توفي والدي وكان يعمل تاجرا, وكان قبل وفاته بينه وبين أحد إخوتي بعض المشكلات, مما أغضب والدي, وأوصاني وإخوتي قبل وفاته بقطع العلاقة به وطالبنا بحرمانه من تجارة وأموال والدنا لاسيما أنه لا يعلم عنها إلا القليل.. فهل علينا الامتثال لهذه الوصية من باب البر بأبينا أم لا؟.. وهل تعد مخالفتنا لها عقوقا لوالدنا؟ الدكتور حلمي عبد الرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: يجيب علي هذا التساؤل قائلا:إنفاذ وصية الوالدين بعد وفاتهما أمر واجب علي الأبناء من باب البر بهما, شريطة أن تكون وصية مشروعة حيث إن للوصية الشرعية ضوابط ومعايير, أولها ألا تزيد الوصية في الأموال والمملوكات عن ثلث تركة الموصي, وألا تكون لأحد الورثة, إذ لا وصية لوارث, هذا بالإضافة إلي أن الوصية يجب أن تكون بخير وفي مشروع, فلا وصية بمحرم أو محظور شرعا, وإن كانت من الوالدين فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, ومن ثم فلا يجوز قطيعة رحم أو ارتكاب معصية باسم الوصية, كما لا يجوز حرمان بعض الورثة من ميراث أبيهم باسم طاعة الوالد أو الوالدة, فالحرمان من الميراث لا يكون إلا بموجب شرعي كأن يكون الوارث كافرا أو قاتلا لوارثه أو نحو ذلك.وعليه فيجب علي الأبناء عدم الالتفات إلي تلك الوصية, إذا كانوا بالفعل يريدون البر بوالدهم, وإلا كانوا آثمين جميعا وحمل الوالد معهم هذا الوزر لأنه هو الذي حملهم علي ذلك. هل يجوز قضاء الصيام والصلاة والحج عن الأم أو الأب المتوفي؟ الدكتور حلمي عبد الرءوف يجيب قائلا: يجوز للإنسان أن يعتمر ويحج عن والديه أو أحدهما الذي توفي, ولم يستطع الحج في حياته, وذلك من باب البر بالوالدين بعد وفاتهما, فالنبي صلي الله عليه وسلم حين سألته امرأة: مات أبي ولم يحج أفأحج عنه؟ فقال:نعم..حجي عنه واعتمري. وكذا في الصيام يمكن للابن الصيام عن الأب أو الأم المتوفي مع الكفارة إذا كان قد ترك الصيام تكاسلا بلا عذر شرعي, أما الصلاة فلا يمكن قضاؤها, لأنه لا عذر فيها للمسلم العاقل البالغ في جميع أحواله. أخي مسافر لأحد البلدان العربية ورزق بمولود فطلب مني أن أذبح له عقيقة وأوزعها عنه في مصر استنادا إلي أن البلد الذي يعمل به يغلب علي أهله اليسار وعدم العوز..فهل يجوز أن تكون العقيقة في بلد والمولود في بلد آخر؟ وما هو توقيتها وكيفية توزيعها, وهل يمكن إطعام غير المسلمين من لحومها؟ يجيب الدكتور حلمي عبد الرءوف: العقيقة سنة مؤكدة عن النبي صلي الله عليه وسلم, هي شاتان للولد وشاة عن البنت, في اليوم السابع أو الرابع عشر أو الحادي والعشرين, فإن تعذر ذلك جاز أن تتم في أي وقت من العمر, وإن عجز الوالد عن أن يعق لابنه جاز للابن أن يعق عن نفسه متي تيسر له ذلك.. والأولي في العقيقة أن تتم في نفس المكان الذي يقيم فيه المولود وأسرته, ولا مانع من الذبح في غير البلد المقيم فيه إذا كان به فقراء, وانعدم ذلك في البلد المسافر إليه..أما إذا كان صاحب العقيقة مسافرا ويصر علي إجراء العقيقة في بلده الأصلي لوجود أقاربه وعائلته مثلا, فيمكنه تأجيلها إلي حين يعود إلي وطنه حتي يشعر الجميع بالمحبة والألفة. أما عن توزيعها وكذلك الأضحية فإنه يمكن تقسيم الذبيحة إلي ثلاثة أثلاث, ثلث للذابح وأسرته, وثلث للأصدقاء, وثلث للفقراء, ويجوز لغير المسلمين من اليهود والنصاري أن يطعموا من الأضحية والعقيقة وتوزيع بعضها عليهم إذا كانوا فقراء أو أصدقاء, لقوله تعالي طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم.., ولعل الحكمة من ذلك أن يشعر الجميع بالمحبة والتعاون وأن تتآلف القلوب بين بني البشر جميعا.