فجأة ووسط تجمع رياضي مبهج متمثل في ماراثون بوسطن تم تفجير قنبلتين بشكل متتالي مما أسفر عن مصرع3 وإصابة أكثر من175 شخصا وبعدها بساعات تم إكتشاف رسائل مسممة تم إرسالها إلي الرئيس الأمريكي باراك أوباما والسناتور الجمهوري روجر ويكر, المعروف بمعاداته لإنتشار الأسلحة الصغيرة, ومسئول قضائي, إيذانا بعودة الهجمات الإرهابية إلي قلب الولاياتالمتحدة بعد فترة من التراجع والإختفاء, وماهي إلا أيام حتي شاهد العالم فيما يشبه أفلام الأكشن الهوليوودية مطاردة السلطات الأمريكية للشقيقان الشيشانيان تامرلان(26 سنة) وجوهر(19 سنة) تسارنايف المشتبه في مسئوليتهما عن تفجيرات ماراثون بوسطن, ونجحت السلطات الأمريكية في قتل تامرلان والقبض علي جوهر بعد إصابته اثناء تبادل إطلاق النار خلال المطاردة. وفي واقع الأمر غطت أضواء الإحتفاء المبهر بأجهزة الأمن الأمريكية علي حقيقة هامة هي ان البلاد قد تعرضت لهجمتين إرهابيتين علي الأقل في اقل من72 ساعة( هذا إن أثبتت التحقيقات أن إنفجار مصنع السماد بتكساس لم يكن عملا تخريبيا), فقد تمثلت الهجمة الأولي في حادث التفجير المزدوج بماراثون بوسطن وتمثلت الثانية في إرسال خطابات مسمومة لرئيس البلاد وعضو بالكونجرس ومسئول قضائي. وبدا من الواضح أن الأمر لايتعلق بشابين أمريكيين من أصول قوقازية أقاما لفترة طويلة بالولاياتالمتحدة فقط, بل هناك بول كيفن كيرتس(45 سنة), الذي تم تحميله بالمسئولية عن إرسال الخطابات المسمومة التي إستهدفت الرئيس الأمريكي وعضو كونجرس فكيرتس الذي يهوي تقليد المغني الشهير الفيس بريسلي لم تثبت علاقته بالقاعدة أو بداغستان أو الشيشان! ورويدا رويدا خفتت أضواء الإبهار وبدأت العقول في العمل لتطرح المزيد من الأسئلة التي تحمل صيغ مثل: كيف؟ ولماذا؟ ومن؟ فكان أول سؤال هو الذي تعلق بالكيفية التي تم بها التعرف علي الشقيقين وسط آلاف المشاهدين المحتشدين عند خط نهاية ماراثون بوسطن, وجاءت الاجابة عبر وسائل الإعلام الأمريكية لتشير إلي أن تصرفات المشتبه بهما أمام الكاميرات أظهرت إفتقادهما عنصر المفاجأة بعد وقوع التفجيرين, والهدوء الذي بدت عليه طريقة سيرهما. وظهرت عليهما علامات التدريب علي خط السير ومواقع إلقاء القنبلة والوقت المحدد بالإضافة إلي المسافة الفاصلة بينهما أثناء السير. وأظهرت التسجيلات سير المتهمين نحو خط نهاية الماراثون وتوقف أحدهما علي بعد مربعين سكنيين واستمرار الآخر بالسير ليصل إلي منطقة إلقاء القنبلة الثانية بعد ثلاث دقائق من توقف المشتبه الأول. وأكدت المصادر الأمنية أن عمليات الفحص مازالت مستمرة وتشمل عمليات فحص الصور التي سجلتها كاميرات مترو الأنفاق والحافلات والمكالمات الهاتفية التي تم إجراءها في تلك اللحظة سواء بين المشتبه بهما أو مع طرف ثالث. وعلي الرغم من حديث وسائل الإعلام الأمريكية في اليوم الأول عن مشتبهين مجهولين والإشارة إلي أن شخصياتهم تم التعرف عليها بواسطة بلاغات من مواطنين عاديين تعرفوا علي صورهما بعد نشرها في وسائل الإعلام فإن الأمر إتخذ منحني جديدا في يوم الجمعة19 أبريل2013 وتحديدا خلال الساعات القليلة التي تفصل بين الإشتباك الأول مع الشقيقان تامرلان وجوهر تسارنايف الذي إنتهي بمصرع الأول وفرار الثاني علي الرغم من إصابته والإشتباك الثاني الذي إنتهي بإلقاء القبض علي جوهر تسارنايف حيا وإن كان في حالة حرجة. فمن وراء الستار وصلت إلي روسيا أنباء المواجهة مع الشقيقين تامرلان وجوهر تسارنايف اللذين قدما مع أسرتهما إلي الولاياتالمتحدة من منطقة داغستان المتاخمة للشيشان وهي مناطق داخل حدود روسيا الإتحادية. ووفق ما اذيع عبر وسائل الإعلام الروسية فإن المكتب الإعلامي للكرملين أعلن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجري اتصالا هاتفيا بنظيره الأمريكي باراك أوباما ليؤكدا اهتمام الجانبين بتعزيز التعاون والتنسيق بين المخابرات الروسية والأمريكية في مكافحة الإرهاب الدولي. وبحلول المساء كانت السلطات الأمريكية قد نجحت في الإمساك بجوهر تسارنايف وعندها بدأت الحقائق في الظهور تباعا. فأمام وسائل الإعلام الروسية والأمريكية ومن داغستان بالقوقاز في روسيا تحدث أنزور تسارنايف,والد تامرلان وجوهر, مشيرا إلي أن هناك من أوقع بنجليه! أما حديث الأم زبيدات تسارنايفا لوسائل الإعلام الروسية فكان كاشفا فقد أكدت الأم أنها أمريكية وتعيش حاليا في داغستان مع زوجها.وأشادت الأم بأبنائها مؤكدة أنه تم الإيقاع بهم جميعا! فقد كانت الأسرة كلها عرضة لعمليات متابعة من قبل مكتب المباحث الفيدرالي( إف.بي.آي) عندما كانت في الولاياتالمتحدة منذ عدة سنوات! قالت زبيدات: لقد اعتادوا المجئ لمنزلنا والتحدث معي.وكانوا يخبروني بأن إبني الأكبر تامرلان قائد متطرف وانهم يخشونه, فأي معلومات يتحصل عليها من المواقع المتطرفة المتواجدة علي شبكة الإنترنت, وأخبروني أنهم يراقبونه ويراقبون كل حركة يقوم بها, واليوم يقولون أنه قام بعمل إرهابي! لايمكن أن يكون ذلك صحيحا, أبنائي أبرياء. وبعد تصريحات الأم وفي اليوم التالي السبت20 أبريل أذاعت شبكة سي.ان. ان الإخبارية الأمريكية أن مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية كشف عن إجراء تحقيق مسبق مع أحد الأخوين تسارنايف, المشتبهين, قبل صرفه بعد الإقتناع بعدم صلته بتنظيمات إرهابية! وذكر ال إف بي آي أنه سبق وأن أخضع تامرلان تسارنايف, عام2011( أي منذ أكثر من عام) للإستجواب, بناء علي طلب حكومة أجنبية, رفض تسميتها. وأضاف المكتب: طلب التحقيق استند إلي معلومات بأن تامرلان راديكالي ومتعصب, وأنه تغيير بصورة جذرية منذ عام2010, ويستعد لمغادرة الولاياتالمتحدة للتوجه إلي تلك الدولة, للإنضمام إلي جماعات سرية غير محددة! وخلصت التحقيقات بعد مراجعة تحركات وتنقلات تامرلان السابقة, وما نشره علي المواقع الإلكترونية, واستجواب أفراد من عائلته إلي عدم رصد أي أنشطة إرهابية له! ودفع نشر الخبر في وسائل الإعلام الأمريكية إلي إعتراف وسائل الإعلام الروسية بأن روسيا هي الدولة التي إتصلت بأجهزة الأمن الأمريكية في عام2011 وطالبتها بالتحقيق مع تامرلان تسارنايف ومعرفة صلاته بجماعات إرهابية محددة! وبالتالي اصبح الأمر أكثر وضوحا فتامرلان تسارنايف وأسرته تحت أعين أجهزة الأمن الأمريكية والروسية منذ عامين علي الأقل! وعلي النقيض من الإعتقاد السائد فإن الهجمات الإرهابية في قلب الولاياتالمتحدة لم تكن مفاجأة بل كانت متوقعة وهو الأمر الذي أشار إليه وحذر منه بشكل صريح مدير المخابرات الوطنية في بيانه الذي وجهه إلي ممثلي الشعب الأمريكي بمجلس الشيوخ منذ شهر واحد فقط. ففي مارس الماضي إستعرض الكونجرس البيان الصادر عن مدير المخابرات الوطنية الأمريكية الذي عرض فيه مجمل تقديرات وكالات وأجهزة المخابرات الأمريكية المختلفة(17 جهة) فيما يتعلق بالمخاطر والتهديدات التي يمكن أن تتعرض لها البلاد وأمنها القومي ومصالحها في أنحاء العالم خلال المرحلة القادمة وتحديدا عام.2013 وقد تم تسليط الضوء علي تنامي التهديدات الإرهابية المحلية المستندة إلي خلفيات جهادية, فتمت الإشارة تحديدا إلي تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية,وإلي دعاة العنف من المتطرفين الأمريكيين ممن تأثروا بتنظيم القاعدة, بوصفهم مصدر تهديد للأمن القومي الأمريكي خلال عام.2013 وقد أشارت التقديرات المخابراتية إلي أن المتطرفين المحليين المتأثرين بتنظيم القاعدة والذين أشارت التقديرات إلي تورطهم في أقل من10 مخططات سنويا قد يندفعون للقيام بعمل عنيف متأثرين بعدة عوامل منها الدعاية الجهادية العالمية التي تصل إليهم باللغة الإنجليزية, والأحداث التي يعتقدون أنها تمثل تهديدا للمسلمين داخل الولاياتالمتحدة وخارجها, والعمليات المحلية السابقة التي تم تنفيذها بواسطة أمريكيين متأثرين بالقاعدة مثل الهجوم الذي وقع بفورت هود بتكساس في عام2009 وهجمات تولوز في فرنسا عام.2012 ووفقا للتقديرات والمتابعات الأخيرة فإن عناصر تلك الفئة المحلية من دعاة العنف مازالت متمسكة بالتكتيكات والأهداف التي كانت تتبناها العناصر المحلية القديمة وخاصة فيما يتعلق باستمرار الإهتمام ب العبوات الناسفة الإرتجالية وبرصد أهداف تابعة لوزارة الدفاع. ومن المعروف أن العبوات الناسفة الإرتجالية وهو ذات الوصف الذي إنطبق علي قنبلة من القنبلتين اللتين تم تفجيرهما في حادث بوسطن حيث تشمل إستخدام أواني الطهي بالبخار المضغوط كقنابل بعد تزويدها بالشظايا. إرهاب محلي الجذور وقد حصل الكونجرس الأمريكي في يناير الماضي علي دراسة تتعلق ب الإرهاب المحلي غير الجهادي في الولاياتالمتحدة. وأشارت الدراسة إلي أن الإرهاب المحلي, يقصد به الأمريكيين الذين يرتكبون جرائم علي الأراضي الأمريكية مستلهمين تحركاتهم وفكرهم من الأيديولوجيات والحركات المتطرفة( غير الجهادية) بالولاياتالمتحدة,لم ينل القدر الملائم من إهتمام الأجهزة والوكالات الأمنية الأمريكية إسوة بنظرائه من الأشخاص والجماعات المحلية المتأثرة بتنظيم القاعدة وذلك منذ أحداث11 سبتمبر.2001 ويشمل الإرهاب المحلي غير الجهادي هؤلاء الأفراد الذين يرتكبون جرائم باسم الأيديولوجيات المتطرفة المتعلقة بدعم حقوق الحيوان, والحقوق البيئية, والفوضوية, وتفوق البيض, ودعاة المثل العليا,ودعاة مناهضة الحكومة, ودعاة الإنفصال, والسود, ومناهضة الإجهاض. وتمت الإشارة إلي أن الإرهاب المحلي كان مسئولا عن أكثر من عشرين واقعة منذ أحداث11 سبتمبر2001 وبدا من الواضح أن هناك نمو في النشاط المتطرف المعادي للحكومة, وأظهر الإرهاب المحلي قدرة علي إستخدام الوسائل والتكتيكات غير التقليدية في العدوان فبدلا من خطف الطائرات أو التفجيرات الإنتحارية يميل الإرهاب المحلي إلي أعمال التخريب والإعتداء علي الممتلكات الخاصة والجرائم الضريبية وإستخدام الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعية في دعم أنشطته. بيئة الكراهية وإذا كان وجود الإرهاب المحلي المتأثر بفكر القاعدة والإرهاب المحلي المتأثر بالأيديولوجيات المتطرفة الأخري أمر يقلق المسئولين في الولاياتالمتحدة فإن البيئة المحيطة بالأحداث الأخيرة, مثل تفجيرات ماراثون بوسطن والخطابات المسممة,أكدت أن السياسات الداخلية والخارجية للإدارات التي تتابعت علي حكم الولاياتالمتحدة خلال العقود الأخيرة ولدت قدرلايستهان به من العداءات الداخلية والخارجية للحكومة الأمريكية. فعلي سبيل المثال لا الحصر ألقت السلطات الأمريكية في شهر نوفمبر الماضي القبض علي مجموعة من الأمريكيين أثناء تخطيطهم لشن عمليات إرهابية ضد منشآت حكومية وقتل عدد من العسكريين الأمريكيين ومحاولة الإتصال بتنظيم القاعدة للإنضمام له! وحدثت حالة تمرد داخل معتقل جوانتانامو منذ أسابيع وهو الأمر الذي وصلت أخباره إلي أفغانستان حيث طالبان التي هددت بالرد.وخلال الأسابيع الأخيرة دخلت العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية في منعطف خطير شمل تبني كل طرف إجراءات عسكرية تهديدية إزاء الطرف الآخر.