القارئة م.ش بعثت برسالة تقول فيها:أنا زوجة منذ خمس سنوات, أنجبت خلالها طفلين هما كل حياتي, ومشكلتي أنني عندما اختلف مع زوجي في أي أمر من أمور الحياة فإنه يسارع بضربي وصفعي علي وجهي متعللا بأن الإسلام أباح للزوج تأديب زوجته وضربها إذا لزم الأمر فهي رخصة من المولي للزوج فقط.فهل يبيح الإسلام ذلك بالفعل؟ أرجو التوضيح. للإجابة علي ما سبق يقول د. طه أبو كريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية: الإجابة لا..فالإسلام حفظ للزوجة حقوقها وكرامتها, والضرب والإهانة ليس من الإسلام اطلاقا, وأما الآية التي يستشهد بها بعض الناس بجواز ضرب الزوج لزوجته فهي في سورة النساء رقم34 وتقول:واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا فالآية الكريمة بدأت بالعظة ثم الهجر ثم الضرب, والضرب يكون غير مبرح أو مهين, والرسول صلي الله عليه وسلم لما ضرب ضرب بالسواك, فالضرب المقصود هو التعبيرعن الغضب وليس الصفع أو الإيلام الجسدي أو حتي المعنوي. والمشكلة أن الناس لا يقرأون ختام الآية الكريمة جيدا, فختامها يقولفإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أن الله كان عليا كبيرا فالمتأمل لهذا الختام يتوقف عند هذا النهي في قوله تعالي فإن أطعنكم.. الي آخر الآية ومعني ذلك أن هذه الرخصة ليست واردة أبدا ما دام هناك الوفاق والوئام بين الزوجين, ولذلك فإننا نتوقف عند هذا الوعيد الضمني الذي جاء في قوله إن الله كان عليا كبيراومعني ذلك أن من يخالف ويتعدي ويتجاوز الرخصة دون مبرر فإنه يعرض نفسه لعقاب العلي الكبير. وقد حرم المولي عز وجل علي كلا الزوجين بل علي عموم الخلق الظلم والتعدي, ولا ريب أن في أن ضرب الزوجة بلا مسوغ شرعي أذية لها, واعتداء علي حقها, فإن من حقوقها المعاملة الحسنة والمعاشرة بالمعروف قال تعالي:( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف),البقرة:228] وقال جل وعلا:( وعاشروهن بالمعروف), النساء:19]. وقد حرم الله جل وعلا إبقاء الزوجة في العصمة بقصد إيذائها ومضارتها, وسمي ذلك اعتداء وظلما, قال جل وعلا:( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا, ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه), البقرة:231] وقد ثبت أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال: لا ضرر ولا ضرار. وعليه فضرب الزوجة بلا مسوغ من الاعتداءوالظلم لا يجوز, وقد ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال فيما يرويه عن ربه جل وعلا: يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا أخرجه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه. وهناك حالات يسوغ فيها مثل هذا الفعل, فإن خرجت الزوجة عن طوع زوجها تمردا وعصيانا بلا مسوغ, فقد شرع الله جل وعلا علاج ذلك بجملة أمورأولها: النصح والإرشاد, بأن يعظ الزوج زوجته ويبين لها وجوب طاعته, وما افترضه الله عليها وعليه من الحقوق, مترفقا بها تارة, وزاجرا لها أخري بحسب المقام والأحوال. فإن تعذر ذلك لعدم استجابتها انتقل إلي الخطوة الثانية,ألا وهي الهجر, فيسوغ له عند تعذر الأمر الأول أن يهجرها في الفراش,إظهارا لها منه بعدم الرضا عنها, والاستياء من معاملتها. فإن استوفي الزوج هاتين الخطوتين, وبذل وسعه في ذلك ولم ينصلح الأمر, جاز له أن ينتقل الي المرحلة الثالثة واضربوهنوهي لا يمكن أن تأتي إلا اذا استنفذنا المرحلتين السابقتين مع تقييد ذلك بقوله صلي الله عليه وسلمولن يضرب خياركم لأن في ذلك دعوة ضمنية الي أن يعمل الإنسان علي أن يكون من هؤلاء الأخيار,, وهذا يعطينا توضيحا بأن الرخصة ليست مطلقة وأنها ربما لا يكون لها وجود علي أرض الواقع. وبتفسيره العملي صلي الله عليه وسلم لصورة الضرب حين أشار بقطعة السواك,فإن الضرب المقصود هو ضرب شكلي وليس ضربا يكسر عظما أو يشوه وجهاكما يفعل الجاهلون. وأخيرا فلا بد من الإشارة إلي أنه ينبغي علي الزوجين مراعاة جانب الرأفة والرحمة كل مع الآخر, وأن يتجنب الجنوح إلي هذه الحالة ما استطاعا إلي ذلك سبيلا.