حرائق لا أحد يعرف من أشعلها هاجمت محاكمنا ومنشآتنا الحكومية في ظل غياب شبه كامل لوسائل الإطفاء الحديثة. الخبراء يؤكدون أن الكود المصري للحرائق لم يعد صالحا للاطفاء وفقا للمعايير العالمية وأن الخسائر تجاوزت ملياري جنيه سنويا. والسؤال: كيف يمكن مواجهة الحرائق التي تزايدت معدلاتها في الآونة الأخيرة؟ الدكتور أيوب مصطفي أيوب خبير واستشاري الحرائق أكد أنه رغم المناداة علي مدي السنين الماضية بإدخال كود الحرائق والأنظمة الحديثة غير المكلفة فإن الاطفاء مازال مصدرا للخسائر أيضا حيث تصل إلي ملياري جنيه سنويا خاصة في مباني المحاكم التي ليس بها أي تأمين للعاملين أو الملفات التي تحمل مصير الأفراد, وأن ذلك يرجع حتي في المحاكم الحديثة باسناد هذه الأبنية من حيث البناء والتأمين إلي غير المتخصصين لأن المهندس الاستشاري يسند المهمة لمقاول من الباطن الذي بدوره يختصر التكاليف بكل الطرق ومنها التأمين الحديث ومنها أجهزة باسعار لا تتعدي10 آلاف جنيه تطفئ النار في بداية اشتعالها أوتوماتيكيا بمجرد انبعاث الدخان, والذي يحدث الآن أن أجهزة الإنذار المستخدمة حاليا بدائية كامنة بالمصانع الكبري مما يهدد بكارثة بشرية كبيرة بين عمالها فضلا عن مبانيها, وهذا ينطبق علي محطات البنزين جميعها مع أن محتوياتها تفوق قنبلة شديدة الانفجار بما فيها من غاز وبترول مع إمكان سرعة الاشتعال والانتشار بما يمثل كارثة كبيرة بالمنطقة المحيطة بها. محطات البنزين أشار إلي أن اعتماد الهيئات والمصانع ومحطات البنزين علي استخدام طفايات بمادة ثاني أكسيد الكربون في كثير من الأحوال إذا استخدم في مناطق متسعة يساعد علي انتشار الحريق, بل يخنق العاملين بالمناطق المغلقة وذلك لأن أجهزة الإطفاء الحالية لا تخضع للمواصفات العالمية أو حتي رقابة علمية داخلية إذ أن الكود الخاص بالحرائق في مصر لا يطابق المواصفات مما يهدد حياة الموظفين المكدسين بالمصالح الحكومية, بل إن جميع العاملين تقريبا في الدفاع المدني ومكافحة الحرائق غير متخصصين لذلك فإن المفهوم لديهم بأن الإطفاء يكون بإغراق المكان مثلما حدث في المجمع العلمي وبطرق بدائية تكون سببا في التدمير أو حتي في وفاة بعضهم في أثناء العمل. وقال خبير الحرائق إن كثيرا من المؤسسات ليس لديها خطط للتأمين بالطفايات أو مسالك طرق الهروب الآمن للتجمعات السكنية كما أن كثيرا ممن يعطون التراخيص في التأمين ضد الحريق لم يحصلوا سوي علي دورات قصيرة بلا علم حقيقي في هذا المجال فاستخدام الطفايات بطريقة خاطئة قد يزيد الحرائق أو اختناق المواطنين خاصة طفايات ثاني أكسيد الكربون, لذلك فإن كثيرا من المواطنين أو العاملين يخشون استخدامها وهذا ما جعل العاملين بمبني محكمة جنوبالقاهرة لا يستخدمون الطفايات وانتظروا حضور سيارة الإطفاء, وتكون الكارثة هنا إذا كانت المكاتب أو المخازن تحوي أخشابا وموكيت أو عددا من الأفراد وتشمل هنا أيضا جميع المسارح والسينمات مما يتطلب تأمينا مزدوجا من مسارات الهروب وأجهزة إنذار شديدة الحساسية. ويمكن مع المخازن أو الملفات استخدام أجهزة اختزال الأكسجين إلي درجة15% والتي توقف وتمنع الاحتراق أساسا لأن الاحتراق يكون في نسبة16% علي الأقل لكي تشتعل النار وهذا الجهاز يماثل علبة السمن بإطلاق مادته فور الشعور بالنار والعلبة الواحدة لا يتعدي سعرها3 آلاف جنيه. الدفاع المدني ويقترح الدكتور ماهر حجازي أستاذ الميكانيكا بجامعة عين شمس حلولا لمشكلة التأمين من الحرائق بفصل إدارة الدفاع المدني عن وزارة الداخلية لتكون هيئة خاصة مع إقامة تخصص بالتعليم الفني أو الجامعة لتخريج فنيين في الاطفاء والحرائق وبطريقة علمية دقيقة مثلما يحدث في بلدان عربية أخري, مع إقامة هيئة تابعة للجهات العالمية لمنح الاعتمادات وتحديد المواصفات الخاصة بالانذار والإطفاء, وتركيب الأجهزة المناسبة حسب كل منشأة لأن المصنع يختلف عن المستشفي المؤسسة الادارية وغير ذلك, وتحديد احتمالات الحرائق سواء بالكابلات الكهربائية أو الأبنية ووسائل التعامل مع الخامات وتأمين الانسان لأن الخسائر الحقيقية من الحرائق تتعدي ملياري جنيه سنويا, في حين أن التخطيط في مجال الحماية من الحرائق لن يتعدي4 ملايين جنيه بالهيئات الكبري والوزارات والمؤسسات. ويؤكدا اللواء خالد مطاوع الخبير الأمني الاستراتيجي إن كل ما يثار حول الملفات التي حرقت أو اتلفت من جراء عمليات الإطفاء بالمياه في واقعة إشعال الحريق بأرشيف محكمة جنوبالقاهرة عبارة عن أحاديث مرسلة تلوكها السنة المواطنين دون أي سند فني لما تم حرقه أو اتلافه. وأضاف أن محكمة جنوبالقاهرة بمنطقة باب الخلق من أعرق المحاكم التي شهدت أروقتها وكياناتها الفنية أشهر المحاكمات المصرية, ولعل أشهرها ما أطلق عليها محاكمة القرن الخاصة برموز النظام السابق. وعلق اللواء ضياء عبدالهادي الخبير الأمني والاستراتيجي علي الواقعة قائلا: إنه حادث جنائي بنسبة59%, وأصحاب المصالح هم المتورطون في إشعال النار بمحتويات المحكمة التاريخية التي حفظت بها منذ حكم أحمد عرابي, وتحمل ذكريات لكل قاض ومحام في مصر.