مع التسليم بأن مسار الأحداث في مصر سوف يتأثر إلي حد كبير بما ستسفر عنه نتائج انتخابات مجلسي الشعب والشوري التي ستمهد لوضع دستور جديد للبلاد قبل الشروع في انتخاب رئيس للجمهورية. إلا أن حلم النهضة وهدف التغيير الجذري يظل رهنا بصحوة الضمير الوطني وسرعة الخروج من حالة الهياج والاحتقان التي طال زمنها بأكثر مما تحتمل قدرة الوطن وقوة احتماله! إن صعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني تتطلب صحوة لكل ضمير مصري لأن هذه الصحوة هي وحدها التي يمكن أن تفرز الأجواء الملائمة لعمل حقيقي وإنتاج مفيد يتفق مع حجم ما يملكه الوطن من طاقات بشرية وكوادر علمية من ناحية وحجم الطموح في بلوغ غد أفضل من ناحية أخري بدلا من استمرار استنزاف الوقت والجهد الوطني في مبارزات الشوارع الصبيانية. أتحدث عن صحوة الضمير التي تنمي في الفرد خاصية الانتماء الحقيقي والإحساس بأن مصلحته الذاتية ليست منفصلة عن مصلحة الوطن... بل إن مصلحة الفرد الذاتية لا يمكن أن تتحقق بعيدا عن صالح المجموع ودون أن تكون علي حساب المجموع! إن صحوة الضمير هي التي تضمن وضع مبدأ طهارة الحكم موضع التنفيذ الفعلي لأن صحوة الضمير هي العين الساهرة التي تقدر علي كشف كل مواقع الفساد والسلبية والقصور بشجاعة وجسارة ودون خوف من بطش أو قلق علي رزق! ولعله لا يغيب عن ذهن أحد أن صحوة الضمير لا تنشأ من فراغ ولكنها تنبت وتنمو وتنطلق في ظل مقومات أساسية أهمها عودة المجتمع إلي القيم الروحية والأخلاقية الفاضلة والانتقال السريع بهذه القيم من منابر الدعوة والخطابة وأحاديث الإذاعة والتليفزيون ومقالات الصحف والمجلات وبيانات المسئولين والوزراء إلي أرض الواقع والممارسة والتنفيذ, وأن يكون الدعاة لنشر هذه القيم بمثابة القدوة التي يشار إليها باحترام لأنها تقدم النموذج الطيب لتطابق القول مع الفعل! مصر تحتاج إلي صحوة الضمير عند كل فرد من أفراد الشعب لأنه بغير أن تصحو الضمائر, وتتوقف أصوات التهييج يستحيل الحديث عن تغيير جذري ونهضة حقيقية كانت في طليعة أهداف الأطهار والنبلاء من شباب الثورة... بل إنه في غيبة من صحوة فعلية في الضمائر يتعذر القول بإمكانية الطهارة والشفافية ومصداقية القول والعمل في السلوك العام وليس الأداء الحكومي فقط! خير الكلام: الأشجار المثمرة لا تنبت ثمارا فقط وإنما تنبت بذورا تضمن استمرار الصنف! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله