وتتوارثها الأجيال النوبية حفاظا علي الهوية النوبية. ويشير مصطفي سليمان عبده عضو لجنة متابعة الملف النوبي بالإسكندرية إلي أن عددا كبيرا من الهيئات النوبية بالإسكندرية يهتم بشكل كبير بإقامة الكورسات الخاصة باللغة النوبية, والمسابقات الثقافية والندوات, يشارك فيها لفيف من الرموز النوبية بالإسكندرية من أجل تشجيع الشباب من الجنسين لمعرفة اللغة النوبية, بجانب دورات توعية باللجان النسائية بالجمعيات والأندية النوبية لتعظيم دور الأسرة النوبية في تعليم النشء, والتحدث داخل المنزل باللغة النوبية, خاصة الأم والأب والجد والجدة, وكذلك الرحلات السنوية الشهيرة بقطار النوبة من القاهرة والإسكندرية إلي قري النوبة الجديدة, منوها إلي أن هناك لجنة للمحافظة علي التراث النوبي بأبو سمبل, يعلمون الشباب الوافد اللغة النوبية. ويقول فتحي سيد جابر( مدرس لغة نوبية): اللغة النوبية لغة صوت ولغة نيلية صحراوية تنتمي إلي عائلة اللغات الإفريقية الآسيوية, ويتحدثها سكان جنوب مصر, ومناطق شمال السودان القريبة من مصر, وكان معظم الناطقين بها يسكنون في وادي النيل من قنا وأبو سمبل في المنطقة التي أصبحت بحيرة ناصر بعد بناء السد العالي جنوبأسوان, وعدد الناطقين بها مليون نسمة طبقا للموسوعة العالمية للغات عن اللغة النوبية, وكانت شفرة النصر في حرب أكتوبر1973 واستخدمت شفرة في الجيش المصري, وهي من ضمن أسباب النصر, مشيرا إلي أن النوبيين حافظوا علي لغتهم, واللغة النوبية فرعان: الفديجا, والكنوز بنفس الحروف, وحروف اللغة النوبية24 حرفا. ويستطرد قائلا: ومن أجل الحفاظ علي اللغة وتعريفها للأجيال الجديدة والنشء, قامت جمعية التراث النوبي بإعداد كوادر شبابية لتعليم اللغة النوبية, وبالفعل تم إعداد12 شابا نوبيا من مناطق مختلفة للحفاظ علي اللغة النوبية ولهجتها: لهجة الكنوز, والفديجا, لإحياء اللغة النوبية من جديد, وحتي تبقي ولا تندثر بمرور الزمن, فالأجيال الجديدة تغيب عنها خصائص اللغة النوبية, فاللغة النوبية خالية من المذكر والمؤنث, وأداة التثنية, وبالتالي فهي لا تعرف المثني, واللغة النوبية تجعل الاسم مثني بإضافة أووي أي اثنين, واللغة النوبية تخلوا من أداة التعريف, لذا كل الأسماء في النوبة معرفة ما لم يلحق بآخرها أداة التنكير, والأصل في اللغة النوبية تقديم الفاعل علي فعله بعكس اللغة العربية التي الأصل فيها تقديم الفعل علي الفاعل, فنقول محمد أكل, واللغة النوبية من اللغات الكاشفة التي يمكن أن يتغير معناها تبعا لإضافة مقطع في بدئها أو في جزعها. ويؤكد محمود شرف محمد رئيس نادي الكنوز العام بالإسكندرية, أن للمرأة النوبية دورا مهما وحيويا في الحفاظ علي التراث النوبي واللغة النوبية, وإقامة المعارض الفنية الخاصة بالمشغولات البدوية الدقيقة. ويختتم شرف كلماته بقوله: اللهجة النوبية هي بنت المحاكاة ويتعلهما الطفل وهو صغير, ونشعر الآن بنوع من الانقراض يحدث لها الآن لأن معظم الأبناء يعيشون خارج النوبة, لذلك لا يتحدثون بها. ويري الأثري أحمد عبدالفتاح عضو اللجنة الدائمة للآثار المصرية, أن اللغة النوبية تمثل التراث المشترك لكل من اللغات المروية حضارة مروة النوبية والإغريقية والقبطية والعربية, وقد تخلقت هذه اللغة من خلال التاريخ الحضاري الطويل للنوبة, والثقافات التي ترسبت في الوعاء الثقافي النوبي. لافتا إلي أن هناك أدبا نوبيا مدونا باللغة النوبية القديمة, واللغة النوبية بدأ تدوينها منذ زمن, وتكمن عبقرية اللغة النوبية في أنها تدخل كل لغات وثقافات مصر القديمة والحديثة وتختزلها بإعجاز عجيب, ويري أن اللغة النوبية جديرة بأن تحتل كرسيا في جامعاتنا في قسم اللغات الشرقية بجانب شقيقتها اللغة العربية. فهذه هي الجذور الحقيقية, والأقرب لأصالتنا وحضارتنا, فاللغة النوبية ثقافة مصر الإفريقية, ومفتاح حضارة نهر النيل, وهي الوعاء المصري للعقل الإفريقي, ومفتاح الثقافة المصرية القديمة.