بين الحين والآخر تواصل مدينة الاسكندرية الكشف عن اسرارها الاثرية الخفية عندما تعلن عن تمردها بهبوط مفاجئ في الشوارع وإحداث تجويفات قد تنذر بمشكلة واحيانا كارثة.. ففي الاسابيع الماضية شهدت بعض المناطق خاصة منطقة محطة الرمل الحي الملكي في الاسكندرية القديمة العديد من عمليات هبوط ارضي, يصاحبه في بعض الاحيان بحيرة من المياه وعلي اثر ذلك يقوم المسئولون بوضع حواجز حديدية حوله حتي يتم البت في الامر لاتمام عملية رصف الشارع... وهذا علاج خاطيء كما يؤكد خبراء الآثار. غياب الصيانة: ماسبب الهبوط المستمر لشوارع الإسكندرية؟ سؤال توجهنا به الي ابراهيم درويش مدير متاحف آثار الاسكندرية سابقا والخبير الاثري فاجاب بقوله: من المعروف ان مناطق الاسكندرية اسفلها مبان اثرية خاصة في منطقة محطة الرمل حيث يوجد اكثر من(300) صهريج اثري او كما يطلق عليه خزان مياه واشهرهم صهريج النبيه بشارع السلطان حسين., هذه الصهاريج عبارة عن تجويفات تحت الارض بمعدل(12 20) مترا لذلك فإن السبب الرئيسي للهبوط الارضي الذي تشهده الاسكندرية بين الحين والآخر يرجع إلي عدم صيانة الطرق واتباع الاساليب العلمية في عملية الرصف. مدينة جريحة ويوضح احمد عبد الفتاح الخبير الأثري بقوله: منطقة محطة الرمل الواقعة بوسط الاسكندرية متتميز بأنها الامتداد الغربي الجنوبي للحي الملكي في العصر الروماني وبها صهاريج وقنوات سفلية وممرات ضخمة مازالت تحت طبقات الرديم القائمة عليه شوارع المدينة مع ملاحظة ان الاسكندرية تم تخطيطها ورصفها مرتين بشكل حضاري لتقليد اوروبا خلال عهود الخديو اسماعيل وفؤاد, وفي هذا التوقيت لم نكن نستخدم الماكينات التي تخترق الارض مثل ما يحدث الآن لذلك نري معظم المنشآت ذات مستويات منخفضة نسبيا. ويضيف قائلا: من المعروف ان الصهاريج تحدث تجويفا وكهوفا ارضية بسبب تسريب المياه سواء من الصهاريج نفسها او من الامطار علي مر الاجيال وعند حدوث الهبوط ينتج تسرب للرياح والهواء للطبقات الارضية فتصل الي منطقة صهاريج وكهوف آخري في منطقة اخري فيحدث هبوط آخر مما يترتب عليه مشكلة في الحركة المرورية لذلك لابد عند ظهور أي هبوط الاستعانة بخبراء الآثار قبل المسئولين عن المرافق الحيوية والطرق من اجل تحديد طبيعة الهبوط ومعالجته معالجة علمية وليس مجرد ردم بالخرسانة المسلحة. ويتناول احمد عبد الفتاح بعدا أثريا آخر فيقول: من متناقضات اقدار مدينة الاسكندرية هدم احدي اجمل دور سينما الآن وهو سينما ريالتو بمنطقة محطة الرمل هذه الدار التي كانت تمثل لشارع صفية زغلول روضة معمارية غير انه ملاصق لكنيسة سان سابا من الناحية الشرقية. مشروع قومي ويطالب الدكتور محمد عبد المقصود نائب رئيس قطاع الآثار المصرية بضرورة اجراء عملية مسح جيوفيزيقي مسح بالسونار للارض حيث يقول: إن مثل هذا الاجراء مهم لمعرفة الفراغات الموجودة اسفل الارض وتحديد اماكن مواسير وخزانات المياه وايضا الممرات لان مدينة الاسكندرية بصفة عامة مبنية علي مدينة اثرية خاصة مناطق محطة الرمل والانفوشي والشاطبي لذلك نؤكد أن أي هبوط له علاقة وثيقة بالآثار نتيجة وجود صهاريج وخزانات المياه تحت الارض.