يبدو أن شهر العسل الطويل بين مصر والسلطة الوطنية الفلسطينية قد شارف علي نهايته حيث كشفت مصادر فلسطينية مطلعة النقاب للأهرام عن أن أحد أهم اهداف الزيارة الحالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس( أبومازن) للعاصمة التركية أنقرة هو إبلاغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن السلطة الفلسطينية لم تعد تمانع في تولي بلاده رعاية جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية سواء بجانب مصر أو بديلا عنها وهو الأمر الذي كانت السلطة ترفضه لسنوات طويلة خاصة في فترة النظام المصري السابق. وأرجعت المصادر التوجه الجديد للسلطة الفلسطينية إلي الفتور الحالي في علاقاتها بمصر بسبب اعتقادها بأن الرئيس المصري محمد مرسي وأركان نظامه الذي يستمد دعمه من جماعة الاخوان المسلمين بات منحازا بشكل كبير لحركة حماس التي تسيطر علي غزة ولايمارس أي ضغط عليها لدفعها إلي تحقيق المصالحة الفعلية بل علي العكس من ذلك فإنه لايفوت فرصة بدون توجيه اللوم للسلطة في رام الله بأنها هي التي تعطل المصالحة وأنها هي التي يجب أن تلبي جميع شروط حماس لتحقيق تلك المصالحة. وقالت المصادر إن أبومازن ظل يتصدي علي مدي شهور للضغوط من داخل السلطة وحركة فتح لتقليل حجم الاعتماد علي الرعاية المصرية فقط لجهود المصالحة الوطنية الفلسطينية حيث كان البعض يطالبه بنقل الملف للأردن وكان آخرون يسعون لتوسيع الدور التركي أو القطري أو حتي الإستعانة بالسعودية للمشاركة في جهود المصالحة ولكنه كان مصرا علي الإبقاء علي مصر كوسيط رئيسي نظرا لعلاقاتها التاريخية مع حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وموقعها الجغرافي وتضحياتها من أجل القضية الفلسطينية ولكنه اضطر في النهاية للرضوخ لتلك الضغوط بسبب استمرار الفتور في علاقته بالقاهرة وإنحياز جماعة الاخوان المسلمين لحركة حماس بوصفها أحد فروع الجماعة وتنامي الدور التركي إقليميا خاصة بعد بدء تحسن علاقات أنقرة بإسرائيل وأخيرا بسبب المشكلات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها مصر مما جعل المصريين ينشغلون بشئونهم الداخلية. وأوضحت المصادر أن أبومازن لن يغلق الباب تماما أمام المشاركة المصرية في جهود المصالحة ولكنه سيبقي عليه مواربا علي امل تحسن العلاقات مع القاهرة والتخلي عن انحيازها الحالي لحماس. وتوقعت المصادر ألا تمانع حركة حماس في زيادة الاعتماد علي أنقرة في جهود المصالحة الداخلية الفلسطينية نظرا لعلاقاتها الطيبة بتركيا ورغبة في الاستفادة من العلاقات الدولية التركية في الحصول علي الاعتراف الدولي بالحركة خاصة أن حماس هي التي كانت تطالب الأتراك بزيادة اسهامهم في جهود المصالحة وهو ما كان يرفضه أبومازن في فترة حكم الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك. وأشارت إلي ان العلاقات الطيبة بين القاهرة وحماس ستسهل من قدرة الأخيرة علي إقناع المصريين بتوسيع الدور التركي في المصالحة بشكل لايجرح كبرياء الجانب المصري ويحتفظ له بدور مميز في تحقيق تلك المصالحة ولو باستضافة القاهرة لأي اتفاق يتم توقيعه بهذا الخصوص مثلما حدث عندما شاركت أنقرة مع القاهرة في التوصل لاتفاق التهدئة بين حماس وإسرائيل في نوفمبر الماضي بعد العدوان الإسرائيلي علي غزة والتي أطلقت تل أبيب عليه اسم عملية عمود السحاب. ومن ناحيتها أكدت الدكتورة حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن زيارة الرئيس ابومازن الي تركيا والتي بدأت مساء أمس الأول السبت, تأتي لعدة أسباب منها, تقوية العلاقات الفلسطينية التركية, وبحث ملف المصالحة الداخلية مع القيادة التركية, كما أن الرئيس عباس سيلتقي بوزير الخارجية الامريكي جون كيري. وقالت عشراوي إن زيارة الرئيس عباس الي أنقرة لم تأت بالمطلق لإحباط زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الي قطاع غزة, ووصفت هذا الكلام بأنه تسطيح كبير لمجريات المساعي الفلسطينية, وربط فلسطين بمحيطها وعمقها الاقليمي والعربي. ولم تخف عشراوي بحث الرئيس عباس المصالحة وإمكانية تدخل تركيا لدي حركة حماس لتقصير الطريق والتغلب علي الانقسام والقضاء عليه نهائيا, وتركيا بما لها من دور قوي في المنطقة قادرة علي تحريك ملف المصالحة, وفق اتفاقي الدوحةوالقاهرة. وكان قد تم الإعلان عن زيارة أبومازن لتركيا بعد ان أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه سيزور قطاع غزة و هاجمت حركة فتح تلك الزيارة واعتبرتها زيارة سياسية لمصلحة حركة حماس ولا تحمل مشاريع حقيقية لرفع الحصار والمعاناة عن القطاع وأهله. وقال القيادي بحركة فتح يحيي رباح إن مجمل الزيارات التي تمت للقطاع في السنوات الماضية يهدف أصحابها للدعاية الشخصية, وإنها لم تحمل مشاريع سياسية لا بشأن رفع الحصار الظالم عن غزة ولا التدخل الإيجابي لإنجاز المصالحة الفلسطينية. ورغم أن رباح تحدث عن علاقات مميزة بين السلطة الفلسطينية وتركيا, إلا أنه تساءل عن جدوي قيام أردوغان بالزيارة بدون التشاور مع الرئيس عباس, مؤكدا أنه من الظلم لغزة بجراحها أن تتحول إلي مكان لالتقاط الصور واستخدامها لأغراض شخصية. ومن ناحيته أتهم القيادي في حركة حماس والنائب عنها في المجلس التشريعي إسماعيل الأشقر حركة فتح باحتكار التمثيل الفلسطيني, وبأنها لا تؤمن بالشراكة السياسية, ولا تؤمن بتقاسم حمل هموم الشعب الفلسطيني.