لا تزال مخاطر الإصابة بفيروس انفلونزا الطيور- المتوطن في مصر منذ7 سنوات- تهدد المزارع العشوائية, وسكان الريف, الذين يقومون بتربية الدواجن داخل البيوت, ويجهلون أعراض المرض, وطرق الوقاية منه! فقبل أيام, شهدت مدينة المنزلة وفاة أول حالة مصابة بالفيروس هذا العام علي مستوي الجمهورية, لتاجر من هواة تربية الحمام, ويقيم في منزل تحيط به ثلاث مزارع لتربية الدواجن, بينما تمكن الفيروس من إصابة خمسة اشخاص في العام الماضي, وأدي إلي وفاتهم, مما يثير المخاوف علي الثروة الداجنة من ناحية, وعلي المربين. وبينما يظن البعض أن ظهور الفيروس يقتصر علي موسم الشتاء, بسبب إغلاق النوافذ, وسد فتحات التهوية خلال عمليات التدفئة للمزارع, فإن الدكتور مصطفي بسطامي أستاذ الدواجن وعميد كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة سابقا- يقول إن الفيروس متوطن في مصر منذ عدة سنوات, ولا يقتصر ظهوره علي موسم الشتاء فقط, لكنه يظهر أيضا في مفاصل السنة بين الشتاء والصيف, لتغير درجة الحرارة, وعدم انتظام حالة الجو, ومع أنه متوطن في مصر ولم يتم القضاء عليه نهائيا, إلا أنه يتسم حاليا بالخمول, مشيرا إلي أن اللقاحات موجودة ومتوفرة, كما أن معدلات الإصابة بفيروس انقلونزا الطيور قد بدأت في الانحسارعما كانت عليه خلال السنوات الماضية, ولذلك لم تحدث سوي حالة وفاة واحدة منذ بداية العام الحالي وحتي الآن, لكن بشكل عام لا توجد مخاوف من الفيروس حاليا, واحتمالات ظهوره لا تزال موجودة, و مخاطره لا تزال قائمة. المشكلة والكلام مازال للدكتور مصطفي بسطامي- أننا نهدأ مع هدوء الفيروس, وننتفض عند ظهور حالات إصابة في المزارع أو بين البشر, وفي كل الأحوال, يجب أن نكون علي درجة عالية من الحذر, وعلي أهبة الاستعداد للمواجهة, لكن بشكل عام لا توجد مشكلة التحصين أو التطعيم, لكن من الأهمية اتباع إجراءات الأمان الحيوي بالمزارع, ولاشك أن أصحاب المزارع يلتزمون بذلك للحفاظ علي ثروتهم الداجنة, وتتمثل المشكلة الكبري في التربية الريفية, فمعظم حالات الوفاة بين البشر حدثت في الريف, حيث المزارع بدائية, ولا تلتزم بالاشتراطات والمواصفات المطلوب, ولا تتبع اساليب الوقاية, ولا تقوم بتحصين الداوجن ضد الفيروس, فضلا عن انعدام الوعي لدي المربين, مما يشكل خطورة كبيرة علي الدواجن في حالة ظهور إصابات بالفيروس, ولذلك لابد من توعيتهم بأعراض الإصابة, علي الطيور والبشر, وتوعيتهم بالاجراءات المطلوبة في حالة ظهور حالات إصابة, والوقاية صارت أكثر أهمية لتجنب الاصابة قبل وقوعها, مشيرا إلي أن أعراض إصابة الداوجن بالفيروس تتمثل في ظهور لون أزرق علي الوجه والجسم, وإفرازات من الأنف, وإسهال, واحتقان في الأوعية الدموية, ويؤدي الفيروس إلي إصابة البشر بأعراض مشابهة, منها التهاب في العين, وإفرازات من الأنف, والتهاب رئوي, وصعوبة في التنفس. الأمان الحيوي.. طوق النجاة ومن اسف أن كثيرا من المزارع الصغيرة المنتشرة في العشوائيات والمناطق الريفية, لا تتبع نظم وإجراءات الأمان الحيوي, ففيها لا يتم تصميم العنابر بشكل علمي, كما تغيب فتحات التهوية اللازمة لتوفير جو صحي وآمن للدواجن, كما أنه لا يجري اتباع الإجراءات الوقائية اللازمة, حيث يقوم أصحابها أو العاملين بها بغلق النوافذ في الشتاء لحماية الدجاج من البرد, نظرا لعدم وجود وسائل مناسبة للتدفئة في ظل أزمات البوتاجاز والسولار التي تشهدها البلاد حاليا, مما يسمح بانتشار الفيروس بسهولة بين هذه المزارع, وبالتالي نفوق كميات كبيرة من الدجاج, إلي جانب امكانية انتقال الفيروس بين العاملين والمخالطين لها مما يهددهم بالوفاة في حالة عدم التشخيص المبكر, والعلاج السريع. والحال كذلك, فإنه من الضروري الالتزام بمعايير النظافة داخل المزارع, وتعقيم العمال عند الدخول والخروج من العنابر, كما يجب الحيلولة دون وصول الحيوانات كالقطط والكلاب والفئران, وكذلك والعصافير إلي المزارع, لانها تشكل مصدر خطورة في حالة وجود فيروس انفلونزا الطيور, ويمكن أن تنقله بين مزرعة واخري, كما يجب يتم تصميم العنابر بشكل علمي يسمح بالتهوية, وألا تقل المسافة بين المزارع والمنطقة السكنية عن500 متر, كمسافة آمنة بين المزارع والسكان, للسيطرة علي الفيروس في حالة ظهوره. الفيروس يتراجع.. والخطر قائم ومع أن الفيروس يتراجع بسبب عمليات تحصين الطيور- وفقا ل الدكتور نبيل درويش رئيس الاتحاد العام لمنتجي الداوجن- ولكننا يجب أن ننتبه إلي أن الفيروس لا يزال موجودا متوطنا في مصر, صحيح أنه يتراجع عن ذي قبل, ففي العام الأول لظهوره في عام2006 بلغ عدد الحالات البشرية المصابة نحو18 حالة, توفي منهم10 اشخاص, وفي عام2007 تم اكتشاف25 حالة إصابة بشرية توفي منهم9 أشخاص, وفي عام2008, توفي منهم9, وفي عام2009 أصيب36 شخصا بالفيروس, وتوفي منهم4 أشخاص, وفي عام2011 توفي5 اشخاص, وفي نهاية العام الماضي توفي5 أشخاص أيضا, وإن لم يشهد العام الحالي منذ بدايته وحتي الآن, سوي حالة وفاة بشرية واحدة, وكان القاسم المشترك بين الحالات المصابة والمتوفاة, هي التربية المنزلية, بمعني أنهم أصيبوا بسبب تربية الدواجن في البيوت أو لسيدات أصبن في أثناء مخالطة الدجاج, أو اثناء تنظيفه بعد الذبح, مشيرا إلي أن المزارع لم تسجل حالات إصابة أو وفيات بسبب حرص الكثير من العاملين- خاصة في المزارع الكبيرة والمرخصة-, والتزامهم بأساليب وطرق الوقاية المطلوبة, و أصبحت لديهم الدراية الكافية بأعراض الإصابة بالفيروس, إلا أن الخطر لا يزال كبيرا في المزارع العشوائية والريفية والتي لا تلتزم بالاجراءات الوقائية المطلوبة. وبالنسبة للتحصين أو الفاكسين الذي يتم حقنه في الطيور لحمايتها, فإنه يعطي مرة واحدة فقط لدواجن البيض خلال الأشهر الستة الأولي, أما كتاكيت التسمين, فلست من أنصار تحصينها لانه يتم ذبحها في عمر30 يوما ومن ثم فهي لا تحتاج إلي تحصين, لأن الكتاكيت تتمتع بالمناعة من أمهاتها منذ الولادة الثروة الداجنة تحت التهديد وتقدر الثروة الداجنة في مصر- كما يقول الدكتور نبيل درويش بنحو6 ملايين أمهات, و500 مليون دجاجة تسمين, في نحو22 ألفا و500 مزرعة كبيرة وصغيرة, يبلغ حجم استثماراتها نحو20 مليار جنيه, ويعمل بها نحو5,1 مليون عامل, فضلا عن المزارع ذات العنبر الواحد وتضم(2000 دجاجة), أو العنابر ذات ال5 آلاف دجاجة, والفيروس موجود في مصر منذ عام2006, حيث تم التصدي له بالتطعيم, ومن ثم فإنه عند مواجهة الفيروس بالتطعيم لابد أن نتوقع أننا لن نستطيع التخلص من الفيروس بسهولة, وأنه سيظل موجودا لمدة تتراوح بين5 و10 سنوات. الوقاية خير من العلاج ولأن الوقاية دائما خير من العلاج, فإنه من الضروري اتباع الإجراءات الوقائية, والابلاغ عن الحالات المصابة, والإلتزام بإجراءات الأمان الحيوي التي تتبعها المزارع الكبري فقط, بينما لا تلتزم بها المزارع الصغيرة, والعشش المنزلية التي يجري تربية الطيور فيها بالمنازل الريفية, والتي تشكل خطورة علي الثروة الداجنة في حالة إصابتها بالفيروس, الذي يمكن أن يصيب جميع الدواجن في المزرعة, وقد تنتقل إلي مزارع أخري, وربما تنتقل ايضا إلي عمال المزرعة أو آخرين فيؤدي إلي وفاتهم!! سألناه: ما مصير صندوق التعويضات الذي يقوم بتعويض المزارعين في حالة إصابة مزارعهم بالفيروس؟ - رئيس اتحاد منتجي الدواجن: مبدئيا, تقام المزارع علي اختلاف أحجامها للأغراض التجارية, ومن ثم إذا لم يوجد النظام المناسب لتعويض المربين, فإنهم لن يبلغوا عن ظهور إصابات بالفيروس في مزارعهم, لانه عند الإبلاغ سيتم إعدام الدواجن, وتلك مهمة صندوق التعويضات الذي تم إقامته بالتعاون بين وزارة الزراعة والاتحاد, والمطلوب فقط هو تفعيل صرف التعويضات, فهي موجودة, ولكنها ليست مفعلة, مع أن التعويضات هي الوسيلة الوحيدة التي ستشجع المربين علي الابلاغ المبكرعن حالات الإصابة بالفيروس في حالة ظهوره, حيث يجري حصر حجم الضرر, وتعويض المتضررين بنسبة70% في دواجن التسمين, و60% في الأمهات, و50% لجدود الداوجن, مشيرا إلي أن لائحة الصندوق تقضي بصرف التعويض للمربي حتي لو لم يكن عضوا باتحاد منتجي الداوجن, لتشجيعهم علي الابلاغ عن الاصابات في حالة وجودها, لأن الفيروس يمكن أن ينتشر بين المزارع المجاورة أو المحيطة, كما يمكن أن يصيب البشر, وكلما تحرك المربي بسرعة للإبلاغ عن الإصابات كان افضل, حتي يمكن حصر الفيروس في أضيق نطاق, وضمان عدم انتشاره خارج المزرعة. أما في البشر- والكلام للدكتور عبد الهادي مصباح استشاري المناعة- فإن أعراضها تشبه أعراض الانفلونزا الموسمية, مثل الارتفاع الشديد في درجة الحرارة, وسعال شديد, وضيق في التنفس, كما يتعرض المصاب بالفيروس إلي مضاعفات شديدة كالالتهاب الرئوي, والفشل التنفسي, ولذلك فإنه من الضروري, التشخيص المبكر, والعلاج السريع للتغلب علي المضاعفات, والتي إذا تم إهمالها تؤدي إلي تدهور حالة المصاب فيتعرض للإصابة بالفشل الرئوي والتنفسي, مما يؤدي إلي وفاة المصاب. :[email protected]