وزير التنمية المحلية يشارك فى احتفال الطائفة الإنجيلية بعيد القيامة المجيد    رئيس الأعلى للإعلام يهنئ البابا تواضروس الثاني بمناسبة عيد القيامة المجيد    التنمية المحلية: عدم إصدار تراخيص المباني الجديدة وشهادات المطابقة دون اشتراطات الكود الهندسي    4 مايو 2024.. أسعار الذهب ترتفع 5 جنيهات وعيار 21 يسجل 3090 جنيها    السكرتير المساعد لبني سويف يتابع استعدادات الوحدات المحلية لبدء تلقي طلبات التصالح    المتر ب 15 ألف جنيه.. بدء طرح شقق أبراج حدائق أكتوبر خلال أيام    وصول الباخرة السياحية Seabourn Quest ميناء الإسكندرية قادمة من تونس    تقارير فلسطينية: مصر نجحت في إدخال 5 آلاف شاحنة مساعدات إلى غزة خلال أبريل    إطلالة جديدة ل محمد صلاح    تحدث لأول مرة.. مفاجأة «فيفا» تشعل نهائي الأهلي والترجي التونسي    تفاصيل مشاركة 400 لاعب في بطولة الزمالك للياقة التنافسية (صور)    قبل شم النسيم.. ضبط 700 كيلو فسيخ فاسد بفوه (صور)    لقيامه بحركات استعراضية.. القبض على طالب بتهمة تعريض حياته للخطر    نَزِّله وداس عليه| أهالي ضحية أتوبيس الحضانة في المنوفية يطالبون بحقه    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    نجوم الفن ينعون الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن: «كلماته بيننا تحيا»    قبل شم النسيم 2024.. الإفتاء توضح حكم أكل الفسيخ    تشييع جثمان الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة.. والعزاء غدا (فيديو)    6 أنماط .. هيئة الدواء تكشف الإجراءات الصحية لمرضى قصور القلب    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    لتغيبهم عن العمل.. إحالة 37 بمستشفيات الرمد والحميات المنوفية للتحقيق (صور)    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    عفروتو يكشف تفاصيل مكالمته مع محمد صلاح    مبادرة "سيارات المصريين بالخارج" تجني ثمارها.. مليار و976 مليون دولار قيمة أوامر الدفع للمستفيدين    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    فيديو وصور| نصائح لتناول الفسيخ والرنجة بأمان في شم النسيم    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    خبير تربوي: التعليم التكنولوجي نقلة متميزة وأصبحت مطلب مجتمعي    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    «جنايات المنيا» تنظر 32 قضية مخدرات وحيازة سلاح    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    3 أحكام مهمة للمحكمة الدستورية العليا اليوم .. شاهد التفاصيل    كيفية تجديد تصريح العمل إلكترونيا    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد بمنشآت التأمين الصحي الشامل    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    دعاء يحفظك من الحسد.. ردده باستمرار واحرص عليه بين الأذان والإقامة    الباقيات الصالحات مغفرة للذنوب تبقى بعد موتك وتنير قبرك    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    كرة السلة، أوجستي بوش يفاجئ الأهلي بطلب الرحيل    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    قبل نهائي أفريقيا..لاعبة طائرة الأهلي: نعلم قوة الزمالك.. ولكن واثقون من قدرتنا في التتويج    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات بمدينة شرم الشيخ.. اليوم    موسم عمرو وردة.. 5 أندية.. 5 دول.. 21 مباراة.. 5 أهداف    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الجمعة يكتبه:احمد البري
السد المنيع!
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 03 - 2013

فاض بي الكيل, ولم أجد سوي بريدك للفضفضة من خلاله عما يجيش به صدري عسي أن أجد لديك مخرجا مما أعانيه, فأنا رجل تعديت سن الستين, وتبدأ قصتي منذ زواجي بعد تخرجي في الجامعة, حيث ارتبطت بفتاة رقيقة ومهذبة, وجدت فيها ما يتمناه كل شاب في فتاته.
وأقبلت علي الحياة معها بسعادة وسرور, وكنت أعمل في أسوان, وحملت زوجتي سريعا, وفي يوم الولادة ذهبت بها إلي المستشفي, ووقفت علي باب حجرة الكشف أنتظر بقلق بالغ اتمام عملية الوضع, وبعد ساعة مرت كالدهر أبلغني الطبيب أن زوجتي وضعت طفلة, وسوف تجري لها متابعة قد تستغرق بعض الوقت, وطال انتظاري وأدركت أن شيئا ما قد حدث, وأن طاقم التمريض يخفون عني الحقيقة, وصدق حدثي, وجاءني الخبر القاسي بأن زوجتي رحلت عن الحياة, فانخرطت في بكاء مرير, وسقطت علي الأرض مغشيا علي, ولما أفقت وجدتني وحيدا وبجواري ابنتي, ولا أحد يؤنس وحدتنا, وسألت نفسي كيف سأعيش في هذه المدينة البعيدة, ومن الذي سيرعي طفلتي في أثناء وجودي بالعمل؟, فحملتها وعدت بها إلي القاهرة, وتركتها في رعاية خالتها, ورجعت إلي أسوان كاتما أحزاني داخلي, ومستعينا بالله علي هذا المصاب الجلل, وظللت خمس سنوات علي هذه الحال حتي قتلتني الوحدة, ولم أجد بدا من نقل عملي إلي القاهرة, وتزوجت عن طريق معارفي من فتاة وجدت لديها قبولا ورغبة في مشاركتي الحياة بعد أن عرفت حكايتي, وضممت ابنتي إلي حضانتي, وأعطتها زوجتي كل اهتمامها, وعاملتها كأنها ابنتها, ولم تشعرها يوما بأنها فقدت أمها.. وقد حرصت من جانبي علي أن تتواصل مع خالتها من باب صلة الرحم. ولأنها هي التي تولت رعايتها منذ ولادتها, فصارت أما ثانية لها.
وأصبحت هي شغلي الشاغل, فألحقتها بإحدي مدارس اللغات بالقاهرة, ولكن بمرور الأيام لاحظت أن هناك حاجزا نفسيا يفصل بيننا, فحدثت نفسي بأن هذا شيء طبيعي ربما لبعدي عنها فترة تكوينها الأولي, وأن هذا الحاجز سوف يسقط مع الوقت, وساعدني علي تفاؤلي أن ابنتي هادئة ومطيعة ومتفوقة دراسيا, وراعت زوجتي ربها في تربيتها, ووفرت لها الجو المناسب للمذاكرة حتي تخرجت بامتياز من جامعتها, والتحقت بعمل مرموق, وتقدم إليها شاب يعمل معي, وأعرفه وأسرته حق المعرفة, ولم أنكر عليهم دماثة أخلاقهم ووضعهم الاجتماعي المتميز, فعرضت الأمر علي ابنتي فرحبت به, وزكاه أهلي جميعهم, وبعد الخطبة فوجئت بأن الحاجز النفسي الذي لمسته عندما تسلمت ابنتي من خالتها قد تحول إلي سد منيع يحول بيني وبينها, فلقد بدت كراهيتها لأهلي وزوجتي واضحة تماما, فحدثتها كثيرا عن اننا نحبها, فهي ابنتي, وليس لي في الدنيا أعز منها, كما أن زوجتي تعتبرها ابنتها, وقد وقفت إلي جانبها حتي أصبح لها شأن في المجتمع, ولكن هيهات أن تتغير!
ولقد بذلت ما في وسعي لإزالة ما يعلق في نفسها من رواسب لا أعلم لها سببا, وأقمت حفل زفاف كبيرا دعيت إليه كل معارفنا, وأنا أتطلع إلي أن تعيش حياة مستقرة, وأن تكون ناجحة في حياتها, ولكن سرعان ما دب النزاع بينها وبين زوجها, وراحت تشكو من سوء معاملته لها إلي خالتها, وكان الطبيعي أن تصلح بينهما, وأن تهدئ روعها, فالحياة الزوجية لا تخلو من المتاعب, ويجب رأب الصدع أولا بأول حتي لا تنهار الأسرة, ولكنها زينت لها فكرة الطلاق, وقالت لها إن زوجها لم يكن مناسبا لها, وأنها بعد طلاقها منه سوف تزوجها سيد سيده, وكانت نتيجة ما أملته عليها خالتها هو أنها غادرت بيت زوجها حاملة مولودها, وجاءت للمعيشة معنا, وهي كارهة لنا!
وهنا ثارت زوجتي, ورفضت الحياة معها تحت سقف واحد بعد أن لاقت منها كل هذا الجحود والكراهية والتطاول, فتركت هي الأخري البيت, وطلبت الطلاق, وكأن المصائب لا تأتي فرادي, فلقد انفصلت زوجتي عني بعد أن انفصلت ابنتي عن زوجها.. وهكذا حطمت خالة ابنتي حياتنا بصنيعها المر وحقدها الدفين علي كل من حولها, ثم دفعها لها إلي هدم أسرتها, وحرمان ابنها من أبيه, كما حرمتني أنا الآخر من حياة زوجية هادئة.. والغريب حقا هو أنها تعمل في وظيفة مرموقة ومتزوجة من رجل رائع, ولديها أولاد وبنات ممتازون علما وخلقا, ولقد حاولت كثيرا تفسير عدائها لنا, وتذكرت ما قاله لي زوجها حين استقرت بي الحال في القاهرة بعد انتهاء عملي في أسوان, وطلبت ضم ابنتي لي لكي تتربي معي, حيث قال لي إن خالتها تشعر بإحباط شديد, لأنها فقدت عزيزا لديها, وكان يتحدث عن ابنة أختها وابنتي التي ظلت في رعايتها خمس سنوات, وعندما تزوجت من أحد معارفي أحست أنها فقدت السيطرة عليها تماما, وأنه لم يعد لها دور في حياتها.. زد علي ذلك أن الزن علي الأذن أمر من السحر كما يقولون, إذ كانت تردد علي مسامعها دائما أنها الوحيدة التي تحبها, وتخشي عليها من الآخرين, وقادرة علي تزويجها ممن هو مناسب لها, وللأمانة فإن زوجها وأولادها حذروها من الأثر السيئ لما تبثه في نفس ابنتي, لكنها استمرت في غيها, وهناك جانب آخر يفسر شخصيتها الغريبة, وهو أن علاقاتها الاجتماعية هشة, ودائما علي خلاف مع أقرب الناس إليها حتي زوجها وأخوتها, وها هي بعد عشرات السنين وزواج أبنائها, وبناتها تعيش مع زوجها كغريبين تحت سقف واحد!
انني الآن أحيا كالميت, وتنساب دموعي, كلما خلوت إلي نفسي, فلقد عجزت عن ايجاد حل يجعلني أحيا مطمئنا فيما تبقي لي من عمر, فماذا أفعل؟
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
هناك خيط مفقود لم تشر إليه من قريب أو بعيد, مما يجعل الحكم علي مشكلتك غير صائب بالمرة, إذ أنك لم تذكر أي موقف لزوجتك ضد ابنتك حتي ولو من باب التلميح لا التصريح, واعتبرتها الملاك الذي لم يخطئ, وقلت إن ابنتك كانت هادئة ووديعة حتي غيرتها خالتها التي قلبت حياتكم رأسا علي عقب, والحقيقة أن سرد ما دار علي مدي تلك السنين الطويلة علي هذا النحو, فيه مبالغة شديدة.. صحيح أنه قد تكون لشقيقة زوجتك الراحلة مواقف ضدكم نتيجة احساسها الطبيعي بأن هناك من حلت محل اختها, لكن الصحيح أيضا أنها لو وجدت منكم صلة الرحم التي تحدثت عنها ما فعلت ما فعلته, ولكنك اكتفيت بتوجيه ابنتك لزيارتها من حين الي آخر, وقطعت كل جسور الصلة التي ربطتك بهم حينما كانت ابنتك في رعاية خالتها!
ثم كيف تتخذ ابنتك موقفا معاديا لك وأنت أبوها, ما لم تكن قد وجدت منك انحيازا واضحا لزوجتك علي حسابها؟.. ثم هل من عاشت كل هذا العمر معك حتي وصلتما الي هذه السن, تتخلص من حياتها الزوجية لمجرد أن ابنة زوجها جاءت للمعيشة معها تحت سقف بيت واحد؟.. وحتي لو كان الأمر كذلك, ألم يكن من الممكن أن تعيش كل منهما في شقة منفصلة خصوصا أن ابنتك في مركز مرموق وتتقاضي راتبا كبيرا؟.
ولاشك أن رد فعل زوجتك بالإصرار علي الطلاق والحصول عليه لم يكن علي مستوي الحدث, خصوصا أنها تحملت ابنتك وكانت قريبة منها, ومهما أوغرت خالتها صدرها تجاهكم, فإن تأثيرها يكون محدودا مع سيدة عاقلة في وزن ورجاحة عقل ابنتك.. وقد يكون هذا التأثير ممكنا في مرحلة الصبا, ولكن لا تمتد آثاره بنفس الدرجة عندما يكبر الإنسان ويعي ما حوله من مواقف وأحداث.
وعلي الجانب الآخر فإنني اسأل شقيقة زوجتك الراحلة: هل تظنين أنك بأفعالك هذه سوف ترتاحين وتطمئنين؟.. كلا والله, فكل ما يحاول الإنسان إلصاقه بالآخرين من غم وأذي ينعكس عليه, وأنت ياسيدتي لن تنالي ما تتمنين اذا لم يرضي عنك ربك, ولم يرض بما عندك, فالواضح أنك تعيشين حالة من الريبة والشك, انعكست آثارها حتي علي القريبين منك كزوجك, وكان من الطبيعي أن تمتد آثار ما تعانينه الي علاقتك بابنة اختك.
ولتعلموا جميعا أن من يقدم الاحسان يعيش حياته في هدوء وسكينة, أما من يسيء الي الآخرين فإنه يقلق ويرتبك ويضطرب ويتوجس خيفة وفي ذلك يقول الشاعر:
اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم
والحل لمن أراد السعادة هو أن يحسن دائما الي الآخرين, وأن يتجنب الإساءة اليهم, لكي تمضي حياته آمنة حيث يقول تعالي الذين آمنوا, ولم يلبسوا إيمانهم بظلم, أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.
فحاول بحكمتك واتزانك أن تعيد المياه الي مجاريها مع زوجتك أولا ثم انصح ابنتك بأن تعيد حساباتها, ويمكنك أن تستعين بأهلك لإعادة المياه الي مجاريها مع زوجها.. ولتبدأوا صفحة بيضاء خالية من الشوائب التي علقت بحياتكم علي مر الزمن.. والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.