موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة الاستقواء بالخارج وتبرير تدخله في الشأن الداخلي‏(1-2)‏
خيانة تشويه صورة مصر‏..‏ وفضيحة تحقير الإرادة الشعبية
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 12 - 2011

لا يمكن السماح بأن يتحول الصراع الانتخابي عن مساره الديمقراطي الطبيعي باعتباره منافسة مشروعة بين كل القوي الحزبية والسياسية للحصول علي أصوات الناخبين ليصب بديلا عن ذلك في خانة شيطانية مدمرة تركز علي تشويه الهوية المصرية‏. لاوالافتراء عليها بتهم التطرف والتعصب والطائفية, والوصول إلي الدعوة الصريحة والعلنية للاستقواء بالخارج والالحاح في طلب التدخل الخارجي من أمريكا والغرب لمواجهة الاختيارات الحرة للمواطن المصري الذي أعطي أغلبية أصواته للأحزاب الإسلامية, وما يحدث علي الساحة السياسية والإعلامية يتجاوز كل المشروع والمقبول في المعارك الانتخابية, ويدخل بالقطع في خانة غير المشروع, وغير المقبول لأنه يستهدف اغتيال الصورة القومية المصرية الثابتة علي امتداد الدهر والتاريخ بكل وسطيتها واعتدالها, وبكل موروثها الحضاري الإنساني, وبكل قدرتها علي استيعاب الآخر ودمجه في نسيجها الواحد المتحد, وما يحدث بالضبط هو جريمة خيانة عظمي للثورة وللوطن, ولكل الطموحات المشروعة لمستقبل أفضل لأنه استدعاء شيطاني مدبر ومريب لكل مقولات اليمين المحافظ الماسوني صاحب الايديولوجية الأصولية المسيحية الصهيونية, وهو تعبير عن أسوأ ما فرضه علي سطح الأحداث العالمي بعد الحادي عشر من سبتمبر, وإعلانه الحرب الصليبية المقدسة ضد الإسلام الإرهابي المتطرف الذي لا يعرف الاعتدال, ولا يعترف إلا بالدم, وهو ما تم استخدامه كغطاء, وتبرير لإعادة استعمار العالم العربي, والعالم الإسلامي, وفرض الهيمنة والسطوة والسيطرة علي شعوبها ودولها, بما يضمن تحقيق أوهام وأساطير الكيان الصهيوني الغاصب وعتاة الإنجيليين الذين كانوا يقبضون علي عرش العالم بتربعهم علي عرش البيت الأبيض الأمريكي.
وقد يكون مفهوما في سياق الصراع العالمي الدامي ضد الإسلام, وضد الحضارة الشرقية العربية بجناحيها المسلم والمسيحي الارثوذكسي أن الركيزة الرئيسية للصراع تقوم علي تشويه صورة الحضارة العربية الإسلامية المسيحية, وعلي الربط الوثيق بينهما, وبين الإرهاب والتطرف والتعصب, ورفض قبول الآخر لتبرير العداء مع هذه الحضارة, وتبرير الحروب المتواصلة ضدها والاصرار الشديد علي تكسير عظامها, وعدم القبول الا بتركيعها, وإخضاعها بشكل مباشر لسطوة وسيطرة القوي الغربية بقيادة أمريكا, ولكن من غير المفهوم أو المبرر علي الإطلاق أن تقوم النخب المثقفة في العالم العربي والإسلامي بنفس الدور بكل الهمة والنشاط تحت دعاوي الليبرالية والعلمانية, ومن خلال زرع مفاهيم مغلوطة عن العداء الحتمي بين الدولة المدنية, وبين الدين والتيارات الدينية, وإذا كان العداء للإسلام عالميا يبرر التدخل العسكري المباشر لمواجهة القوي الاسلامية, فإن الإعلان عن العداء للدين في دولة مثل مصر يتصف أهلها بالاعتدال والتدين الوسطي يغرس سموم الفرقة, ويدفع البلهاء للوقوع في مصيدة الحرب الأهلية, ويبيح للطابور الخامس استباحة المطالبة بتدخل قوي الخارج في الشأن الداخلي, ويشكل ذلك محاولة فجة لاستدعاء النموذج الجزائري عندما صوت المواطن الإنسان في أول تجربة ديمقراطية حرة في أوائل التسعينيات لمصلحة مرشحي جبهة الانقاذ الإسلامية تعبيرا عن رفض قاطع للفساد, والحكم الديكتاتوري المستبد واعتراضا علي غياب حقوق المواطنين المشروعة عن اولويات الحكم والحكام, وكان الاستقواء بقوي الخارج والاستقواء بقوي الفساد والانحراف في الداخل تحت ظلال التخويف من فزاعة الحكم الإسلامي وفزاعة التطرف الإسلامي, وكانت النتيجة إهدار الإرادة الشعبية, ومنع جبهة الإنقاذ من تولي مسئولية الحكم وعودة فلول النظام المرفوض شعبيا للسطوة والسيطرة, ودخول الجزائر لسنوات طويلة إلي دوامة العنف والفوضي والاضطراب.
مؤسس حزب المصريين الاحرار واطلاق دعوة الاستقواء بالخارج
وما حدث خلال الجولة الأولي لانتخابات مجلس الشعب من دعوة صريحة أطلقها نجيب ساويرس مؤسس حزب المصريين الأحرار الذي هو عماد تجمع الكتلة المصرية للاستقواء بالخارج, وحتمية تدخل العالم الغربي لمواجهة مخاطر فوز الاسلاميين بالأغلبية يستوجب أن تنتفض كل القوي الوطنية علي تعددها واختلافها, وفي مقدمتها ائتلافات الثورة للإعلان عن الإدانة الصارمة لمثل هذه التصريحات بحكم أنها ترقي إلي مرتبة الخيانة العظمي للثورة والوطن, فهي في الأول والآخر تؤكد احتقارها لاختيارات الإرادة الشعبية للمواطن المصري التي تستوجب بديهات الديمقراطية الحقيقية أن يتم احترامها, ولا يسمح لأي طرف أو جهة بالمساس بها أو الاقتراب منها علي الأخص, إذا كان المساس بها والاقتراب منها يرتبط بدعوة قوي الخارج للتدخل لمواجهتها والانقضاض علي إرادتها الحرة التي عبرت عنها من خلال صناديق الانتخاب في انتخابات أكدت كل الجهات الداخلية والخارجية اتمامها بدرجة عالية من النزاهة والشفافية مع الغياب الكبير لكل صور, وأشكال التزييف والتزوير للإرادة الشعبية التي كانت السمة الرئيسية للانتخابات المصرية علي امتداد عقود طويلة ماضية, خاصة في ظل سطوة وطغيان التشكيل العصابي الإجرامي للحكم البائد الفاسد.
وتعيد صرخة نجيب ساويرس للاستقواء بالخارج صورا ومشاهد عديدة مرفوضة ومدانة علي امتداد التاريخ المصري منها مشهد المعلم يعقوب الذي حوله الدكتور لويس عوض المفكر اليساري الليبرالي الشهير إلي الجنرال يعقوب علي الرغم من أنه باع وطنه للفرنسيين خلال الحملة الفرنسية, وبالرغم من أنه زرع الفتنة الطائفية علي أرض أم الدنيا, وقد كان مصيره وجائزته من الفرنسيين, كما مصير وجائزة كل العملاء علي امتداد التاريخ, حيث القي به الفرنسيون في عرض البحر الأبيض المتوسط أمام الإسكندرية, وهم ينسحبون عائدين لفرنسا بعد هزيمتهم المريرة أمام الثوار المصريين, كما يعيد إلينا مشهد استدعاء الخديو توفيق للإنجليز واستعمارهم لمصر في مواجهة ثورة المصريين بقيادة أحمد عرابي, وهي مشاهد مرة ومريرة يجب أن يتصدي لها جموع المصريين بكل طوائفهم وفئاتهم, وأن تكون هناك رسالة اعتراض حازمة في الجولتين الانتخابيتين المقبلتين للامتناع الكامل والشامل عن التصويت لمرشحي الكتلة المصرية, تماما كما عبر أهل الاسكندرية عن رفضهم للتزمت والانغلاق الفكري بتراجعهم عن تأييد المهندس عبدالمنعم الشحات القيادة السلفية البارزة ومرشح حزب النور في انتخابات الاعادة بالجولة الاولي خاصة أن الدعوة للاستقواء بالخارج قد سبقتها من الشخص نفسه دعوات مكثفة ثابتة لإثارة النزاع والشقاق الديني وترسيخ الطائفية المقيتة عندما وضع علي موقعه علي الانترنت صورا للشخصيات الهزلية ميمي وميكي باللحية والملابس الإسلامية في استفزاز رخيص للمشاعر الإنسانية قبل الدينية وفي استهانة عنيدة بقيم التحضر الإنساني وقواعده الراسخة.
ومن يساير دعوات الاعتراض علي قرار الإرادة الشعبية واختياراتها الديمقراطية يدفع مصر إلي حاضر ومستقبل شديد الإظلام, وشديد الدموية, ويفتح أبواب الجحيم للقضاء المبرم علي الثورة, وطموحاتها المشروعة وهو في تلك اللحظة يعبر عن قمة مزرية من قمم التطرف والتعقب الاعمي ويحتل المقدمة في ارهاب الشعب المصري وترويع أمنه وسلامته لأنه يبرر عودة الدكتاتورية والاستبداد والطغيان, ويطرح علي السطح كل دعاوي الفساد الكاذبة التي كانت تركز دائما علي عدم أهلية المواطن المصري للاختيار الديمقراطي السليم, وعدم أهليته للمشاركة السياسية الحقيقية, وضرورة أن تتولي حفنة قليلة ممن يدعون العلم والمعرفة ببواطن الأمور القيام بدور الوصي علي هذا الشعب, وتنظيم عمليات الاختيار نيابة عنه بالاستعانة بكل صور وأشكال التزوير والتزييف والخداع للإرادة الشعبية الفعلية لأنها في منظقهم الفاسد لا تصلح, ولا تحقق الصواب, ولا تضمن المصلحة العامة, كما كان يؤكد دائما سدنة معبد الطاغوت الأكبر الذي لا يقبل بديلا عن الإمساك بتلابيب السلطة بين يديه والابقاء علي كل مفاتيح خزائن مصر طوعا لنزواته ورغباته, وبما يرضي مافيا الجريمة المنظمة التي يحكم من خلالها, ويتحكم, ويستبد.
ويجب أن يتم تلقين دروس الديمقراطية والحرية لجميع جحافل الظلام بالتأكيد علي أن الدرس الأول يرتبط ارتباطا وثيقا باحترام الارادة الشعبية خاصة عندما تكون هي الارادة الشعبية الثورية التي تصر علي استعادة المصري كرامته وشرفه وارادته الحرة وتخليصها من براثن المغتصبين لها بالقوة الغاشمة, ويحتم ذلك استعادة البوصلة الصحيحة للتفكير والحكم علي الاشياء بعيدا عن ضبابيات الوهم والاختلاف التي زرعها التشكيل العصابي الاجرامي لكسر شوكة الارادة الشعبية بتخويفها الي درجة الرعب والفزع المفرط من البدائل وتنصيب نفسه حاميا للوطن والمواطن مما أسماه تطرف الاسلاميين وما يمكن أن يشكلوه من تسلط علي الحريات العامة والشخصية بما يضمن تحويل الاسلاميين في نهاية المطاف الي مسخ شيطاني مرعب يبرر سطوة الديكتاتورية والاستبداد والطغيان لسد الطريق عليهم ومنعهم من الوصول للحكم والسلطة.
وتفهم الابعاد الحقيقية للصرخات المنفلتة للاستقواء بالخارج التي تشعل نيرانها علي مدار الساعة عدد من القنوات الفضائية المشبوهة بحكم امتلاكها من قبل عدد من رجال الأعمال الذين كانوا وعلي امتداد سنوات طويلة يشكلون الحلقة اللصيقة بالنظام البائد الفاسد, قد يفيد في تفهمه وإدراك معانيه التي تصل بالضرورة لطلب التدخل المباشر علي الأرض استعادة تصريحات جانيت بوجراب وزيرة الدولة الفرنسية لصحيفة لوبراسيون تعليقا علي فوز الاسلاميين في تونس والمغرب ومصر بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية بتأكيدها القاطع بأنه لا يوجد اسلام معتدل وهو ما يعني أن دعوات الاستقواء بالخارج التي يشعل نيرانها الاعلامية كتيبة جمال مبارك وأحمد عز الاعلامية الفاسدة بتصدرهم شاشات القنوات الضالعة بشكل مباشر في مؤامرة اغتيال الثورة, والأكثر خطورة ضلوعها في مخطط اغتيال مصر وتشويهها بحكم أن الغالبية من سكانها مسلمون فهم بالضرورة كما تؤكد وزير الدولة الفرنسية غير معتدلين وهو ما يعني بوضوح من سياق حديثها انهم بالضرورة متطرفون وهم أيضا ارهابيون سلوكا وفكرا وتعصبا بحكم عدم قدرتهم علي الاعتدال.
تشويه الاسلام والمسلمين وتأجيج المخاوف الزائفة من الربيع العربي
ويفضح هذا السياق للاحداث هدف المخططات المعادية التي يسعي البعض بنفوذ الاعلام وسلطانه وبنفوذ المال وسلطاته الي فرضها علي ارض الواقع كفزاعة لأهل الداخل وأهل الخارج علي امتداد الكرة الأرضية بالادعاء الاجرامي أن العدو الحقيقي المستهدف ليس هو الاحزاب السياسية الاسلامية بل الاسلام في ذاته والمسلمون في ذاتهم ودولهم وأوطانهم وفي ثقافتهم كما يعني أن هناك حربا قذرة غير مقدسة يتم التحضير لها لمواجهة ربيع الثورات العربية من مدخل اعلان حرب جديدة علي الاسلام والمسلمين تحت ستار الحرب ضد الاحزاب الاسلامية كما كانت حرب الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن الاصولي اليميني المحافظ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حربا علي الاسلام والاصولية تحت ستار الحرب علي القاعدة وهي حرب ضارية متواصلة الحلقات منذ القرون الوسطي بذرائع وحجج مختلفة وكانت حلقة من حلقاتها الرئيسية لتبرير الاستعمار البريطاني والفرنسي للعالم العربي في القرن التاسع عشر عن طريق اثارة معركة كبري عن أن الاسلام هو سبب تخلف المسلمين وهي معركة اشتعلت نيرانها بين الشيخ جمال الدين الافغاني وبين الفيلسوف الفرنسي ارنست رينان وزير المستعمرات ورد عليه الافغاني بأن المسلمين هم سبب تخلف الاسلام وأن الصورة المتخلفة لبلاد المسلمين في ذلك الوقت تناقضها تماما صورة التقدم والتحضر للعالم الاسلامي في القرون الوسطي السابقة علي خضوعهم للأمبراطورية العثمانية وما قدموه للعالم من علم ومعرفة وثقافة وفنون, مما يؤكد أن التخلف قضية ترتبط بنظام الحكم وليس بالدين كما هي صورة التخلف القاسية في أوروبا في ظل حكم الملوك والأباطرة الطغاة الذين صنعوا من أنفسهم ظلا لله علي الأرض بمساعدة ودعم الكنيسة الكاثوليكية ثم الكنيسة البروتستانتية.
وخطورة ما يتم علي الساحة السياسية والاعلامية من صخب وضجيج لتبرير الاستقواء بالخارج والتخويف من فوز الأحزاب الاسلامية أنه يصب بشكل مباشر في خانة الاستقواء علي كل الوطن وعلي ارادته الشعبية الحرة كما يصل بشكل واضح لطلب التدخل في الشأن الداخلي بحجة دعم التيارات الليبرالية والعلمانية التي تتخوف وتخشي من الدولة الدينية وقيامها وتخشي من سطوة التيارات الاسلامية صاحبة الأفكار المتطرفة الارهابية ويشكل ذلك بضاعة شيطانية تخاطب آذانا مصغية في اوروبا وفي امريكا تبحث عن هذا الخطاب المارق الذي غرسته ورعته ودعمته علي امتداد سنوات الاستعمار الطويلة المظلمة للدول العربية وهو حديث يكرر مقولات غلاة التعصب, والتطرف في الثقافة الغربية.
الف باء الديمقراطية تحتم التسليم بنتيجة صناديق الاقتراع التي تحددها ارادة الناخب الحرة النزيهة البعيدة عن الغش والتدليس الخالية من التزوير والخداع وهي في النهاية صانعة الارادة الشعبية للأمة التي تقرر الشرعية والمشروعية في اختيار من يتولون الحكم نيابة عن الأمة, وهؤلاء هم أيضا التي تملك الارادة الشعبية أن تقصيهم عبر صناديق الاقتراع كما تملك الارادة الشعبية الثورية أن تقصيهم حال ثبوت خيانة الامانة وحال ثبوت الطغيان والفساد كما تصنع دائما الثورات وكما صنعت ثورة25 يناير التي تثبت الايام يوما بعد يوم أن الجموع الشعبية العريضة لاترضي بديلا عن حمايتها ورعايتها كما ظهر بجلاء ووضوح في حماية مقار الاقتراع الانتخابي علي امتداد الجولة الأولي للانتخابات بالحشد الجماهيري واللجان الشعبية وماصنعه من حماية قوية ازاحت البلطجة والبلطجية وأباطرة الترويع الأمني عن ساحة الأحداث.
وببساطة شديدة فإن حصول التيار الاسلامي علي الأغلبية يعبر عن ضعف الثقة في التيارات الاخري صاحبة الاقلية كما انه يعد بمثابة تصويت لصالح التيار الذي فرض عليه التشكيل العصابي الاجرامي للعهد البائد العزلة القسرية علي امتداد العقود الطويلة الماضية منذ قيام ثورة23 يوليو1952 وحتي قبلها بسنوات وهو بذلك رسالة لرفض سياسة تهميش الشعب المصري بغالبيته العظمي ورفض للقمع البوليس والاستبداد لتهميش تيار من تيارات الشعب المصري, وهو ايضا رسالة تأييد واحتجاج لما تعرضت له التيارات الاسلامية من ظلم فادح واعتقالات بشعة وتعذيب في السجون وما تعرضت له قيادات بارزة منها لأحكام ظالمة بالاعدام, ومن لايفهم هذه الرسائل يؤكد نيته المبيتة علي الاساءة للشعب وعدم الاعتراف بقدراته وحساباته العقلية والوجدانية الرصينة التي تمتد جذورها لأكثر من سبعة آلاف سنة حضارة علي أرض أم الدنيا.
وهؤلاء الذين يقيمون مأتما للدولة المدنية مع فوز الاسلاميين بالأغلبية ويدعون أن الديمقراطية الغربية المعاصرة لاتعترف بالاحزاب ذات المرجعية الدينية, ينشرون حديثا غوغائيا لايرتبط بالواقع من قريب أو من بعيد, لأن الأحزاب الكبري التي حكمت دول اوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية كان اسم المسيحي وصفة المسيحية جزءا رئيسيا من أسماء هذه الاحزاب ومازال الحزب الديمقراطي المسيحي بحكم المانيا الدولة القائدة الرئيسية في الاتحاد الأوروبي بمشاركة الحزب المسيحي الحر البافاري, وكان كذلك الحال بالنسبة لحكم ايطاليا علي امتداد عقود طويلة ولم يقل أحد بأن صفة المسيحية تعني أن الحزب هو حزب ديني بالأساس, كما لم يقل أحد أن هذه الاحزاب تتبع الكنيسة وتتبع بابا الفاتيكان عند اتخاذ قراراتها وطرح برامجها كما لم يقل أحد عنها أنها تقف في ساحة الفاتيكان تطلب صكوك الغفران من البابا كما كان يحدث مع ملوك وأباطرة اوروبا في العصور الوسطي.
وتبقي كلمة اخيرة لهؤلاء الذين يتخوفون من الاسلام قبل أن يتخوفوا من الأحزاب والتيارات الاسلامية ترتبط بأوضاع الحكم في الكيان الصهيوني الغاصب الذي يعتبر نفسه واحة الديمقراطية, وسط غاية التخلف العربي الاسلامي وما يتضمنه النظام السياسي من السماح بقيام الاحزاب علي اساس مرجعية دينية بل والاستعانة بهذه الاحزاب لتشكيل ائتلافات الحكم وتعيين عدد كبير من الوزراء من بينهم علي الرغم من رجعيتهم الشديدة وتطرفهم المروع واحاديثهم الارهابية العلنية الفاجرة وصولا الي مطالبة الكيان الصهيوني باعتراف العالم بهم علي اساس دينيباعتبارهم دولة يهودية بما يطرح قيام الدول علي اساس ديني في عالم يقال إنه لايعترف بتأثير الأديان في نظم الحكم, وكل ذلك وغيره كثير يحتم اجابات شفافة غير مغلوطة من قوي الاستقواء بالخارج التي توهمت قدرتها علي السطو علي الثورة والدولة وتبث سمومها الحارقة عندما قالت الارادة الشعبية كلمتها ورفضتهم باعتبارهم أذناب وادوات التشكيل العصابي الاجرامي للنظام البائد الفاسد؟!
المزيد من مقالات أسامة غيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.