في الآونة الأخيرة أثير عدد من القضايا التعليمية الشائكة علي الساحة نتج عنها جدل واسع بين الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين, أبرزها إلغاء الشهادة الابتدائية, تلك الشهادة الحائرة بين وزراء التعليم السابقين, مرة بإلغائها, ثم رجوعها, وأخيرا إلغاؤها مرة ثانية. أما الثانوية العامة فهي ذلك البعبع الذي يخيف الطلاب, وكذلك أولياء الأمور الذين يتكبدون أموالا طائلة في الدروس الخصوصية ترقبا للنتائج, تمهيدا لدخول الجامعات, ثم النظام الجديد للثانوية العامة والدراسة في الصف الثالث الثانوي وتحديد مواد تضاف للمجموع, وأخري خارج المجموع, ويتبع ذلك نظام جديد للمرحلة الثانوية ككل. الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم في حواره مع الأهرام أجاب بكل صراحة عن العديد من الأسئلة, وإليكم الحوار: إلغاء الشهادة الابتدائية هل يعني المساس بالسلم التعليمي المعمول به؟ ولماذا تم التفكير فيه؟ هل هو توفير للنفقات فقط؟ وما هو البديل لضمان إعداد تلميذ ذي مستوي جيد؟ ما أريد أن أقوله: إن هذا القرار لم يأت بجديد, إنما هو تفعيل لنص قانون التعليم الذي ينظم الدراسة في مرحلة التعليم الأساسي في مادتيه17 و18 حيث تنص الأولي علي تأكيد التربية الدينية والوطنية والسلوكية والرياضية خلال مختلف سنوات الدراسة, وتأكيد العلاقة بين التعليم والعمل المنتج, وتوثيق الارتباط بالبيئة علي أساس تنويع المجالات العلمية والمهنية بما يتفق وظروف البيئات المحلية, ومقتضيات تنمية هذه البيئات, وتحقيق التكامل بين النواحي النظرية والعملية في مقررات الدراسة وخططها ومناهجها. كما تنص المادة نفسها علي ربط التعليم بحياة الناشئين, وواقع البيئة التي يعيشون فيها بشكل يؤكد العلاقة بين الدراسة والنواحي التطبيقية, علي أن تكون البيئة وأنماط النشاط الاجتماعي والاقتصادي بها من المصادر الرئيسية للمعرفة والبحث والنشاط في مختلف موضوعات الدراسة. وما يجب أن أشير إليه أننا لم نلغ الصف السادس الابتدائي, ولكن حولناه إلي سنة نقل عادية مثل أي سنة قبلها أو بعدها يؤدي الطالب الامتحان علي مستوي المدارس وليس علي مستوي المحافظات, خاصة أن المادة18 المشار إليها لم يأت علي الإطلاق ذكر فيها لامتحان الشهادة الابتدائية, وإنما تنص علي عقد امتحان من دورين علي مستوي المحافظة في نهاية مرحلة التعليم الأساسي, أي الصف الثالث الاعدادي, ويمنح الناجحين فيه شهادة إتمام الدراسة, ويصدر بنظام الامتحان قرار من الوزير بعد موافقة المجلس الأعلي للتعليم قبل الجامعي. لكن بصرف النظر عن التوفير الذي يتحقق ماديا من الشهادة الابتدائية, فإننا نسعي لتطبيق مواصفات محددة للمنتج التعليمي تكون مرتبطة بالسلم التعليمي نفسه ما يسمي مراقبة الجودة في كل سنة من السنوات الدراسية بحيث يتم تقويم ما يحصله التلميذ في نهاية كل عام بامتحان عام أو اختبار عينة عشوائية من التلاميذ. وقد كلفنا المركز القومي للامتحانات بعقد اختبار قومي للصف الثالث الابتدائي لمساعدة المسئولين عن التعليم للتعرف علي مخرجات هذه المرحلة, وتقويم التلاميذ بعد اختبارهم في المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب إلي3 فئات, الأولي( أ) وهم التلاميذ الممتازين, والثانية( ب) لمتوسطي المستوي, والثالثة( ج) للتلاميذ ضعاف المستوي, وبناء عليه سيتم إخضاع التلاميذ لبرامج علاجية خلال فترة الصيف, وسوف يتم اختيار عينات التلاميذ في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والريفية والشعبية. بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها كنترولات مدارس وإدارات بعض المحافظات, ومنها كفر الشيخ وأسيوط, من سرقة أوراق الأسئلة قبل بدء الامتحانات, ينتاب أهالي وطلاب الثانوية العامة القلق والتوتر خوفا من تعرض أعمال امتحانات الثانوية العامة والدبلومات الفنية لمثل هذه الأعمال, فهل لديك ما يطمئن الجميع في هذا المجال؟ إن ما حدث ليس ظاهرة, وعندما يسرق كنترول مدرسة أو اثنتين من إجمالي49 ألفا علي مستوي الجمهورية, وفي ظل الظروف التي نعيشها ويعرفها الجميع, فإن الأمر يكون شبه طبيعي, ولكن يجب ألا ينتابنا أي خوف في هذا المجال, لأننا اتخذنا من إجراءات ما هو كفيل بمواجهة ظروف طارئة خلال فترة الامتحانات, فالأسئلة التي تسربت برغم أنها لسنوات النقل سرقت ولم تتسرب, وتم اكتشافها في الحال واتخاذ إجراء فوري لتغييرها بالاستعانة بالامتحانات البديلة أما علي مستوي الثانوية العامة فهناك تنسيق تام بين التربية والتعليم و الدفاع والداخلية لتأمين جميع مراحل العملية الامتحانية, ونستطيع أن نؤكد أنه لا مجال علي الإطلاق لتكرار مثل هذه الأحداث الفردية في امتحانات الثانوية أو الدبلومات, لأن مراكز التوزيع الخاصة بالأسئلة مؤمنة تأمينا كاملا يصعب اختراقها والمساس بها, وقد أطلقنا حملة وخصصنا خطين ساخنين للإبلاغ عن عدم الانضباط في العملية التعليمية, سواء النقل أو الدبلومات الفنية أو الثانوية العامة, لأنه بمنتهي البساطة لا يمكن أن يتخرج الغشاشون من مدارسنا ثم يصبحوا مخرجات تعليمية ناجحة مستقبلا, بل العكس سيكونون فاسدين وفاشلين. وماذا عن مستوي أسئلة امتحانات الثانوية العامة هذا العام, ومواصفات الورقة الامتحانية؟ لا تغيير في مواصفات الورقة الامتحانية, فهي موضوعة بمعرفة المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي, وتخضع لمقاييس ومعايير محددة التزم بها واضعون الأسئلة في كل المواد, وبالتالي لا مساس بالأسئلة المخصصة للطالب المتوسط, أو النسبة الموجهة للمتميزين التي لن تتعدي15% من إجمالي الورقة الامتحانية. ولسنا في حاجة للقول إن الأسئلة ستكون من المنهج المقرر, لأنه من الطبيعي أن تكون كذلك, وهنا أطمئن الطلاب وأولياء الأمور لأن ما يهمهم هو اتباع أسلوب موحد في تقدير درجات الإجابات التي يدونها الطالب داخل كراسته, حيث سيتم لأول مرة تشكيل لجان فنية لمراقبة جودة التصحيح بحيث يتم تكليف لجنة من المتخصصين في كل مادة لزيارة الكنترولات والتأكد من أن المعايير واحدة في تصحيح كراسات المادة, وأن تقدير الدرجات يتم وفق أساليب محددة ليس من بينها الهوي الشخصي للمصحح, وأي مدرس مصحح سيتم اكتشاف تعمده إساءة تقدير إجابة الطالب, سواء بالسلب أو الإيجاب, سوف يعاقب عقابا شديدا يصل للحرمان من أعمال الامتحانات لمدة لن تقل عن5 سنوات. كما أننا قررنا لأول مرة تخفيض عدد أوراق الإجابات التي يقوم كل مصحح بتقديرها من24 ورقة إلي16 ورقة فقط في اليوم, مع حصوله علي العائد المادي نفسه دون نقصان, وذلك حتي يتأني كل منهم في أداء عمله بهدوء وبلا عجلة, ليحصل كل طالب علي حقه كاملا, بالإضافة إلي أننا اتفقنا مع وزارة التعليم العالي علي تحديد يوم25 يوليو لإعلان النتائج, أي تم مد أجل إعلان النتيجة لمدة10 أيام لمنح المصححين الفرصة لأداء أعمالهم بلا تسرع. وهل من الطبيعي أن يكون وزير التربية والتعليم بعيدا عن أعمال الامتحانات كما هو الحال معكم هذا الحال بسبب دخول ابنكم امتحان الصف الثالث الثانوي؟ صحيح لدي مانع قانوني للإشراف علي امتحانات الثانوية العامة, وأصدرت قرارا منذ أشهر ليتولي رئيس قطاع التعليم العام مهمة رئاسة الامتحانات, ولكن هذا لا يمنع أنني أسانده بكل الوسائل, ولن أتركه في أي شأن إداري بعيدا عن الأعمال الفنية ذات الصلة المباشرة من خلال الاتصال بوزيري الدفاع والداخلية, والتأكد من اتخاذ جميع الأساليب والإجراءات اللازمة لتأمين العملية الامتحانية, والاطمئنان كذلك علي سلامة ومستوي جودة الاستراحات التي سيقيم فيها الملاحظون, ومقدرو الدرجات, وتجهيز الكنترولات بما تحتاجه من أدوات لتوفير الراحة التامة لجميع العاملين بها, بما يعود بالنفع لمصلحة الطلاب. ما هو قولكم علي ما يتردد علي ألسنة البعض بأن الوزارة سوف تتعمد هذا العام وضع أسئلة صعبة للطلاب لتسهيل مهمة الجامعات الخاصة؟ هذا الكلام لا أساس له من الصحة, وأعتقد أن وزارة التعليم العالي تبحث حاليا التوسع في منظومة التعليم المفتوح من خلال إنشاء الجامعة المصرية المفتوحة, التي تستوعب أكبر عدد من الحاصلين علي الثانوية العامة الذين لا يستطيعون اللحاق بالكليات التي يريدونها. أعلنتم أخيرا عن النظام الجديد للدراسة في الثانوية العامة وقد قوبل بردود فعل متباينة نتيجة إقصاء مواد كالجيولوجيا وعلوم البيئة وعلم النفس والاجتماع وجعلها مواد علي مستوي المدرسة.. فكيف اخترتم هذا النظام؟ من يقول هذا هم محترفو الدروس الخصوصية الذين لمست دخولهم الخيالية من وراء تدريس تلك المواد التي تم اختيارها بعناية فائقة من خلال متخصصين محايدين تماما, ورأوا أننا لابد من تحديد أقل عدد من المواد التي تحدد اتجاه الطلاب, سواء في العلمي أو الأدبي, وتساعدهم علي الالتحاق بالكليات الراغبين فيها. ماذا عن المشروع الجديد لتطوير الثانوية العامة؟ حتي الآن نقوم بعقد جلسات الحور المجتمعي للفئات المختلفة, وكان آخرها مع لجان وزارة التعليم العالي, وسوف نلتقي قريبا بمجالس الآباء والمعلمين والاتحادات الطلابية, وذلك بهدف الخروج بآراء محددة بكيفية الوصول إلي تطوير شامل للمرحلة الثانوية بعيدا عن أي تسييس للتعليم, وذلك من خلال استعراض التجارب الناجحة عالميا, مثل تجارب ماليزيا وتركيا والبرازيل وسنغافورة في النهوض بالعملية التعليمية, خاصة في المواد التي لا علاقة لها بالهوية الوطنية أو الدينية, مثل الفيزياء والكيمياء والرياضيات, حتي لا نبدأ من الصفر كما يحدث كل مرة. تحدثتم أكثر من مرة عن الهيئة القومية للتعليم الفني, فما الذي وصلتم إليه؟ مازال همي الأول والأخير هو طالب التعليم الفني, فإذا أحسن إعداده سيسهم بلاشك في تنمية اقتصاد بلده القومي مستقبلا. وقد انتهت اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء برئاسة وزير العدل من إعداد مشروع القرار الجمهوري الخاص بإنشاء الهيئة القومية للتعليم الفني والتدريب المهني, وتتولي الهيئة الجديدة جميع الأمور المتعلقة بالتعليم الفني, سواء قبل الجامعي أو العالي. وفور صدور القرار الجمهوري من الرئيس محمد مرسي, تتولي الهيئة الجديدة الإشراف الكامل علي التعليم الفني والتأهيل المهني, ويضم إليها جميع المدارس الفنية الصناعية والتجارية والزراعية, والتي تضم نحو ثلثي العدد الإجمالي لطلاب المدارس المصرية, وكذلك الكليات التكنولوجية التابعة للتعليم العالي, بالإضافة إلي كل مراكز التدريب المهني والتأهيل الفني دون أن يكون لأي وزارة أخري علاقة بالمؤسسات التعليمية التي ستنشئها الهيئة الجديدة. وفيما يتعلق بوضع المعلم وآخر أخبار الكادر الخاص بالمعلمين؟ المعلمون حقوقهم همي الأول والكادر هو جملة من الحقوق والواجبات, فعلي المعلم أن يقدم الواجبات ثم يطلب الحقوق, علما بأن الكادر لا يعطي مزايا مادية للمعلم, بل مزايا معنوية وأدبية أكثر. وقد تم تدبير موازنة صرف البدل النقدي للمعلمين بنسبة50% حسب قرار رئيس الجمهورية, وذلك حتي30 يونيو المقبل باستثناء محافظتي الشرقية والإسكندرية, وجار البحث عن حلول لهما. وأشار إلي أن صدور اللائحة التنفيذية لقانون الكادر الخاص التي اعتمدها رئيس مجلس الوزراء أخيرا سوف يسهل اختيار مديري ووكلاء المدارس والإدارات والمديريات بأسلوب مختلف يتمتع بالشفافية والنزاهة, والبعد عن المحسوبية والمجاملات. التقويم الشامل مشكلة كبيرة للمعلم والطالب وولي الأمر.. فهل ستعيدون النظر في تطبيقه؟ لابد أن تعدل القرار313 الخاص بالتقويم الشامل, ولابد أن يكون مضمونه شاملا وبسيطا جدا أو مباشرا, هذا الكلام لا أساس له من الصحة, وأعتقد أن وزارة التعليم العالي تبحث حاليا التوسع في منظومة التعليم المفتوح من خلال إنشاء الجامعة المصرية المفتوحة, التي تستوعب أكبر عدد من الحاصلين علي الثانوية العامة الذين لا يستطيعون اللحاق بالكليات التي يريدونها.