في الوقت الذي ينتظم فيه التلاميذ داخل فصولهم, تعج الشوارع الجانبية والنواصي ودور السينما بل والمقاهي أحيانا بزملائهم!!.. فلماذا ترك هؤلاء التلاميذ مدارسهم؟ ولماذا وجدوا متعتهم في تحدي الكبار حتي لو كان في هذا التحدي ضياع لمستقبلهم؟ مؤكد هناك أسباب, وهناك أيضا من هو مهمته البحث عنها وإيجاد حلول لها وهو الاخصائي الاجتماعي بالمدرسة, ذلك الشخص الذي يتذكره الكبار غالبا بأنه من كان يسطر أوراقا ويملأ بيانات واستمارات للطلبة ذوي الظروف المادية الصعبة لإعفائهم من المصروفات أو الذي يستقبل التلميذ الذي ارتكب خطأ سلوكيا فيطلب استدعاء ولي أمره, أما جيل الشباب فيرون أنه إما نموذجا لشخص يؤدي عمله بشكل روتيني أو آخر مختلف يقدر ظروفهم ويبحث مشاكلهم ويوجههم إلي الاخصائي النفسي إذا لزم الأمر.. فغالبية الأجيال الجديدة من الاخصائيين الاجتماعيين رفضوا تهميش دورهم داخل المدارس وقاموا بدور حقيقي خاصة أن هذا الدور تكاملي بوجود الاخصائي النفسي, ولأنهم لم يدرسوا علم الاجتماع نظريا فقط بل مارسوا العمل الاجتماعي بكليات الخدمة الاجتماعية علي أيدي أساتذة مؤمنين بأهمية دورهم وتطويره من أجل النهوض بالمجتمع مثل د.إقبال الأمير السمالوطي عميدة كلية الخدمة الاجتماعية سابقا والتي ربطت العمل الأكاديمي بالعمل الميداني من خلال منتدي التطوع بالكلية وأيضا من خلال جمعية حواء المستقبل التي ترأس مجلس إدارتها, ولم تدخر جهدا في المساهمة في أي نشاط يتعلق بتطوير أداء الاخصائي الاجتماعي, وكان آخر هذه المشاركات إدارتها للنقاش بالمائدة المستديرة التي نظمتها جمعية المرأة والمجتمع لطرح مبادرة لتطوير منظومة التربية الاجتماعية والنفسية لمكافحة العنف والتسرب التي أعدتها الجمعية بمشاركة وزارة التربية والتعليم ودعم منظمة الأممالمتحدة للطفولة اليونيسيف. فجمعية المرأة والمجتمع التي ترأس مجلس إدارتها سهام نجم تولي أهمية خاصة لتطوير التعليم وتوفير بيئة جاذبة للتلاميذ, والاستفادة من طاقات الشباب في تحقيق هذا الغرض, لذلك تبنت العديد من المشروعات والبرامج كان آخرها إطلاق هذه المبادرة التي جاء دعم منظمة اليونيسيف لها- كما أوضحت إيناس حجازي مديرة قسم التعليم بالمنظمة- في إطار اهتمامها بالمدارس وتأكيدها علي احترام حق الطفل في الحصول علي تعليم جيد وتمكينه من تطوير قدراته وتوفير بيئة تعليم آمنة واحترام الاختلاف وهو ما يعتبر أساسا لمنع ظاهرة العنف التي تعيق عملية التعليم, خاصة أن75% من الأطفال يتعرضون للعنف بأشكال مختلفة في المدارس والمنازل. هذه النسبة ليست بالهينة إذا ما علمنا أن هؤلاء الأطفال هم ربع سكان مصر, فكما قالت سهام نجم يوجد20 مليون إنسان داخل مدارس التعليم قبل الجامعي لابد من الاهتمام بتشكيل عقولهم ووجدانهم, لذا كانت هذه المبادرة والخروج باستراتيجية لبناء قدرات القطاع الاجتماعي والنفسي بوزارة التربية والتعليم ودعم السياسات الخاصة بحماية الطفل من العنف المدرسي والمجتمعي وتمكينه من المشاركة في صنع القرار. هذا الأمر أكده أيضا د.علي الألفي رئيس الإدارة المركزية للتعليم الأساسي ورياض الأطفال في وزارة التربية والتعليم, مشيرا إلي أن الاخصائي الاجتماعي والاخصائي النفسي من العناصر الفاعلة في توفير المناخ التربوي الذي تنمو وتزدهر فيه العملية التعليمية, لذلك تحرص الوزارة علي استمرار تدريبهما أثناء الخدمة. الهدف من اللقاء كان عرض المبادرة ومناقشة الاستراتيجية التربوية الاجتماعية والنفسية لمكافحة التسرب والعنف بالمدارس وعرض تقرير تحليلي للمناطق الجغرافية الأكثر خطورة للتسرب والعنف ولدليل تدريبي للاخصائي النفسي والاجتماعي بمكافحة العنف والتسرب. هذا الدليل كان محل استفسارات واهتمام الاخصائيين الاجتماعيين ومن بينهم هيام هلال حسن- اخصائية اجتماعية بإدارة العجوزة التي قالت ان المبادرة اشتملت علي تدريب عملي, وأفضل ما في التدريب الذي رشحت له عن طريق التوجيه بالوزارة بأولوية الكفاءة, هو ورش العمل لأنها أضافت إلي جانب الدراسة النظرية مناقشة المشاكل الحقيقية للاخصائي الاجتماعي الذي لا تقل مهمته أهمية عن دور المعلم, ونجاح هذه المهمة يتوقف بدرجة كبيرة علي تفهم مدير المدرسة لأهميتها في التغلب علي كثير من المشاكل مثل العنف والتأخر الدراسي والغياب المتكرر والتسرب, وكلها ترجع لأسباب تحتاج إلي بحث وتدخل لحلها سواء كانت هذه الأسباب من المدرسة أو الأسرة, وهذه مهمة الاخصائي الاجتماعي الذي يكتمل دوره بوجود الاخصائي النفسي, وإن كانت هناك مشاكل مازالت تعوق قيام كل منهما بدوره الذي يتمناه منها ضعف الميزانية وانتشار العنف بالمدارس. محمد محمد مرزوق-اخصائي اجتماعي من محافظة الأسكندرية يري أن أهم صفة يجب توفرها في الاخصائي الاجتماعي هي حب المهنة, وأن التدريب الذي حصل عليه في إطار المبادرة لم يقدم له المعلومة جاهزة بل أخرجها منه وعلمه كيفية تطبيقها, أي- علي حدوصفه- خربش الصدأ من رأسه والذي كاد يعطل أداءه هو وزملاءه الذين لديهم رغبة في التجديد ولكنهم يصطدمون بمحاولات حصرهم في مهام نمطية وعدم احترام رؤيتهم ورغبتهم في التطوير والاستهانة بأفكارهم لصغر سنهم مع أن هذا مايجعلهم أقرب إلي الطلبة لأنهم يتواصلون معهم بلغتهم وأدواتهم, فمشكلةالطالب أنه لا يجد من يسمعه, والآن نحن نسمعه ونتواصل معه عن طريق الانترنت وغيره, أي لا ننفصل عنه بمجرد الخروج من المدرسة بل يشعر أننا بجانبه دائما, وكذلك الاخصائي النفسي لما لدوره من أهمية كبري للطالب وللاخصائي الاجتماعي.