حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاتفيا..العلم يا أمة اقرأ

لم نكن نتخيل أن تقودنا الرحلة إلي لاتفيا, درة دول البلطيق, إلي دولة تجمع بين سحر ممالك الف ليلة وليلة الاسطورية بما فيها من جمال وغموض
وبين التطور الذي صنعه الانسان من تقدم علمي وإرث ثقافي مبهر, فخرجت حضارة هذه الدولة صغيرة من رحم القارة الأوروبية العجوز ولكنها ذات نكهة شرقية كمذاق القهوة التركية. فهناك, شاهدنا في المتاحف خطوات اللاتفيين في بناء دولتهم, وسمعنا القصص التي روتها لنا ثغور باسمة تريد أن تحتضنك بكلماتها لتلقنك بحب تاريخهم, فعلمنا كيف يمكن لشعب أحب وطنه أن يحقق لهذا الوطن أي حلم مهما كان صعب المنال, كيف حقق شعب أحب وطنه الاستقلال لهذا الوطن من قبضة الاحتلال السوفييتي الذي كان لا يقهر, رأينا كيف نجح شعب أحب وطنه في أن يتحرك بسرعة فور نيل حريته, نحو التنمية, وإعادة بناء ما دمرته عقود طويلة من الاحتلال تناوب فيها الألمان, والسوفييت استغلال هذه الأرض.
وبينما كنا نتجول في شوارع العاصمة اللاتفية ريجا, كنا نتشمم رائحة التاريخ في المباني القديمة بطرازها القوطي, وشوارعها المرصوفة بالحجارة, بينما اسمع حديث كارلس بوتس اخصائي العلاقات العامة بالمعهد اللاتفي مؤسسة تقوم عمل وزارة الخارجية ولكن بعيدا عن السياسة, فهو يشكل قناة اتصال بين لاتفيا والعالم كنا نستمع لحديث كارلس ومرشدينا مارجيتا جوميت, وأوليج بيشيكوف ولورا أكسيكا وهم يروون لنا تاريخ الشوارع والمعالم الأثرية. كنت انصت لهم, وبداخلي اعقد مقارنة قاسية, فمقدار التشابه بين الحالة اللاتفية والحالة المصرية كبير, فمثلها مثل مصر خضعت لاتفيا للاحتلال, ومثل مصر تحولت لاتفيا من دولة زراعية إلي دولة صناعية ومن اتباع سياسات الاقتصاد الشيوعي أو الاشتراكي إلي سياسات السوق الحرة والخصخصة, وقبل ذلك وذاك, مرت الدولتان بثورة كانت المفتاح لتغيير كبير في المشهد السياسي للبلدين, فكما مرت مصر بثورة25 يناير, كانت ثورة الغناء هي طريق اللاتفيين للتحرر من قبضة السوفييت.
ولكن هذا التشابه في المقدمات لم يحقق تشابها في النهايات علي الأقل حتي الآن- فلاتفيا اليوم عضو في الاتحاد الاوروبي وعضو في حلف شمال الأطلنطي الناتو ومن أهم الاقتصاديات الصغيرة في أوروبا, فيما تئن مصر تحت وطأة الاختلاف والانقسام والبحث عن منقذ, فباتت بعد الثورة وكأنها محلك سر.
أحبوا وطنهم, فحققوا حريته
وتشتهر لاتفيا أو عروس البلطيق كما يهوي أهلها أن يصفوها بفنها الفلكلوري التقليدي, خاصة الرقص علي أنغام الأغاني الشعبية, والذي يعود تاريخه لأكثر من ألف عام. ولم تبخل الطبيعة علي عروس البلطيق حين يأتي الحديث عن الجمال, فمعظم أراضيها تتكون من سهول منخفضة خصبة ومرتفعات, ويتمتع البلد الجميل- الذي يحتل المرتبة الثانية بعد سويسرا في ترتيب البلدان النظيفة علي مستوي العالم- بطبيعة ساحرة حيث تشغل الغابات أكثر من45% من مساحة البلد, وفيها أكثر من3000 بحيرة و12 ألف نهر, ومع كثرة المياة بات اللاتفيون يكررون أنهم لا يمتلكون البترول الاسود ولكن بترولهم لونه أزرق بلون مياة الانهار وأخضر بلون غاباتها المورقة.
ولعل أهم ما يزيد من جمال العروس البلطيقية, هو بحرها حيث تمتد شواطئ البلد علي مساحة تقارب420 كيلومترا. ومن أروع المناطق الساحلية هي مدينه جورملا وهي إحدي أكبر المدن علي ساحل البلطيق حيث يبلغ طول شاطئها33 كيلومترا تكسوه الرمال البيضاء وتحيط به غابات الصنوبر. وتعد جورملا متحفا حقيقيا, فبيوتها مبنية من الخشب بطراز مميز يرجع إلي القرن ال18, كما يوجد بها العديد من الفنادق الفخمة, لتصبح هذه المدينة الساحرة- التي يشبها اللاتفيون بمدينة شرم الشيخ- قبلة للسياحة الأوروبية, متفوقة بذلك علي باريس مدينة النور, ولندن قلب الحضارة والفكر.
لكن سحر لاتفيا لا يقتصر علي غناها الطبيعي, بل يرتبط أيضا ارتباطا وثيقا بتاريخها الغارق في القدم, فهي جمهورية برلمانية تأسست في18 نوفمبر.1918 وخلال العقود الحديثة من تاريخها تعرضت ساحرة البلطيق لصنوف من الاحتلال بسبب موقعها الجغرافي المميز كحلقة وصل بين أوروبا والشرق, فضمها الاتحاد السوفييتي إلي سيطرته بين1940-1941 و1945-1991, كما سقطت تحت سطوة ألمانيا النازية بين1941-.1945 وكان عام1991 هو اللحظة التي قام فيها اللاتفيون بتغير مجري التاريخ, حين قرروا أن ينفضوا عن بلادهم غبار عصور الاحتلال, فتمكن الشعب عبر ثورة الغناء التي واجهوا خلالها بنادق الجيش الأحمر, بحناجرهم التي شدت بأغاني الحرية, تمكن هذا الشعب من إجبار السوفييت علي التراجع عن احتلال وطنهم, لتستعيد لاتفيا استقلالها في21 أغسطس.1991
ودفعت لاتفيا خلال الاحتلال السوفييتي ثمنا باهظا, لكنها بدأت في التعافي منذ تحقيقها الاستقلال الكامل فانضمت إلي عضوية الأمم المتحدة ثم الاتحاد الأوروبي, وانفتحت علي العالم متسلحة بإرث ثقافي وحضاري وتاريخي عظيم.
ريجا.. التاريخ يتحدث عن نفسه
كم من الأشياء الجميلة يمكن أن تتحقق في آن واحد, هواء عليل, ووجوه ملائكية, تستقبلك بود خلال تجولك في السوق القديم للعاصمة حيث تري آواني مملوءة بالعسل المصفي, وصحافا مزخرفة بالكريز, وثغرا باسما يشدو بأبيات شعرية تمتدح جمال ريجا التي كانت أراضيها جبهة معارك الجيوش الصليبية الألمانية والقياصرة الروس والسويديين, حتي نابليون سار بجيوشه عبر أراضيها في طريقه إلي روسيا. وخلفت هذه الحروب آلاف الآثار العسكرية من العصر البرونزي, حتي اليوم, ليجمع هذا البلد الجميل بذلك بين الطبيعة الساحرة والعمق التاريخي الذي يرجع إلي قرون مضت.
وتعتبر العاصمة اللاتفية درة بحر البلطيق, التي تأسست عام1201, قبلة للسياحة الأوروبية, وتتميز بهندستها المعمارية المميزة التي تحاكي النمط القديم للقرون الوسطي, فضلا عن أنها تسلب لب من يزورها لأول مرة لروعتها وجمالها. وتضم ريجا إرثا ثقافيا مهولا جعلها جزءا من إرث اليونسكو العالمي. ففي ريجا القديمة, التقي كثير من حضارات العالم وتركت هذه الحضارات بصماتها في العديد من المعالم, فهناك كنيسة القديس بطرس المميزة ببرجها العالي والمشيدة عام1209, وليس بعيدا عنها توجد كاتدرائية دوم الضخمة التي بنيت العام.1211 وبالقرب منهما هناك مبني الرؤوس السوداء- ذي هاوس أوف بلاك هيدز- الذي يعود إلي القرن14 والذي دمر خلال الحرب العالمية الثانية وأعيد بناؤه عام1999, ويعد الآن مقرا مؤقتا لرئيس الجمهورية.
ولعل هذا المزيج بين الجمال الطبيعي والإرث الثقافي الكبير هو ما أهل العاصمة اللاتفية لأن تكون إحدي عاصمتي الثقافة الأوروبية لعام2014, فاعتمادا علي ما لريجا من تاريخ, وروعة بيئيئة, اختارها الاتحاد الأوروبي مع مدينة أوميو السويدية ليتوليا مهمة تجديد دماء القارة العجوز. وأراد الأوروبيون بهذا المزج بين الصبا اللاتفي, والنضج الإسكندينافي لتحقيق أفضل احتفالات للعرس الثقافي الأوروبي والخروج به خارج حدود القارة إلي باقي أنحاء العالم, من خلال الدمج بين الأفكار المبتكرة للشاب اللاتفي, والإمكانيات الراقية للمخضرم السويدي.
ويساهم هذا الإرث في دفع لاتفيا إلي احتلال المرتبة48 من أصل140 دولة في ترتيب البلدان المتنافسة سياحيا لعام2013, وفق التقرير الصادر عن المنتدي الاقتصادي العالمي. وتلعب السياحة حاليا دورا بارزا في تحريك العجلة الاقتصادية للبلاد, وفق ما أكد وزير الاقتصاد دانيالز بافلوتس.
نموذج اقتصادي لأوروبا
ففي أعقاب مرورها بحالة من الركود الاقتصادي في بدايات التسعينات, سجلت لاتفيا أكبر ناتج محلي إجمالي في أوروبا بين1998-.2006 في ظل الأزمة المالية العالمية بين2008-2010 تلقت لاتفيا الضرر الأكبر بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي, حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنحو26.54% في تلك الفترة. وبعد تعافيها من ركود شديد عامي2008 و2009, وتفاخر لاتفيا بتحقيق أعلي معدل للنمو داخل الاتحاد الأوروبي مع زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة5.3% علي أساس سنوي في الربع الثالث من.2012
ويكمن سر الإبداع في اقتصاد الساحرة البلطيقية في أنه يقوم علي استغلال كل ما يمكن توفيره, حيث تستغل لاتفيا موقعها الاستراتيجي بشكل بارع وذلك ساهم في أن يكون قطاع النقل مسئولا عن انتاج نحو25% من الناتج القومي الإجمالي. أما السياحة فقصة أخري, فهي لا تعتمد فقط علي ما وهبتها الطبيعة من جمال, ولكن أيضا علي شعبها المشهور بحبه للضيوف والترحاب بهم, رغم أنهم متحفظون ورسميون في تصرفاتهم, هذه المودة ربما ترجع لما شعرت به من أنه شعب يهوي بلاده فيرغب في إيصال حضارتها وتاريخها إلي كل زائريها, أو تعود كما قال لي بافاس دوناجس الخبير بمجلس مدينة جورمالا إحساس اللاتفيين بأنهم شعب وحيد يبحث عن أصدقاء, بعد أن فرض الموقع الجغرافي علي وطنهم إن يكون بعيدا عن العالم.
هذه المحبه التي يظهرها اللاتفيون تجعل منهم أفضل دعاية لبلادهم, وبجهدهم تشارك السياحة بنسبة5% من الاقتصاد اللاتفي. وإضافة إلي سياحة الآثار والثقافة هناك السياحة العلاجية, فالمستشفيات الحكومية في ريجا تضاهي أرقي المستشفيات الخاصة في لندن بشهادة البريطانيين أنفسهم, وهي تقدم هذه الخدمات الطبية بأسعار أقل بمراحل من نظيراتها الأوروبية.
ولأنهم شعب أحب وطنه, فليس هناك حدود لإبداعه واهتمامهم بالتعليم الذي جعل منه إحدي ركائزه الاقتصاداية, حيث تقدم لاتفيا مستويات متقدمة في التعليم الجامعي, ولكن بأسعار أقل كثيرا من نظيرتها في أوروبا, الأمر الذي جعل منه قبلة للراغبين من العرب في تلقي تعليم راقي في حدود إمكانياتهم المتاحة. هذا التقدم العلمي جعل من لاتفيا موطنا لاختراع طبي فريد ووهو علاج للسرطان تصل نسبة الشفاء معه في بعض أنواع المرض إلي نسبة100%.
.. والمعرفة حرية أيضآ
وتفخر لاتفيا بتسجيل علاجها الفيروسي الذي اطلقت عليه اسم ريجفير الذي يعد اول علاج فايروسي لمرض العصر, ويتميز بقدرته علي قتل100 الف خلية سرطانية مقابل خلية سليمة واحدة عند حقن جسم المريض به. ورغم الصعوبات التي تواجهها لاتفيا صعوبات في تسجيل العلاج باسمها في الاتحاد الاوروبي بسبب الضرائب المالية المفروضة عليه, فإنها تأمل في المستقبل ان تكون مصدرا لعلاج مرض العصر بعد النتائج التي وصفت بالمذهلة التي طبقت علي عدد كبير من المرضي. ويتميز العلاج الذي أخذ مقطعا من اسم العاصمة اللاتفية ريجا مع مقطع من كلمة فيروس, بقدرته علي تمييز الخلايا الخبيثة عن الخلايا السليمة, فيهاجم الأولي من دون تأثير يذكر علي الثانية.
ولم يتوقف العلم عند حدود الطب, بل امتد إلي مناح مختلفة من الحياة وكان أهمهما بالنسبة للاتفيين هو الطاقة, لذا توصلت إلي اتفاق مع أختيها البلطيقيتين إستونيا وليتوانيا لبناء محطة نووية في منطقة فيزاجيناس الليتوانية بحلول عام2020 لانتاج الكهرباء. وتوصلت البلدان الثلاثة إلي اتفاق مع شركة هيتاشي اليابانية لبناء المحطة النووية.
نساء لاتفيا.. عالمات وسياسيات جميلات بامتياز
ويدين الباحثون في علم الفيروسات الي العالمة اللاتفية الراحلة اينا موتسينيتس التي رفعت شعار يا أطباء العالم اتحدو من أجل علاج السرطان وخطت هي أولي الخطوات تجاه تنفيذ دعوتها حيث بدأت منذ ستينيات القرن الماضي بأبحاثها لعلاج الخلايا السرطانية. وتفتخر لاتفيا بموتسينيتس التي شخصت60 نوعا من الفيروسات استخلصت خمسة منها في علاج للسرطان يضاف الي العلاجي الكيميائي والجراحي, رغم ضغوط الاحتلال السوفييتي التي كان من ضمنها حظر سفر موتسينيتس خارج الاتحاد طوال حياتها وفرض الرقابة عليها من قبل وكالة المخابرات السوفييتية كي جي بي, حتي انها حين تلقت دعوة من مؤتمر طبي في اليابان, رفض الاحتلال تحت مسوغ الخشية عليها من الاغتيال!.
ولم تكن المرأة اللاتفية سابقة في العلوم فحسب, بل شغلت أعلي المناصب السياسية والتنفيذية في الدولة, فيحسب للاتفيا أنها سجلت عام2003 سابقة في أوروبا الشرقية حين أعادت انتخاب فايرا فيكي فريبيرجا اول امرأة تتولي رئاسة دولة في شرق اوروبا دون معارضة لفترة ولاية ثانية, وكان انتخاب فريبيرجا الأول عام1999 وجاء أيضا بالإجماع. ولم يخطئ اللاتفيون باختيارهم فريبيرجا رئيسة لبلادهم, فما لبثت أن حققت شعبية واسعة بلغت من70 إلي85%.
وخلال تولي فريبيرجا وصلت المرأة لأن تتولي مناصب عليا في الدولة فكانت وزيرة للخارجية ورئيسة للبرلمان, وهو النهج الذي استمرت عليه لاتفيا حيث أشار تقرير جرانت ثورنتون للأعمال الدولية, الصادر بمناسبة اليوم العالمي للمرأة, إلي أن نسبة النساء اللائي يشغلن وظائف الرؤساء التنفيذيين بلغت38%, فالمرأة اللاتفية الآن تعمل سفيرة لبلادها في العديد من دول العالم, إضافة إلي دورهن في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
وفي النهاية, يجب القول إن لاتفيا اسطورة, لم تخرج من كتب ألف ليلة وليلة, بل قصة واقعية لشعب أحب وطنه, قصة كفاح سلمي ومصالحة وطنية, قصة أمة اتفقت علي التخلي عن المصالح الذاتية المحدودة من أجل التطلع إلي الحلم الأكبر, حلم الحرية.
أبو فصادة
روح النشاط والاجتهاد
طائر جميل الشكل ذو ذيل أبيض كثير الاهتزازات, لا تخلو أغنية شعبية من وجوده, ويري فيه اللاتفيون قيم النشاط والاجتهاد والعمل, فهو طائر رغم صغر حجمه إلا أنه نشيط لا يكف عن الطيران. ويحب الطائر الصغير الاحتكاك بالمواطنين فهو يهوي بناء عششه في أخشاب الأشجار, أو الحطب, أو أي أجسام أخري من صنع الإنسان. بسبب شعبيته وصفاته المثيرة للإعجاب, أعلن المجلس الوطني لحماية الطيور هذا الطائر الجميل رمزا وطنيا عام.1960
الخنفساء ذات النقطتين
بطلة قصص الأطفال
هي أيضا واحدة من رموز لاتفيا المحبوبة لدي الأطفال فهي بطلة أساسية في قصصهم والروايات الخيالية التي ترويها الأمهات. اسم الخنفساء الوطنية باللغة اللاتفية هومارا-mrte- وهو مشتق من اسم أحد الربات في الفلسفة اللاتفية القديمة وهي أله الأرض الأم المسئولة عن خصوبة الأرض. وعلي النقيض للطائر الوطني الكثير الحركة, فإن الخنفساء تتسم بالحركة البطيئة ولكن الجادة, كما أنها تمتاز بقدرتها في الدفاع عن نفسها.
إدواردس ليدسكالينينس
حول قصة حب فاشلة إلي قلاع فريدة
لم ينجح ليدسكالينينس المولود في لاتفيا عام1887 في نسيان المشاعر الجميلة التي عاشها خلال قصة حب فاشلة, ولكنه رفض أن يظل أسيرا لحزنه, فحول الألم من قوة سلبية إلي طاقة إيجابية منتجة صنع منها واحدة من أجمل القلاع بديعة التكوين في ولاية فلوريدا الأمريكية. فبعد أن عاني ليدسكالينينس آلام الهجر, حين تخلت عنه خطيبته أجنس سكافس التي كانت تبلغ من العمر16 سنة قبل زفافهم بيوم واحد, حاول الفنان اللاتفي التغلب علي حزنه بالهجرة إلي الولايات المتحدة, وهناك أمضي ليدسكالينينس نحو28 عاما كاملة في بناء قلعة المرجان التي رفض أن يسمح لاي شخص آخر بأن يقدم له يد العون في بنائها, وكان هدفه من بناء هذه القلعة أن يجعلها للعالم كنصب تذكاري خالد لحبه الضائع. استخدم ليدسكالينينس في بناء قلعته نحو1100 طن من الصخور المرجانية في عمل يعتبره المراقبون تحديا حقيقيا لقانون الجاذبية بسبب صعوبة نقل هذه الصخور, ونحتها بالشكل الغريب الذي يتسم بالكثير من الغموض والعبقرية. لم ينته دور هذه القعلة جميلة الألون عند كونها تذكارا للحب الضائع حيث ألهمت الممثل ومغني الروك الإنجليزي بيلي أيدول في فيلمه سن ال16 العذب, وقد أدرجت هذه القلعة في السجل الأمريكي الوطني للأماكن التاريخية.
جورج شوينفورث
الجيولوجي الذي اكتشف النباتات, وأكلة لحوم البشر
اكتشف أوجست المولود في ريجا عام1836 الحياة بدئا من النباتات إلي عالم أكلة لحوم البشر. كانت هواية أوجست هي العلوم, فبدأ في دراسة علم الأجناس والنبات في ألمانيا. وفي عام1870 تولي رئاسة البعثة البحثية التي ذهبت لاكتشاف وسط وشرق أفريقيا, وخلال رحلته تمكن أوجست من استكشاف أعالي حوض نهر النيل. كما أجري أجري أول دراسة جادة حول ممارسات أكل لحوم البشر, وأكد وجود قبائل الأقزام. بالإضافة إلي كونه المتخصص الأول في قارة أفريقيا, فإن أوجست يعد عالما بارزا في مجال دراسة أصول النباتات.
رمز الاستقلال
تمثال نهضة مصر اللاتفي
في عام1935 تم الانتهاء من النصب التذكاري للحرية' ريجا العاصمة, وهو أحد أهم رموز استقلال لاتفيا. كان هذا النصب الذي صممه كارلي زالي وجري بنائه من خلال التبرعات, شاهدا علي نصف قرن من الاحتلال السوفييتي, وبرز كأنه علي مدار ثورة الغناء وطريق التحرر كنقطة تمركز تحتشد أمامه المظاهرات وتخرج مسيرات الغناء التي انتهت بتحقيق الاستقلال. المرأة ترمز إلي حرية لاتفيا وسيادتها, أما النجوم الثلاثة التي ترفعها فترمز إلي المناطق التاريخية في لاتفيا. أما الكلمات المكتوبة علي قاعدة النصب فهي وتعني من أجل الوطن والحرية.
أينيس جالانتي
صوت لاتفيا الملائكي
ولدت جالانتي في ريجا عام1959 لعائلة موسيقية, لتصبح الآن واحدة من أهم المغنيات السوبرانو عالميا, وتنتقل عبر أحبالها الصوتية الملائكية روح لاتفيا للعالم. قدمت جالانتي أولي أعمالها الغربية في أوبرا مانهايم, وكان ذلك عام.1992 في عام1994 أصدرت جالانتي أولي أعمالها المسجلة, وكان ذلك بعد نحو15 عاما من الغناء التواصل علي مسارح الاوبرات العالمية. في عام1999 قدمت أولي أعمالها في الولايات المتحدة, وكان ذلك في مهرجان نيوبورت وحفلات هوليوود للموسيقي. ومنذ ذلك الحين, أصبحت جالانتي مغنية أوبرالية ذائعة الشهرة دوليا.
ريتشارد فاجنر
الرجل الذي اكسب الموسيقي الكثير من الدراما
ولد الملحن الألماني الأصل عام1813 ووصل إلي ريجا1837 وعمل في مسرح المدينة. برع في العديد من الفنون فهو مخرج مسرحي وكاتب مقالات ومعروف في المقام الأول لأوبراته أو كما كانت تسمي لاحقا بالدراما الموسيقية. فاجنر, وعلي النقيض لمعظم الملحنين الأوبرا العظام, كان يهوي أن يكتب هو السيناريو والحوار لأعماله الأوبرالية. ومن القصص التي تروي عنه أنه خلال سفره من ريجا إلي لندن مرت عليه في البحر عاصفة هوجاء, وقد ترك البحر العاصف تأثيره في فاجنر ليستلهم منه واحدة من أشهر أعماله وهي الهولندي الطائر.توفي في عام.1883
ميخائيل تال
ساحر الشطرنج
يعد تال المولود في لاتفيا عام1936 أكثر لاعبي الشطرنج عبقرية في لاتفيا. اعتمد تال استراتيجية مميزة حيث تخصص في وضع خطط لها طابع الجرئة في الهجوم, إضافة إلي التحركات التوافقية لقطع الشطرنج. هذه الخطط العبقرية وضعت اسم تال في كتاب الماموث لأهم العاب الشطرنج, وكتاب بورجيس, ونان إيمس للعبقرية الحديثة في الشطرنج وهما أكبر كتابين لرصد استراتيجيات الشطرنج علي مستوي العالم. ورغم حياته القصيرة في اللعبة, فإن مجتمع الشطرنج مازال ينظر إلي تال باعتبراه أعظم لاعب مهاجم في كل العصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.