ما تشهده الساحة السياسية علي أرض المحروسة ليس له مثيل في أي دولة ديمقراطية في العالم, إذ أن الذين يتصدرون المشهد الآن ويشعلون الأرض ويسخنون الأجواء هم الخاسرون في الانتخابات الرئاسية ولأن مصر بلد العجائب فهم يتحدون الرئيس المنتخب شعبيا, أي يتحدون الشعب ويزعمون أنهم يتكلمون باسم الشعب. هؤلاء هم رءوس الفتنة الذين يبتزون الوطن ويقفون علي أكتاف المواطن الكادح ويتاجرون بمعاناته ويزايدون علي دم الشهداء بعد أن أدخلوه في بازارهم السياسي وفي ألعابهم العبثية التي ستحرق الأخضر واليابس. كل مايطمعون فيه ويطمحون إليه هو كرسي الرئاسة الذي طار منهم ويعملون قصاري جهدهم لخطفه من الشعب, فالكرسي هنا أصبح ملكا للشعب الذي اختار من يجلس عليه تفسر اجتماعهم جميعا مع شيخ الأزهر في الصباح وتوقيعهم علي وثيقة نبذ العنف ثم في المساء يدعو أحدهم الجماهير إلي النزول للاتحادية مدعيا أنها الموجة الثالثة للثورة ويسميها جمعة الخلاص ويرفع الكارت الأحمر. وآخر يزور مصر في مواسم الأزمات ليزيدها تأججا واشتعالا ويخاطب الشعب من وراء حجاب من خلال العالم الافتراضي يكتب بالانجليزية إن العنف والفوضي مرشحان للاستمرار مالم تجب لمطالبنا.. هذا إعلان رسمي عن دعمه للعنف بل والتحريض عليه تحت زعم هذه المطالب والتي هي بعيدة تماما عن مطالب رجل الشارع, أنتم تطالبون بإسقاط الدستور الذي أقره الشعب لحاجة لم تعد في نفس يعقوب ولم تعد خافية علي أحد وقد كنتم تقولونها في مؤتمراتكم علي استحياء واليوم تعلنونها بوضوح وهي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. والمشكلة ليست في الدستور في حد ذاته لكن في مواده الانتقالية التي تجعل الرئيس المنتخب يستكمل مدته الرئاسية. الثورة لحظة تاريخية عفوية في حياة الشعوب تتضافر فيها القلوب وتتوحد فيها الحناجر وتسقط فيها المصالح الذاتية والأهواء الشخصية وتعلو فيها مصالح الوطن العليا وبعد أن تخلص النيات يباركها رب العالمين فكان لزاما عليه نصرة عباده المؤمنين فأين نحن الآن من كل ذلك ؟ ولايمكن استنساخ الثورات فالثورة ليست لعبة وليست قرارا مسبقا يتخذه فرد أومجموعة ترجع فيه إلي كتب المحفوظات لتأخذ مأثوراتها وتردد شعاراتها التي لوثوها في ثورتهم المزعومة, الثورة المضادة التي توحدوا فيها مع فلول الحزب الوطني والبلطجية لإسقاط الدولة لمجرد كراهيتهم للإخوان المسلمين علي مبدأ عدو عدوي صديقي. وأؤكد أنه وسط هذا المشهد العبثي هناك متظاهرون حقيقيون لهم مطالب مشروعة ويريدون أن تحقق الثورة أهدافها ولكنهم ضاعوا في ضبابية المشهد وأزعم أنهم نصب أعين الرئاسة وأن تلك الأزمات المفتعلة اليومية هدفها الأساسي إعاقته عن تنفيذ مشروعه وتلبية حاجات الناس التي تتطلب استقرار الأوضاع في البلاد للبناء والنهضة وهذا ما لايريده هؤلاء.