رئيس جامعة المنيا يشهد ختام فعاليات المُلتقى السنوي الخامس للمراكز الجامعية للتطوير المهني    الحكومة: استمرار الدعم يهدد الاحتياجات الأساسية.. ولن نترك المواطن يواجه الغلاء وحيدًا    وزير المالية: تنمية الموارد وترشيد الإنفاق عنصران أساسيان لتكون الموارد بقدر المصروفات    تفاصيل سعر جرام الذهب عيار 21 في ختام التعاملات اليوم    خادم الحرمين الشريفين وولي عهده يعزيان في ضحايا الانزلاق الترابي الذي وقع في قرية إنغا    خلال زيارة بوتين.. روسيا وأوزبكستان توقعان 20 وثيقة لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية    جوتيريش: لا مكان آمن في غزة ويجب وضع حد للفظائع    سنتكوم: قواتنا دمرت مسيرة حوثية فوق البحر الأحمر    اليابان تدعو لتوخى الحذر بعد أنباء عن إطلاق كوريا الشمالية صاروخ    سبيس إكس تخطط لإجراء الاختبار الرابع لصاروخها العملاق ستارشيب    أحمد ناجي قمحة: الصدامات بالداخل الإسرائيلي سبب تصاعد العمليات العسكرية بغزة    دبلوماسي سابق: الولايات المتحدة الداعم الأكبر لإسرائيل تؤيد حل الدولتين    والد ياسين حافظ: نجلي سيرحل عن الزمالك..وأيادي خفية منعت انضمامه للمنتخب    عاجل.. حمدي فتحي يحسم موقفه من العودة إلى الأهلي    شوبير: كولر أبلغني أنني سأكون الحارس الأول إذا انضم أبو جبل    إبراهيم حسن: منتخب مصر للجميع..وهدفنا التأهل لكأس العالم    موسيماني يهبط بفريق أبها السعودي إلى دوري يلو في الموسم القادم    استعدادات عيد الأضحى 2024: عد الأيام والتحضيرات المبكرة    ننشر أسماء ضحايا حادث حريق مخزن ملابس رياضية ومواد بلاستيكية في الدقهلية    تعرف على موعد عيد الأضحى في الدول الإسلامية    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل ‫    حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 28-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 28-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    محمد ممدوح يعود للكوميديا بفيلمي «إكس مراتي» و«روكي الغلابة»    فوائد صحية مذهلة لبذور قرع العسل.. «مترميهاش»    محامي رمضان صبحي: نأمل حل أزمته سريعا ولحاقه بمعسكر منتخب مصر    المندوه: الزمالك حصل على جزء من مكافأة الفوز بالكونفدرالية.. ونحاول حل أزمة القيد    بدر حامد يكشف ل «أهل مصر» مصير ناشئي الزمالك بعد إلغاء مسابقة 2003    اتصالات النواب ينصح المستخدمين: الروابط المجهولة تخترق الصفحات الشخصية    توقعات بانخفاض درجات الحرارة اليوم بالقاهرة والمحافظات    أخبار 24 ساعة.. وزير الأوقاف: إجمالى المساجد المجددة منذ تولى الرئيس السيسي 12 ألفا    مصادر: ستيلانتس تعتزم إنتاج سيارتين جديدتين في إيطاليا    برلماني: الحوار الوطني يعود في توقيت دقيق لحشد الجهود لحماية الأمن القومي    حازوا شماريخ.. قرار قضائي بشأن 39 مشجعًا أهلاويًا في نهائي إفريقيا    وزير التعليم يشهد فعاليات الحفل الختامي للدورة الثامنة بمسابقة "تحدي القراءة العربي".. ويكرم الفائزين    إعلام عبرى: سقوط قذيفة صاروخية بمنطقة مفتوحة فى مستوطنة ناحل عوز بغلاف غزة    سيمون تحيي ذكرى ميلاد فاتن حمامة: كل سنة وسيدة الشاشات خالدة في القلوب    أخبار مصر اليوم: استشهاد أحد العناصر المكلفة بالتأمين على الشريط الحدوي.. وموعد إعلان نتائج الشهادة الإعدادية 2024 بالقاهرة والجيزة    في مؤتمر صحفي.. كشف ملامح خطة عمل مركز الأورام في كفر الشيخ    مدير الصحة العالمية: اعتمدنا 120 دواء ولقاحًا للإيدز والسل والملاريا فى 2023    سيد علي يسخر من ظهور ياسمين صبري على السجادة الحمراء بمهرجان كان: محدش يعرفها غير المصور بتاعها    تعرف على فضل وحكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    جامعة دمنهور تشارك في فعاليات الملتقى السنوي للمراكز الجامعية للتطوير المهني    الانتهاء من 16 مشروعًا بنسبة 100% ضمن حياة كريمة في إدفو بأسوان    فرص للطلاب الفلسطينيين في الجامعات المصرية    طريقة عمل دقة الكشري بخطوات بسيطة وزي المحلات    «التعليم»: مشاركة 31 ألف طالب من ذوي الهمم بمسابقة «تحدي القراءة العربى»    محافظ المنيا يعتمد إحداثيات المبانى القريبة من الأحوزة تيسيرا لإجراءات التصالح    الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع وسط ترقب مسار أسعار الفائدة    بُمشاركة أطراف الإنتاج الثلاثة.. الحوار الاجتماعي يناقش مشروع قانون العمل وتحديات السوق    هل يجوز تعجيل الولادة من أجل السفر لأداء الحج؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء تجيب    الإفتاء: الفقهاء وافقوا على تأخير الدورة الشهرية للصيام والحج    محافظ بني سويف يشهد احتفالية لتجهيز 26 عروسًا من الفئات الأولى بالرعاية    أحكام العمرة وفضلها وشروطها.. 5 معلومات مهمة يوضحها علي جمعة    بعد حبسه.. القصة الكاملة في محاكمة أحمد الطنطاوي في قضية تزوير توكيلات    في عامه ال 19.. المدير التنفيذي لبنك الطعام: صك الأضحية باب فرحة الملايين    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    «الداخلية»: تنظيم حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الطريق‏..‏ من استمرارية الميدان إلي فاعلية البرلمان

وقعت بين هذين الأسبوعين أحداث كثيرة وكبيرة‏,‏ كنت قد كتبت في المقالة السابقة أبشر بالانتخابات ضمن صياغة جامعة بين أخلاق الثورة وفضائل الميدان وقيم الانتخابات وفي ذات اليوم التي نشرت فيه المقالة وقع عالم أحداث في مسلسل شديد الكارثية وتمنينا أن تكون أحداث. ماسبيرو آخر الكوارث, وربما تعلم الجميع الدرس. ولكن في مسلسل أشد كارثية كانت القصص تتداخل قصة الميدان, قصة الانتخابات, قصة البرلمان, وحاول البعض أن يجعل من الميدان في مواجهة حتمية مع الانتخابات والبرلمان, وهؤلاء لا أنزه أغلبهم عن الغرض اللئيم والتلبيس الذميم.
أرادوا أن يمرروا كل معاني التبرير وعدم المسئولية عن هذه الكوارث ضمن إدارة لمرحلة انتقالية صارت من تكرار أزماتها إدارة بالكوارث, سواء نتج ذلك عن جهل أو غباء أو مصالح أنانية أو كل هذا معا, فعنوان هذه الإدارة كما أكدنا التعتيم والتعويم والتأزيم وفي كل مرة سقط المصابون وسالت الدماء وفقدنا الشهداء وفي كلام سقيم خرج علينا الجهابذة الذين يبررون ويسوغون للإدارة المتعثرة للمجلس العسكري للمرحلة الانتقالية, صنعوا فن المصادمة الذي لا يجيدون غيره بين الميدان من جهة والانتخابات والبرلمان من جهة أخري, في هدف مباشر يتغيا تبرئة المجلس العسكري من مسئولية يتحملها ومن مساءلة واجبة يجب القيام بها وعليها.
هذه الكائنات المدنية المظهر العسكرية الهدف من علماء سلطان العسكر وهذه فئة جديدة ولدت مع المرحلة الانتقالية تحاول تكسير مثلث البدهية المتعلق بالسلطة:
كلما زادت السلطة, زادت المسئولية, وكلما زادت المسئولية وجبت المساءلة.
السلطة, المسئولية, المساءلة, مثلث البديهة في عالم الحرية والكرامة, إلا أن هؤلاء الذين أرادوا تبريرا وتسويفا وتسويغا أرادوه خطا واحدا هو خط صناعة الاستبداد تزيد فيه السلطة من دون مسئولية أو مساءلة وكأنهم الآلهة لايسألون عما يفعلون والآخرون يسألون.
وفي غمرة حملة المباخر الذين يسوغون لكل سلطة استبدادها ويزينون لها فعلها المشين, تحول حملة المباخر للدفاع عن حملة القنابل المسيلة للدموع وقاذفي الخرطوش ومطلقي الرصاص معتقدين أن إسكات الأصوات التي تنادي بضرورة الانتقال إلي حكم مدني, وأرادوا بقنابل الغاز خنق اللسان وقتل الإنسان ولم يتعلموا أن درس الكرامة أعظم وأشد, يتحمل فيه الإنسان الشريف حتي قتله ليعيش في كرامة وعيش وحرية وعدالة اجتماعية.
يا حملة المباخر للمجلس العسكري أو كل سلطة أيا كان مقامها وأيا كان سندها, يا من تبررون لحملة القنابل المسيلة للدموع والخانقة للأرواح ياترزية القوانين والتي يفصلونها لكل مقام اعلموا في كل مكان أن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا, أم أنكم تعلمتم درس القتل من دون درس الحياة والإحياء وتغافلتم عن درس الحياة في القصاص ولكم في القصاص حياة, وأردتم درس السلطة والجبروت والطغيان, أقول لهؤلاء جميعا في الميدان تعلمنا درس الحياة والإحياء, في الميدان تعلمنا قيمته لأن فيه ولدت كرامة الإنسان وقيمة الأوطان, في الميدان أسس الوطن الصغير الذي نتمناه, في الميدان الذي كان رمزا لكل ميادين الحرية ولايزال, ليس في مصر وحدها بل في كل مكان من الإنسانية والمعمورة هذا هو مشهد الميدان ؟!
قد يقول البعض ما هذه البلاغة وما شأن هذا الدرس في الحماسة ؟
أقول: إن هذا ليس درسا في الفصاحة أو البلاغة أو الحماسة ولكنها عبقرية الميدان والحاجة إليها والمطلوبية له, لأن الميدان ميزان الحياة السياسية والمجتمعية حينما اجتمعت فيه أطياف الجماعة الوطنية, ومن فيض الميدان جاءت الانتخابات علي هذه الشاكلة وأقيلت حكومة العجز وبدا المجلس العسكري يحدد ولأول مرة متي سيسلم السلطة علي وجه الدقة لا وجه الحقيقة, فالميدان هو من دفع من بيدهم السلطان إلي أن يؤمنوا الانتخابات علي هذا النحو وإلا لتآكلت شرعيته, والميدان هو الذي حرك هذا الشعب العظيم الواعي في شكل غير مسبوق لأداء انتخابي بكل طوائفه ليعلن أنه هو الرقم الصعب الذي لا يجوز تخطيه ولا يجوز القفز عليه.
تعرفون أن الميدان خيار, وخيارات الميدان في نزع الشرعية عن كل من لا يستحق ولكن السلطة جهة قرار, وهي بعد لم تتعلم درس الميدان ولم تتواكب معه بل عن عمد أغفلته وقفزت عليه وبدلا من العمل علي موجته أرادت تارة الالتفاف عليه أو علي مطالبه أو تشويه الصورة حوله والإدراك عنه.
هذا التشويه المقيت في تصويره بميدان البلطجية, بدفع عصابة البلطجية كل مرة, ناسين أن سلطة الداخلية هي التي كانت ومازالت توظف البلطجية وتحركهم وتستأجرهم في معارك مفتعلة وتدسهم بسلوكياتهم لتشويه نقاء الميدان وطهارته بالمدفوعين والمدفوع لهم من البلطجية والمجرمين.
تشويه الميدان وتزييف صورته بإعلام مهترئ وبأجهزة إعلامية حكومية ضبطت بوصلتها علي السلطان أيا كان صناعتها التشويه والتشويش.
تشويه الميدان الأصيل لاصطناع الزيف الكبير, إن أهل السلطان وأهل حملة المباخر وحملة القنابل يعرفون قيمة الميادين التي يصنعونها وقيمة الميادين التي تشكل نبض الناس وحقيقة الشعب ومستقبل مصر الجديد.
أيها الناس إن الميادين النابعة غير الميادين التابعة لا يستويان.
إن ميدان وميادين الثورة غير ميادين الضرار التي تشكل وتبور الأرض لتوطيد عناصر استبداد جديد, إلي هؤلاء الذين جعلوا من صناديق الانتخابات همهم الأول والأخير جعلوها( الفكرة الوثن) علي حد تعبير مالك بن نبي, إن صناديق الانتخابات مهمة في الخروج إلي حال انتقال سياسي تنتقل فيه السلطة من العسكري إلي المدني وهي أول ثمار الثورة في انتقالها المؤسسي ولكن وضع الانتخابات والبرلمان في مواجهة الميدان هو افتعال لتناقض غريب.... ولكن كيف نتحدث فقط عن صناديق الانتخاب وننسي أو نتناسي أو نغفل صناديق الشهداء التي تمر أمام أعيننا؟.. أهانت الأرواح والنفوس, والله لحرمة صناديق الشهداء أشد حرمة من صناديق الانتخاب وأي صناديق يتخيلون.
إن صندوق الانتخابات وسيلة وليس وثنا وجعله المدخل والمخرج والمبتدي والمنتهي خطأ بل خطيئة وأن الوسائل لابد أن تتكامل لصنع مستقبل مصر الجديد وإلي هؤلاء الذين يطالبوننا في ميدان التحرير وغيره من الميادين بالحفاظ علي الدولة والقوي المنظمة لا أن يطالبوا الطرف الأضعف الذي لا يملك إلا الخيار وغيره المتنفذ محتكر أدوات القوة يملك القرار, آن لهؤلاء أن يطالبوا صاحب القوة الطاغية, منذ متي يطالبنا البعض بالحفاظ علي دولة قاتلة ظالمة لا دولة عادلة آمنة, سالت علي يد بعض مؤسسات أمنها الدماء وذهب الشهداء, وإلي هؤلاء الذين يجعلون الميدان ضد بناء الدولة وأن علينا أن نضع عبء الثورة لنواصل مرحلة البناء, أقول أن ثورة البناء ثلاثية الأبعاد( التغيير والتطهير والتعمير) وما لم نتعلم ذلك ستسرق الثورة بوهم البناء, إن الميدان يعلمنا أن بناء واستمرار الثورة هو المقدمة لثورة البناء, شاع في أمتنا وعلي ألسنة إعلام السلطة هذا الخطاب( البورصوي) المتهافت, نسبة إلي البورصة, لعمري مصر لم تكن ولن تكون في يوم( بورصة) بل مصر وطن يتطلب الأمل والعمل وبناء المستقبل.
إذن ما علاقة استمرارية الميدان بفاعلية البرلمان, أقول وبلا مواربة أن لدينا معركة قادمة لابد أن تتكاتف الأيدي والعقول, والقوي فيها الخروج من مؤسسات, كأن لدينا وزارة وكأن لدينا برلمانا وكأن لدينا رئيسا, إلي معني المؤسسات الحقيقية الفاعلة, أقولها عالية, إن فاعلية البرلمان لن تكون إلا باستمرارية الميدان, وتصريحات أهل السلطان تدور في تقليم كل عناصر الفاعلية والقوة لأي مؤسسات حكومة كانت أو برلمانا, نحن لا نريد حكومة طراطير أو برلمان الطراطير, نريدها مؤسسات مكينة رصينة فاعلة غير منقوصة الصلاحية أو المسئولية.
إن برلمان منزوع الصلاحية والفاعلية لا يستطيع استجواب المسئولين من أهل السلطة والتنفيذ لا يمكن أن يكون برلمانا في حقيقته بل هو تمويه علي البرلمان وعلي الدولة القوية الفاعلة والعادلة.
ومن عجيب ما يحدث في مصر في المرحلة الانتقالية وفي العملية السياسية أن يطالب بأدوار سياسية لمن يمنع عليه السياسة وتمتنع عليه( دور المؤسسة العسكرية) وأن يمنع أعمالا وأدوارا أساسية لمن هو في صميم وظيفته أن يقوم بها مثل البرلمان منزوع الصلاحية والأدوات الرقابية حتي الاستجواب, وخوض معركة فاعلية الحكومة والبرلمان لابد أن تمر بالميدان.
وفي النهاية إلي كل هؤلاء الذين يهينون دماء الشهداء التي سالت في ميدان التحرير الطاهر في رمزيته أحذروا إن من يهين دماء الشهداء أو ميدان التحرير التي سالت فيه هذه الدماء ستحاسبكم عليه الأمة حسابا عسيرا غير يسير, وإلي قاتلي النفوس وقناصي العيون والخانقين بالغاز إن القصاص آت لا ريب فيه, والميدان لا يفض إلا بمحاكمة هؤلاء محاكمة ناجزة وفاعلة.
إن في ترك الميدان بداية لمشوار الهوان, فالميدان طريق البيان, والميدان ميزان, والميدان إنسان وكرامة وكيان, والميدان مواجهة للطغيان, والميدان طريق الفاعلية للبرلمان, والميدان كان قبل البرلمان وسيظل بعد البرلمان, فالبرلمان لم يملك فاعليته أوشرعيته إلا بعد ترجمته لقيم الثورة والميدان.
والميدان في البداية والنهاية محفوظ بعناية الرحمن.
المزيد من مقالات د.سيف الدين عبد الفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.