مصر وأذربيجان توقعان بروتوكول تعاون بين وزارتي البترول والاقتصاد في البلدين    بالصور- ننشر أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بجنوب سيناء    وزير الصحة يحيل المتغيبين عن العمل للتحقيق بمستشفى مارينا    ارتفاع عدد ضحايا مجزرة النصيرات إلى 150 شهيدًا    مصر تواصل جهودها فى تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة (فيديو)    منتخب مصر يطير إلى غينيا بيساو عصر اليوم    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    «سيتفوق على الجميع».. رسالة خاصة من زيدان إلى مبابي    54 ألف طالبًا ب 140 لجنة.. الإسكندرية تنهي استعداداتها لماراثون الثانوية العامة    استمرار حبس المتهم بإلقاء مادة ك أو ية على طليقته في منشأة القناطر    السجن المشدد 5 سنوات لمتهم في إعادة محاكمته بقضية "أحداث كفر حكيم"    "أكليني وهاتي لي هدوم".. آخر ما قالته "آية" ضحية سفاح التجمع    شيرين رضا تعلن بشكل مفاجئ: "قررت الاعتزال"    شاهد فيديو جديد لصفع عمرو دياب أحد المعجبين.. ماذا فعل الشاب؟    ثقافة اسوان يناقش تأثير السيوشال ميديا "فى عرض مسرحى للطفل    الليلة.. صالون "نفرتيتي" يسير على خطى العائلة المقدسة بالأمير طاز    إجراء عاجل من وزير الصحة تجاه المتغيبين عن العمل بمستشفى مارينا المركزي    سما الأولى على الشهادة الإعدادية بالجيزة: نفسى أكون دكتورة مخ وأعصاب    السكة الحديد تعلن جداول قطارات خط «القاهرة - طنطا - المنصورة – دمياط»    عاجل| 6 طلبات فورية من صندوق النقد للحكومة... لا يمكن الخروج عنهم    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    أبرز 7 غيابات عن منتخب إنجلترا فى يورو 2024    رجال الأعمال تناقش تعزيز مساهمة القطاع الخاص لتحقيق مستهدفات القطاع الزراعي    ناقد فني: نجيب الريحاني كان باكيًا في الحياة ومر بأزمات عصيبة    لماذا الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؟.. مركز الأزهر العالمي يُجيب    تنظيم 6 ورش عمل على هامش مؤتمر الأوقاف الأول عن السنة النبوية (صور)    الكشف على 1237 مريضا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بالمنيا    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    80 شهيدا وعشرات الجرحى فى غارات إسرائيلية على مخيم النصيرات ومناطق بغزة    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    خبير: برنامج تنمية الصعيد في مصر سيكون مثالا يحتذى به في كل دول القارة الإفريقية    الدفاع الروسية: قوات كييف تتكبد خسائر بأكثر من 1600 عسكري وعشرات الطائرات المسيرة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 142 مخالفة عدم الالتزام بقرار غلق المحال    تضم هذه التخصصات.. موعد مسابقة المعلمين الجديدة 2024    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    الإفتاء توضح حكم تجميع جلود الأضاحي ثم بيعها في مزاد علني بمعرفة جمعية خيرية    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    توجيهات من الصحة بشأن المدن الساحلية تزامنًا مع عيد الأضحى والعطلات الصيفية    العمل: تشريع لحماية العمالة المنزلية.. ودورات تدريبية للتعريف بمبادئ «الحريات النقابية»    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    معسكرات داخلية وخارجية.. اللجنة الأولمبية تتابع خطط الاتحادات استعدادا ل باريس    خبيرة فلك تبشر برج السرطان بانفراجه كبيرة    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    «الدواء»: المرور على 9 آلاف صيدلية وضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ب 7 محافظات    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    ب300 مجزر.. «الزراعة» ترفع درجة الاستعداد القصوى استعدادًا لعيد الأضحى    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سد النهضة وأبعاده الإستراتيجية
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 05 - 2013

مع اقتراب صدور تقرير اللجنة الثلاثية التي تقوم بدراسة أعمال سد النهضة الاثيوبي, تشتد حالة الجدل ويتصاعد الاهتمام بواحدة من أهم القضايا المصيرية التي ستؤثر ليس فقط علي المصالح المائية المصرية بشكل دائم
وإنما علي مكانة مصر ودورها وطبيعة التوازنات الإستراتيجية في حوض النيل, والتي ستتخذ منحي جديدا عقب اكتمال سلسلة السدود الأثيوبية علي النيل الأزرق الذي يعد الرافد الأساسي الذي يمد النيل الرئيسي بنحو50 مليار متر مكعب في المتوسط من اجمالي المياه التي تصل عند أسوان والمقدرة كما هو معروف بنحو84 مليارا.
وفي الوقت الذي تشير فيه الدراسات المصرية المتخصصة إلي حجم هائل من السلبيات الفنية والبيئية, الناتجة عن سد النهضة, والتي سوف تسبب لمصر أضرارا ممتدة تشمل مجالات عدة, نجد أن الموقف الرسمي الذي يعبر عنه وزير الري الدكتور محمد بهاء الدين عبر تصريحاته المتكررة, يتصف بنوع من المراوحة والارتباك, في تحديد الموقف, وإن كان الاتجاه الغالب عليه هو التهوين من الأزمة, مستبقا بذلك تقرير اللجنة الثلاثية, الذي طال انتظاره, والذي سوف يعلن كما هو مقرر في نهاية هذا الشهر.
يضاف إلي ذلك أن الموقف المصري لم يكتف بالتهوين من الأزمة, بل قام بطريقة غير مفهومة وغير مبررة, بقصر رد الفعل المصري في حالة ثبوت التأثيرات السلبية لسد النهضة, علي السعي إلي التفاوض مع إثيوبيا حول عدد سنوات ملء خزان السد والسياسة التشغيلية, الأمر الذي يعني انهيار الموقف التفاوضي المصري, قبل أن تبدأ أي مفاوضات أو تحركات جدية حول أخطار وتداعيات هذا السد علي المصالح المائية المصرية.
وتجدر الإشارة هنا إلي عدد من الملاحظات علي النحو التالي:
أولا: إن الطبيعة الحاكمة لأزمة السدود الإثيوبية ذات أبعاد سياسية وإستراتيجية, وليست تنموية أو فنية فقط, كما تحاول إثيوبيا أن تروج, ومن ثم فإن المعالجة يجب أن تسير في الاتجاه نفسه. ويمكن ملاحظة أن إثيوبيا غيرت تصميم سد النهضة, أكثر من مرة, بعد أن كان اسمه سد بوردر لتضاعف ارتفاعه وسعته التخزينية لتصل الي74 مليار متر مكعب. كما أعلنت تكوين اللجنة الثلاثية باختصاصات غير ملزمة في الوقت الذي بدأت فيه عملية الإنشاء بالفعل, وذلك كمناورة سياسية لكسب الوقت, ولتحويل السد إلي أمر واقع. يتصل بذلك التصريحات الرسمية الخشنة التي يطلقها الجانب الاثيوبي طوال الوقت, وآخرها تصريح السفير الاثيوبي في القاهرة في ابريل الماضي سنبني السد شاء من شاء, وأبي من أبي, وكأن النيل الأزرق نهر اثيوبي داخلي تتصرف فيه كما تشاء وليس نهرا دوليا يجب مراعاة مصالح الأطراف الأخري المتشاطئة عليه.
ثانيا: هناك احتمالات واضحة لانهيار السد وانخفاض معامل الأمن فيه, وهذا لو حدث سيمثل كارثة تغرق الخرطوم بارتفاع للمياه يصل إلي16 مترا وتدمر كل المنشآت المائية وتغرق كل المدن والاراضي وصولا إلي السد العالي, الذي سيعاني أيضا وضعا حرجا, وقد يكون معرضا للانهيار في سيناريوهات معينة. يجب الانتباه أيضا إلي أن سد النهضة هذا ليس آخر المطاف بل ستضاف إليه ثلاثة سدود أخري هي كارادوبي وبيكو أبو و مندايا, بسعة تخزينية إجمالية سوف تصل الي200 مليار متر مكعب. ومن ثم فان الرضوخ للتجاهل الاثيوبي لحقوق مصر ومصالحها يعني أن هذا الاتجاه سيستمر وسنواجه أزمات أخري ماحقة في المستقبل.
ثالثا: إن اكتمال السد بوضعه الحالي, سيجعل إثيوبيا هي الطرف المتحكم في تمرير كميات المياه الي كل من مصر والسودان طبقا للمصالح الإثيوبية في توليد الكهرباء, وبذلك يتحقق حلم إثيوبي قديم في التحكم في مياه النهر والضغط علي مصر, كما أن ذلك قد يؤدي في ظل سيناريوهات معينة الي اثارة نزاع بين مصر والسودان علي المياه, وهذا يمثل هدفا اثيوبيا آخر.بما يعني ان اثيوبيا تسعي عبر هذا الاجراء الي تكريس هيمنتها علي القرن الافريقي ومد هذه الهيمنة الي حوض النيل, عبر التحول الي مركز للتحالفات الاقليمية علي حساب مصر ومصالحها.
في المقابل نجد أن الموقف المصري, يبدي نوعا من الرضوخ والاستسلام للموقف الاثيوبي, عبر الحرص علي ما يسمي عدم إشاعه التوتر, ويؤكد أن المسئولين الإثيوبيين قالوا إنهم لن يلحقوا الضرر بمصر, وهو قول مثير للدهشة والاستغراب, إذ كيف يمكن الاعتماد علي تصريحات إعلامية تطلق لغرض واضح هو كسب الوقت, دون أن يكون هناك أي اتفاق أو تفاهم مكتوب, كما أن عدم الضرر من وجهه نظر إثيوبيا يختلف عن مفهومه لدي مصر, فإثيوبيا تقول بالاستخدام العادل والذي تنتهي من خلاله إلي أن حصة مصر العادلة هي40 مليار متر مكعب سنويا فقط, بما يعني أن نقصان15 مليار من حصة مصر لا يعد ضررا.
رابعا: إن الموقف الاساسي لمصر ينبغي أن يبني علي أساس المطالبة بعودة السد إلي التصميم الأول لسد بوردر, الأمر الذي يعني تحقيق مصالح الطرفين, بتوليد قدر من الطاقة لإثيوبيا, مع تخفيف الأضرار المترتبة علي مصر إلي مستوي يمكن تحمله أو التعايش معه, وإلا فانه يجب علي مصر أن تبقي كل الخيارات مفتوحة ومطروحة. كما إن هناك قلقا وخشية واضحة تتزايد يوما بعد آخر, أن يؤدي اسلوب التعامل الحالي إلي وضع شبيه بالحالة التي فوجئنا فيها بالخلافات العميقة حول الاتفاقية الإطارية والتي أدت إلي عملية التوقيع المنفرد لدول المنابع, بعد ان عشنا لفترة طويلة تحت وهم التطمينات, والتي تبين فيما بعد أنها كانت علي غير هدي أو أساس سليم.
لمزيد من مقالات هانىء رسلان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.