10 سنوات كاملة, والحديث عن بيع وشراء الأفلام المصرية لا يتوقف, وظل اللاعب الاساسي في كل الصفقات الشركات الخليجية, أو بدقة أكثر: شركتان كبيرتان بالتحديد هما روتانا التي يملكها الامير وليد بن طلال, وART التي يملكها الشيخ صالح, وتمت كل الصفقات تحت رعاية ودعم مسئولين سينمائيين مصريين كبار, وهؤلاء روجوا مقولة أن البيع جعل لهذه الافلام قيمة!!.. وان الأمير والشيخ حفظا شرائط الافلام من التلف, بعد أن كانت قاب وقوسين أو أدني من التحلل والعدم.. والرد علي هؤلاء ليس مجال حديثنا الآن. إن ما جعل مسألة بيع الأفلام, تعود بقوة, وتتصدر عناوين الصحف وبرامج التوك شو التليفزيونية أنها اتجهت الي منحني جديد, فالافلام التي تمتلكها روتانا دخلت ضمن صفقة عقدها الامير مع شركة عالمية كبري يملكها الملياردير اليهودي روبرت مردوخ, وعلي الجانب الآخر اشيع أن الشيخ صالح أوART في سبيلها لعقد صفقة لبيع الأفلام والمحطات السينمائية لقنوات الجزيرة القطرية, والذاكرة المصرية لم تنس بعد ما فعلته الجزيرة بعد شراء المحطات الرياضية من الشيخ صالح.. والمعني في النهاية أن أفلامنا أو تراثنا السينمائي لم يعد لنا فيه أي حق, واصبح يخضع لاستثمارات كبير, سوف تتحكم فيه كما تشاء.ودعونا الآن من طرح أسئلة بسيطة ومهمة مثل: هل صفقات الأمير والشيخ مع مردوخ والجزيرة ستكون رابحة؟!.. وهل يتعذر علي المصريين مشاهدة أفلامهم في الفترة القادمة إلا إذا دفعوا ما يريده المستثمرون الجدد؟!.. فمثل هذه الاسئلة يمكن أن نجيب عليها, بل ونتدارك الأمر برمته إذا احسنا العاب الاقتصاد.. ولكن مالا يمكن تداركه, والذي يتطلب قرارات سريعة وحاسمة هو أن نحافظ علي تراثنا السينمائي أولا, وهذا يتحقق بقرار سياسي ثم اجتهاد وجهد السينمائيين وكل مصري يعرف قيمة هذا التراث.. ثم يأتي أخيرا كيفية توفير الأموال لاسترداد أفلامنا. المشكلة أو الأزمة الحقيقية التي تواجهنا الآن ليست في صفقات مردوخ وقطر, انما هي اننا لم نحاول علي مدي100 سنة هي عمرنا السينمائي أن نحتفظ أو نحافظ علي هذا التراث السينمائي, وإن لم نفعل الآن فأنه لا أمل, فما هو متاح لنا الآن يمثل الفرصة الأخيرة.. كيف؟! أن يتم تداول الأفلام بين من يشاء, وإن يعرضها كما يشاء, لا يمثل لنا مشكلة الآن, بل ربما يأتي في صالحنا ويؤكد اننا نقدم فنا يسعي لاقتناصه واستثماره الأخرون.. لكن تبقي المشكلة اننا لا نحتفظ بهذا التراث, فالمفروض وكما يحدث في العالم كله ان يكون لدينا أرشيف قومي يضم كل أعمالنا السينمائية بكل ما تضمه هذا الافلام من تاريخ وفكر وفن ووجدان تمثل جزء من الرصيد الثقافي لشعبنا علي مدي100 سنة.. والمطالبة بهذا الأمر طوال10 سنوات لم تتحقق.. لا اعرف لماذا؟.. ولكن كيف يتحقق هذا؟ أولا: اصدار قرار جمهوري بانشاء الارشيف السينمائي بهدف الحفاظ علي التراث والذاكرة البصرية المصرية للأجيال القادمة.. وثانيا: توفير وتجهيز مبني ملائم للحفاظ علي هذا التراث.. بالاضافة إلي اقامة سينما تيك ومتحف لتاريخ السينما. وميزانية تحقيق ذلك ماديا ليست كبيرة, بل أن مجرد الاعلان عن اصدار قرار جمهوري وتكوين مجلس ادارة للارشيف القومي, سوف يلقي دعما كبيرا من كثير من المؤسسات الدولية والعالمية مثل الاتحاد الأوروبي, ومثل المركز القومي الفرنسي الذي اتفق د.خالد عبدالجليل رئيس المركز القومي معه مؤخرا علي المساهمة في تحقيق هذا الارشيف. لن يتحقق هذا الا اذا تبني الأمر الوزير الفنان فاروق حسني باصرار واجتهد حتي يحققه.. فليس مهما ان تباع وتشتري الافلام ولمن, انما المهم أن تكون هذه الافلام موجودة لدينا اصلا, ونحافظ ونحتفظ بها في ارشيف قومي.