في ظل الفوضي الحالية التي نعيشها أصبحت العدالة محاصرة بالتخويف والعنف. هناك من يتهمها بأنها مسيسة أو أنها انحرفت عن القانون, فالأحكام مطلوب الآن أن توجه وفقا لرغبات كل فريق, وقضية أستاد بورسعيد توضح بجلاء مدي الضغوط التي يمكن أن يتعرض لها القضاة وهم يصدرون أحكاما ومن المعتاد الآن أن تجد في قاعات المحاكمة من يهتفون ويتشاجرون لمجرد صدور أحكام لاتروقهم, فكيف يعمل القضاة الآن في ظل غياب أمني عن قاعات المحاكم, وفي ظل تهديدات قد يتعرضون لها من قبل هؤلاء الذين يريدون لي القانون لإصدار أحكام وفق مايروقهم علي الرغم من أن العدالة لاتأخذ إلا بالأدلة والقرائن ولايحكم القاضي إلا بما يمليه عليه ضميره ووفق القانون. لا مواءمات في الحكم المستشار عزت عجوة رئيس نادي قضاة الاسكندرية يقول: القاضي يتعامل مع القضايا بالأدلة المادية والعائق المادي أمام القاضي قد يؤجل القضية أو يتنحي هو عنها, ولا مواءمات في الحكم أنما في التوقيت المناسب لاصدار الحكم. ويضيف أن هناك موجة سائدة في المجتمع للتشكيك في أحكام القضاء بسبب الظروف الحالية, القضاء محتاج للأمن وعدم ممارسة ضغوط أو إجراءات غير طبيعية من جانب البعض بسبب الظروف الحالية عليه فالقاضي لايملك فض مظاهرة أمام المحكمة أو داخلها ولا يستطيع أن يفرق محتجين فالقضاة يعملون حاليا في ظروف صعبة. ويوضح: القاضي لابد أن يرتاح ضميره للحكم, وكانت هناك الثقة في القضاء وقد اهتزت حاليا واعتراها ما اعتري المجتمع من عنف وفوضي وأمامنا فترة طويلة لاستعادة الثقة في القضاء وهيبة الدولة فالممارسات التي حدثت في الفترة الأخيرة أساءت بالقطع إلي نظرة الناس إلي القضاء. تكوين العقيدة المستشار بهاء الدين أبوشقة المحامي بالنقض يري أن الاصل المستقر عليه في المحاكمات الجنائية, وفقا لمبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته ولابد أن يكون خالي الذهن ولايتأثر في وقائع الدعوي إلا ماهو موجود في الأوراق الخاصة بالقضية دون التأثر بأي مؤثر خارجي لأن القاضي إذا تأثر منطقه في تكوين عقيدته سواء بواقعات الدعوي أو تقديره للعقوبة أصبح غير صالح للدعوي, فهو يجب أن يكون محايدا وعادلا وإذا أحس أن هناك مايؤثر علي عقيدته فله أن يتنحي عن نظر القضية دون أبداء الأسباب فإذا تسرب أي مؤثر علي عقلة الباطن وهو مايؤثر علي عقله الظاهر عليه أن يتنحي والقانون أعطاه الحق في ذلك في أي مرحلة وهذا الأصل مستقر عليه في مصر وكل دول العالم. ويضيف أن تأثر القاضي خطر علي العدالة ومن المفترض إذا أحس أنه سيصدر حكما تحت رهبة فعليه أن يتنحي, ويصبح آثما مالم يتخذ هذا القرار فإذا تسرب الخوف له أو مال لأحد الخصوم فهو في هذه الحالة لايصلح لأن يكون محايدا. ويشير إلي المنطق الذي يقوله البعض عن تسييس القضاء هذا خطر علي الدولة كلها, فلابد أن تكون أمام قضاء عادل ومحايد, فسلطات الدولة والفصل بينها أمر ضروري لتحقيق العدالة, والقاضي لايتجاوب إلا مع أوراق الدعوي ويكون علي مسافة واحدة من الجميع, فالدولة تفقد الوجود الشرعي لها إذا أختل ميزان العدالة بها. مؤثم قانونيا مستشار محمود ابوشوشة: لأستئناف أي محاولة للتأثير علي القاضي مؤثر قانونيا في قانون العقوبات وهناك ضغوط تمارس علي القضاة وهذا يمثل عبئا علي القاضي أثناء نظر الدعوي وإن كان القاضي يراعي ضميره وهناك محكمة للطعن علي الاحكام ودوافع القاضي لإصدار الحكم يعتبر منطقة محرمة ولايصح الحديث فيها, فالقول بالتسييس غير منطقي والقاضي لايستطيع أن يقيم مواءمات, فالعدالة عيناها معصوبة وهناك عقوبات مختلفة يستطيع أن يتعامل معها القاضي فهو يصدر حكما ارضاء للحقيقة فالقاضي قد يجد أن الظروف الأمنية لا يستطيع الحكم فيها ومن الممكن هنا أن يؤجل الجلسة. ظروف الواقعة مستشار أحمد عزيز الفقي رئيس محكمة استئناف طنطا يقول إن القاضي لا يخضع للضغوط ولا يلتفت لها ولايعرها اهتماما والمهم الأوراق والاثباتات, فالقاضي وحدة هو الذي يعلم ظروف الواقعة والمفترض أن الدولة توفر الحماية الأمنية للقاضي حتي يصدر أحكامه بارتياح, ويشير إلي أنه رغم غياب الأمن حاليا فلا أحد من القضاة يستطيع ان يتخلي عن ضميره وعدالته, وإن كانت الأمور تمثل ضغوطا علي القاضي ولكن المفترض ألا يتأثر بها في أحكامه. ويوضح انه يكون في الدعوي طرفان مصالحهما متعارضة, فالطرف الذي يصدر حكم الادانة ضده لن يعجبه, ويبدأ في التشكيك في أحكام القضاء ويقول إنه لاينبغي التشكيك في القضاء لأنه الحصن الأخير لتحقيق العدالة وبدونه نتحول إلي نظام القوة والغابة. المستشار محمد الشناوي رئيس محكمة جنايات إسكندرية يقول إن القاضي لايتأثر بالمؤثرات الخارجية, فالحكم وفقا لما يمليه عليه ضميره, وقد تؤدي المؤثرات لمضايقة القاضي ولكن أمامه في النهاية الادلة والقرائن والقضاة يعانون بشدة حاليا من العنف, وقد تكون هناك مشاجرات وشتائم داخل قاعات المحكمة ولكن عقيدة القاضي تبقي ثابتة في اقرار العدالة, ويضيف انه تعرض لمضايقات منذ تأجيل قضية لغياب المتهمين في قضية جنايات, وثار أهالي المتهمين, وطالبوا بإصدار أحكام في الجلسة وتمسكنا بالتأجيل. ويشير إلي أن القاضي لايصدر حكما لو عنده نسبة شك1 %, فالضمير والأدلة توجه القاضي, ولا يستطيع أحد أن يتدخل في علمنا, موضحا أنه من الخطأ المجرم التعليق علي أحكام القضاة.