إذا كان المسيح لم يقم من بين الأموات فإيماننا باطل(1 قورنتس13:15) إلي إخوتي الكهنة الأحباء والراهبات الفاضلات, وأبناء الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية في ابرشية الاسكندرية, والي المؤمنين بالمسيح أبناء الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية. بهذه البشارة المفرحة والسارة, نلقي في هذا الصباح السلام علي بعضنا ونحن علي ثقة كاملة في تأكيدنا هذا علي قيامة السيد المسيح من بين الأموات كما يعلمنا القديس بولس الرسول رسالته الأولي إلي أهل دقورنتوس(15:1 28), مبينا بين حقيقة القيامة وعدمها تثبيتا للمسيحية بأجمعها أو تعطيلا كاملا ونهائيا لها. فالمسيح في ايماننا المسيحي. وعلي الرغم من قيامه علي الأرض بدور نبوي كامل, لم يقتصر عمله علي النبوة وحدها أو الإرشاد والهداية, بل تعدي هذا الوجه ليكون عملا انقاذيا أو فدائيا أو خلاصيا للإنسانية كلها مما كانت تتخبط فيه من شر وخطيئة وموت, وعملا تغييريا للكون والتاريخ, ويرفع معه أبناء البشر جميعا إلي إخوة متصالحين فيما بينهم بالحب. المسيح آدم الجديد: يعلمنا القديس بولس أيضا, أن السيد المسيح هو في التاريخ بمثابة آدم الجديد, أي بعد خطيئة آدم الأول وعصيانة أوامر الله انقلب الفردوس الأرضي الأول من جراء هذا التصرف إلي جحيم من الشر والانقسام والعداء, فحمل يسوع بموته علي الصليب ثقل خطايا كل أبناء البشر وقدم ذاته كفارة عنهم جميعا بدون استثناء, وذلك ليمنحوا بصليبه فرصة لانطلاقة جديدة وكيان جديد وحياة جديدة. والكنيسة التي أسسها السيد المسيح ليست إلا خادمة للإنسانية المدعوة كلها إلي أن تتجدد بالنعمة والحب. القيامة ثمار الرجاء والمحبة: أما قيامة المسيح, فهي تعني بالعمق أن هذا المشروع الخلاصي للبشرية بأسرها قادها إلي نجاح, وان قوة الشر علي الخير قد صرعت واستبعدت وتلاشت نهائيا من الوجود. هذه هي ثمرة الإيمان والرجاء والمحبة المزروعين في قلوب المؤمنين بقيامة المسيح. وفي المؤمنين بالله إيمانا صافيا يملأهم محبة وسلاما للناس أجمعين, ويدفعهم إلي عدم إهمال أحد من حساب هذه المحبة. ولولا قيامة السيد المسيح له المجد لما كان فينا أي أمل بمثل هذه الثمار كان إيماننا باطلا ولا نزال بخطايانا(1 قرونتس15:17). القيامة التزام وفحص ضمير: نحن المسيحيين ملتزمون بفعل إيماننا بالقيامة, وكل عمل نقوم به, يعني أن نبني إنسانية متضامنة حقا في كل ما يعود إلي الخير العام وتوزيع خيرات الأرض لكل أبنائها بدون استثناء. ونحن ملتزمون بذلك لأننا نؤمن بالأخوة الشاملة فوق حدود القوميات والاعراق والحضارات علي أنواعها... إن عملنا هو في سبيل خدمة الله وخدمة القريب. وما يريده الله منا أن نفعل الخير ونخدم كل إنسان. فالله يسعي لخلاص الإنسان بكل رحمته وحنانه ليرده عن ضلاله والعودة إليه, إن تحديات القيامة كثيرة والرب يطلب منا في نفض الأنانية والكبرياء من علي أجسادنا وقلوبنا, وإقامة العدل والإنصاف وترسيخ حياة الحب الصافي الذي لا غش فيه, لأن قيامة المسيح كانت في بادئ لأمر وما زالت انتصارا شخصيا له علي أن تصبح انتصارا لنا جميعا علي كل عداوة أو شر أو تقصير. فلنستقبل العيد بإيمان بقبولنا لمعانيه ومضمونه, وبهذا فرح القيامة يكتمل وبهجة القلوب تشع وتنشر حبه بين الناس. أسقف الإسكندرية للأرمن الكثوليك لمزيد من مقالات المطران كريكور أوغسطينوس كوسا