أراد الدب أن يذهب إلي المدينة, فارتدي أفخم ثياب وأفضل حذاء, وقال لنفسه:كم أبدو أنيقا.. سيحترمني أهل المدينة, فملابسي تناسب آخر طراز..وكان الغراب يجلس فوق غصن شجرة قريبة, وعندما سمع الدب اندفع ناعقا: لا أوافقك علي ما تقول, فملابسك هذه انتهي زمانها.. أنا عائد الآن من المدينة, ويمكنني أن أصف لك ما يلبسون هناك. صاح الدب في شغف: أنت خير مستشار.. أرجوك أخبرني, فأنا أحب ارتداء الملابس المناسبة. قال الغراب: إنهم يضعون جميعا أحد أوعية الطبخ علي رؤوسهم لحمايتهم من أشعة الشمس, ويلتفون بملاءات أسرة بيضاء رمزا للطهار والنقاء, ولا يلبسون أحذية بل يضعون أقدامهم في أكياس من الورق لتفادي ما يحدثه ضيق الأحذية من أضرار. صاح الدب: معني ذلك أن كل ملابسي خطأ! ثم أسرع عائدا إلي منزله, وسرعان ما وضع وعاء طبخ فوق رأسه, ولف حول نفسه ملاءة فراش بيضاء, ووضع أقدامه في أكياس ورقية كبيرة.. بعدها اندفع خارجا وقد امتلأ ثقة بنفسه وأناقته! لكن لدهشته, عندما وصل المدينة وشاهده الناس, انطلقوا يشيرون إليه ويقهقهون بأصوات عالية ويتصايحون: انظروا.. يا له من دب مثير للسخرية! وأسرع الدب عائدا إلي منزله, وقد أصابه الهم والارتباك... في الطريق قابل الغراب مرة أخري, فصاح فيه: لماذا لم تخبرني بالحقيقة ؟ نعق الغراب وهو يطير قافزا من شجرة إلي شجرة: تعودت أن ألقي علي مسامعك نصائح كثيرة, وأنت تعرف أن آرائي في كل استشارة سابقة انتهت بكارثة, فلماذا صدقتني هذه المرة ؟! وعلي الرغم من أن الغراب كان يطير علي ارتفاع كبير, إلا أن الدب استطاع أن يسمع صوت نعيقه الساخر يجلجل عاليا بالضحك!!