إنها ليست جريمة واحدة بل جرائم متعددة, وكذلك أطرافها هم متعددون جمعتهم أهداف شيطانية مشتركة رسمها لهم شيطانهم الأكبر حينما قال: أنا أو الفوضي, وسار علي ذلك أكابر المجرمين في عهده بقيادة ذلك الجنرال الهارب وكلهم علي آثار ودرب شيطانهم الأكبر سائرون, يضعون أمامهم إحداث فوضي عارمة بعد أن أزال الله سلطانهم فإذا بهم يحاربون أهل مصر بل يحاولون بتلك الفوضي إزالة الصفة اللصيقة بمصر التي امتن الله بها عليها حينما قال- عز وجل-: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين, فأرادها الله أمنا وسلاما وهم يريدونها حربا وخرابا, وسيخيب بإذن الله سعيهم لأن الذي يقف أمام إرادة الله سيحل عليه حتما غضب أهل السماء وأهل الأرض, وتبقي مصر محفوظة بإرادة الله فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. ولئن كانت الصورة قد أوضحت جيوشا من البلطجية خرجوا من جحورهم تلبية لدعوة شيطانية مدمرة, فإن المتأمل في خلفية الصورة يجد رجال أمن الدولة السابقين الذين تم حل جهازهم الآثم والذين كانوا يقولون: نحن مع النظام السابق حتي آخر نفس, وقد تلطخت أيديهم بالفعل بدماء الشهداء مثل خالد سعيد وسيد بلال ومسعد قطب بالجيزة وكان ذلك قبل الثورة, ثم جاء شهداء الثورة الأبرار بميادين مصر كلها, وليت الثورة كانت قد تخلصت بشكل نهائي من هؤلاء المجرمين الذين حموا نظام الظلم والطغيان, لكنها أي الثورة آثرت الطريق السلمي, لكن أني لهؤلاء أن يدركوا معني الثورة السلمية وهم من قبل قد عاثوا في البلاد فسادا وإفسادا. وفي خلفية الصورة أيضا رجال مال وأعمال أثروا من حرام وسلب ونهب يمولون الآن بهذا المال الحرام كل الأفعال المحرمة ليغيروا وجه مصر الآمن, لكن أهل اليقين واثقون من مصير هؤلاء فقد قال الله- عز وجل: فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون. وإن تعجب فعجب مشاركة بعض رموز الإعلام الذين ناصروا النظام السابق لآخر لحظة محرضين ضد الثورة ومشوهين لها, والآن يتباكون علي ثورة يقولون إنها سرقت وإن شئت الدقة فهم اللصوص الذين يريدون السطو علي حلم الشعب المصري في التحرر والقضاء علي الظلم والفساد. وعند التدقيق تجد أيضا أناسا لهم ألقاب لا يستحقونها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها, هؤلاء هم الذين يتصورون أنهم من أهل السياسة وهم لا يفهمون لها معني, إن السياسة هي القيام علي الأمر بما يصلحه, وهم يعملون علي هدمه من الأساس فقد أعمتهم رغباتهم في السلطة عن احترام نتائج العملية الديمقراطية الوليدة التي لا يقبلون بها إلا إذا حققت طلباتهم. وقف هؤلاء جميعا وراء الأدوات المباشرة للجريمة وهم جحافل البلطجة الذين رآهم الشعب يذهبون إلي( التظاهر) مسلحين بالسيوف والمطاوي والثعابين السامة والكلاب المتوحشة التي تشاركهم عالم الوحشية والهمجية, وكان من أبشع المشاهد التي رآها الملايين مشهد الشاب الذي استهدف بالمولوتوف فاشتعلت في جسده النيران بينما يقوم بتصويره أناس قلوبهم كالحجارة بل هي أشد قسوة, وهناك مشهد آخر بطله ممدد علي سريره بمستشفي البنك الأهلي وهو رجل يعاني في الأساس من إعاقة سمعية أصابه الهمج إصابات أدت إلي كسور متعددة وجروح قطعية استلزمت خمسا وعشرين غرزة جراحية, ولم يرحمه لا سنه الخمسيني ولا إعاقته السمعية. ويتلذذ بعض المنتسبين زورا إلي الثورة والثوار بما حدث من جرائم. إنهم بهذا قد خرجوا من دائرة الثورة ليسقطوا في هاوية الفوضي والعنصرية السياسية, وقد صدعوا الناس ساعات طويلة علي شاشات التلفاز بضرورة قبول الآخر وهم يعتدون ويتلذذون بتعذيب مواطنين مثلهم, ولا يغيب أبدا عن ذهن المتابعين للإعلام ما قاله شاب أهوج هاتفته مذيعة متحولة فقال وبئسما قال عن مواطنين مثله إنهم ليسوا بشرا ويستحقون جميعا أن يعلقوا علي المشانق بميدان التحرير. إن ثورة الخامس والعشرين من يناير قد رفعت لواء الكرامة لبني مصر أجمعين, والذي يعتدي علي كرامة الإنسان لا ينتسب ابدا إلي هذه الثورة حتي لو كان قد شارك في بدايتها. إن رئيس الجمهورية قد أعلن بوضوح أنه سيواجه بحسم كل هذه الأصناف حتي إن استدعي الأمر بعضا من الإجراءات الاستثنائية. وإن الكثيرين من أبناء هذا الوطن ينتظرون أن يفي الرئيس بوعده كي تتخلص مصر من الفتنة ومدبريها ودعاتها, إن الإجراءات الاستثنائية إنما شرعت لمواجهة أمثال هؤلاء المارقين من كل معاني الإنسانية والوطنية والثورية. إن سيف القانون لا بد أن يطال بل أن يقطع الأيادي العابثة بمصير الوطن. إن الناس في بر مصر يبحثون عن الأمن وإنه لنداء صدق من كل قلب يحب هذا الوطن أن يتعافي رجال الأمن لكي يؤسسوا لأمن الوطن الذي يعلو فوق أمن النظام, إن هذا التحول الاستراتيجي في الفكر الأمني يجب أن يبدأ من كليات الشرطة التي تستقبل الآن شبابا ينتمون لهذا الوطن, وان يتبناه شباب الضباط بوزارة الداخلية, أما بعض أصحاب الرتب الكبيرة داخل الوزارة الذين يحنون إلي الماضي بمآسيه فعليهم أن يختاروا بين الاستراتيجية الجديدة أو أن ينسحبوا تماما من المشهد إن كان بعضهم عاجزا عن فهم وإدراك هذا التحول. إن الأحزاب السياسية الصادقة في توجهها وفي حرصها علي أمن الوطن لا بد وأن تنتشر بين صفوف الشعب وأن توضح لهم الفارق الكبير بين إنقاذ الوطن وتخريبه, وبين دعاة الثورة ودعاة الفوضي, وبين الإعلام الصادق والإعلام المتحول, وإن الشعب المصري سيكون حتما عند حسن الظن كما كان طوال تاريخه وسوف تكتمل بإذن الله مؤسسات الدولة وعلي رأسها تلك المؤسسة التشريعية المهمة التي تستمد دورها من رغبات الشعب المصري وتحرس مستقبله عبر سن قوانين تحمي الثورة المصرية وثوارها الحقيقيين بعد أن طال الزيف بعضا من المنتسبين إليها. لمزيد من مقالات د.حلمى الجزار