لا يمكن إنكار ما حققته هذه الوسيلة الحيوية المعروفة باسم الميكروباص فهي تسهم علي مدي سنوات طويلة في نقل ملايين المواطنين يوميا,إلا إن بعض عفاريت الأسفلت كما يطلقون عليهم . يرتكبون أفعالا تروع مستخدمي هذه الوسيلة أنفسهم وأصحاب السيارات الأخري والمشاة أيضا.ليست الميكروباصات وحدها التي أفسدت المنظومة المرورية في مصر, فوسائل النقل الأخري والمركبات الخاصة والحكومية وغيرها شركاء فيما حدث وتأتي الجهات المعنية علي رأس المسئولية حيث تركوا المرض يشتد واعتمدوا علي المسكنات والحلول الأمنية التي لن تكون أبدا كافية في حل الأزمة المرورية المزمنة التي تؤثر علي المجتمع بأسره وتهدد سلامته, وتعرقل حركة التنمية. وقد اصبح الشارع المصري يعاني حاليا من الغليان بسبب مافيا الميكروباص والانفلات والسلوكيات الخاطئة. ليس هذا فقط, فالضغوط النفسية والعصبية الناتجة عن الزحام تزيد من القابلية للإصابة بأمراض القلب وهو ما يؤكده الدكتور هاني عبد الرازق أستاذ إمراض القلب وتزيد من التعرض لارتفاع ضغط الدم والتأرجح في الضغط ومعدلات النبض, علاوة علي أن هذه الضغوط تزيد من إفراز الهرمونات المؤدية لانقباض الشرايين إضافة إلي أن التلوث الناتج عن الزحام يؤدي إلي زيادة نسبة أول اوكسيد الكربون الذي يؤثر بدوره في كفاءة الجهاز الدوري في إمداد كافة أجهزة الجسم الحيوية بالأوكسجين. وبرغم أن الجميع يشعر بعدم عودة الأمن بالصورة المثلي فإن هناك مجهودات تبذل من أجل إعادة الانضباط إلي الشارع المصري فقد تم ضبط أكثر من100 ألف مخالفة خلال الشهر الماضي في القاهرة وحدها معظمها الوقوف في الممنوع الذي يسبب عرقلة حركة المرور. والمشكلة كما يراها اللواء كامل ياسين حكمدار الجيزة ناتجة عن الاحتياج الشديد للميكروباصات كوسيلة مواصلات جماعية لمواجهة العجز في وسائل النقل العام التي لا تكفي كافة الطرق, ولا تتناسب مع فئة كبيرة من المجتمع خاصة أصحاب السيارات الباحثين عن وسيلة مواصلات تجعلهم يستغنون عن استخدام سياراتهم, ومن المشكلات الحيوية عدم توفير مواقف تستوعب أعداد الميكروباصات بل ووجود أخري عشوائية غير مخططة تزيد من الاختناقات المرورية ذلك إضافة لسلوكيات بعض قائدي المركبات الذين يتعمدون عدم الالتزام بقواعد المرور خاصة سائقي الميكروباصات وهو ما يستلزم التطبيق الحازم للقانون علي المخالفين وأهمية توفير وسيلة مواصلات جماعية محترمة, هذا بخلاف الحلول الأخري التي تسهم في الحد من الزحام مثل التوسع في إنشاء الانفاق وتوفير الجراجات ونقل بعض المصالح الحكومية إلي المدن الجديدة مع توفير سبل الحياة لسكانها0 السلوكيات الخاطئة ويلتقط المسئول الأول عن مرور القاهرة اللواء حسن البرديسي خيط الحديث مؤكدا أن الأزمة المرورية تاريخها قديم وهي نتيجة لعدة عوامل منها السلوكيات الخاطئة للمواطنين في الشوارع, فالمنظومة المرورية تعتمد علي ثلاثة عناصر أي عنصر فيها به خلل يؤثر علي الثلاثة, فالطريق الآمن يقلل من عدد الحوادث ويسهل حركة المرور أما الطرق غير المستوفاة للمواصفات القياسية العالمية فتسهم في تعطيل الحركة بالإضافة الي الشخص نفسه سواء كان مواطنا أو رجل مرور فالجميع يحتاج إلي تصحيح السلوكيات وانه في حالة وجود خلل في العناصر الثلاثة مجتمعة تكون الأزمة معقدة, وأن طرق العلاج التقليدية ليست كافية ولابد من إيجاد أخري لتجاوز الأزمة من ضمنها الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة كالاستعانة بالكاميرات لرصد وتوجيه حركة المرور من خلال غرفة العمليات والاعتماد علي كاميرات ضبط المخالفات التي تسهم في منع ارتكابها وبالتالي عدم تعطيل حركة المرور, ويجب النظر إلي بعيد عن طريق توعية الطلاب بالمرور ووضع مناهج خاصة به من الروضة وحتي المرحلة الثانوية, كما يجب محاربة الفساد لمنع تجاوز العقارات الأدوار المسموح بها وكذلك عدم تحويل الجراجات إلي محال تجارية, والمشكلة أن بعض المشروعات الكبري ومنها مترو الأنفاق لم تضع في الاعتبار توفير أماكن انتظار للسيارات لمستخدمي المترو, ومن الضرورة توفير وسيلة مواصلات جماعية تخدم فئة كبيرة من المجتمع تحتاج وسيلة مواصلات آمنة ومريحة فمعظم الميكروباصات حاليا لا توفر لهم هذه الميزات خاصة مع قيادة بعض السائقين بطريقة مخيفة ومعاملة سيئة ولكن لايمكن إغفال ما يحققه الميكروباص في نقل إعداد كبيرة من المواطنين, كما يجب توفير مواقف ذات مواصفات خاصة بمساحات معينة تسمح باستيعاب الميكروباصات دون تعطيل لحركة المرور0 من جانبنا- كما يقول اللواء حسن البرديسي مدير مرور القاهرة نقوم بحملات علي الميكروباصات تستهدف عربات السرفيس في المواقف العشوائية والمخالفات الأخري كزيادة عدد الركاب عن المسموح به والسير بدون لوحات والسير عكس الاتجاه وتقطيع المسافات وإنزال الركاب في منتصف الطرق, مما يسهم في تعطيل حركة المرور, والمرحلة القادمة سوف تشهد زيادة الكاميرات في الشوارع لضبط الحركة وتقليل احتكاك المواطنين برجال المرور وكذلك وضع كاميرات علي الطرق السريعة تلتقط أرقام السيارات التي تمر من البوابات حتي لا يتم التعطيل في التحصيل بل يؤجل لحين تجديد الرخصة, والجديد البدء في تطبيق نظام الجراجات الذكية الطولية التي لا تحتاج إلي مساحات كبيرة وتعتمد علي مصعد للسيارات يضعها في المكان الخالي وهي تستوعب أعدادا أكبر من السيارات, كما سيتم الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة من خلال إظهار الطريق المراد الوصول إليه عن طريق المحمول الشخصي مما يجعل قائد المركبة علي دراية بالأماكن المزدحمة والأخري التي يمكن استخدامها وبها سيولة مرورية. المواطن المصري المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات السابق يوضح أن أزمة المرور في القاهرة بصفة خاصة وفي باقي المحافظات بصفة عامة أصبحت واقعا مريرا لا يمكن علي الإطلاق عدم الإقرار به وبآثاره المدمرة علي المواطن المصري, وأن سبب الأزمة ابتداء هو انعدام وسائل النقل العام التي كنا نتمتع بها مع بدايات ثورة25 وحتي انتهاء عهد عبد الناصر تقريبا إذ كنا ننعم وقتها بوسائل النقل العامة سواء كانت من الأوتوبيسات أو التروللي باص أو المترو والترام بالإضافة إلي الشركات الخاصة التي كانت تسير وسائل النقل الخاصة بها مثل شركة ابو رجيلة ومقار وغيرهما, كما كانت هناك العديد من الشركات الخاصة تستخدم سياراتها في نقل الركاب بين المحافظات والمراكز والقري والنجوع وبعد تأميم الدولة وسائل النقل واستيلائها علي شركات النقل الخاصة بدأت في التخلص من سيارات نقل الركاب بين القري والمدن وتقليص سياراتها التي تنقل الركاب بين المحافظات وإلغاء التروللي باص والترام من شوارع القاهرة مع الاستغناء عن العديد من مركبات النقل وعدم صيانة الباقي بحيث أصبحت وسائل النقل العامة تكاد تكون خارج الخدمة إلا في أضيق نطاق, ومن هنا فإن القاعدة الشهيرة إن الحاجة أم الاختراع جعلت الشعب يلجأ إلي استيراد الميكروباصات لتحل محل وسائل النقل العامة في نقل المواطنين سواء داخل المدينة أو خارجها, كما اضطر استخدام هذه النوعية من المواصلات وسوء معاملة قائديها للركاب وانتشار البلطجة في مواقفها, الكثير من المواطنين إلي التضييق علي أنفسهم وشراء السيارات الخاصة التي كانت تنتجها شركة النصر لصناعة السيارات, وعند ازدياد الطلب تم ظهور طبقة جديدة من تجار السيارات الذين قاموا باستيراد جميع أنواع السيارات من الخارج واغلبها من المستعملة لرخص ثمنها وبيعها في السوق المحلية, كما توسعت الشركات الخاصة والعامة وبعض الوزارات في توفير العديد من الأوتوبيسات والميكروباصات لنقل العاملين بها داخل المدينة وخارجها, وقامت الحكومة والقطاع العام بالذات بشراء سيارات خاصة وتخصيصها لاستعمال كبار موظفيها بل إن بعض رؤساء هذه الشركات وبعض الوزراء والمحافظين ومديري الأمن ومن في مستواهم أصبح يخصص لنفسه أكثر من أربع سيارات لاستخدامه الشخصي, وكان بدهيا وطبيعيا ان تتزايد أعداد السيارات الخاصة وكذلك أعداد الميكروباصات والأوتوبيسات زيادة رهيبة سيما مع زيادة أعداد السكان وبقاء الشوارع والحواري والطرق العامة في الكثير منها علي حالها التي كانت عليه, ومن ثم فإن الناتج من ذلك ازدحام الطرق بالسيارات وعدم قدرته علي استيعاب هذا الكم الهائل من السيارات بجانب العدد الكبير من المشاه, الأمر الذي جعل من رحلة الذهاب والعودة من العمل باستخدام أوتوبيس أو ميكروباص أو سيارة أجرة أو خاصة أو حتي دراجة بخارية رحلة عذاب يشكو منها جميع المواطنين علي اختلاف مستوياتهم. وهناك العديد من الحلول والكلام علي لسان المستشار رفعت السيد اقترحها الخبراء والمتخصصون ولم يلق لها بالا نظام الحكم السابق ومنها علي سبيل المثال نقل العديد من الوزارات والهيئات والمؤسسات ذات الكثافة العددية سواء من الأفراد أو السيارات إلي المدن الجديدة مع تشجيع هؤلاء علي الإقامة بها وتوفير كافة الخدمات التي تشجعهم علي الانتقال إليها, كما أنه من الممكن تشجيع المواطنين علي استخدام وسائل نقل عامة تقوم بها شركات نفل متخصصة كما كان الأمر سلفا فضلا عن ضرورة تقليص عدد ملاك السيارات الخاصة وذلك من خلال زيادة رسوم التراخيص الخاصة بها و إصدار قرار جريء بعدم ملكية الوزارات والمؤسسات والشركات العامة او الخاصة أية سيارات خاصة تخصص لكبار العاملين, كما يتعين علي الدولة منح شركات متخصصة حق إنشاء جراجات عامة أسفل الأراضي الفسيحة سواء في الأندية أو غيرها تحت الأرض بنظامBOT حتي لا نترك الشوارع أماكن لانتظار السيارات,كما يتعين إلا يمنح ترخيص القيادة إلا لمن يكون حاصلا علي شهادة من احدي مدارس المرور المتخصصة بعد قضاء فترة زمنية للتدريب والتعلم حتي لا يقود السيارات في الطرق كل من لديه مجرد إلمام بالقيادة وليس اتقانا لها كما يتعين من اجل تحقيق ما سلف تفعيل قوانين المرور بمنتهي الحسم والشفافية والنزاهة وان تحصل الغرامة فور وقوعها أو التحفظ علي السيارة حتي سداد الغرامة, كما يتعين أن يكون منظمو المرور من خريجي الجامعات وتتبع إدارة المرور الحكم المحلي دون تدخل من الشرطة, وأن تكون وسائل الانتقال من أقصي المدينة إلي أدناها مقصورة علي الأوتوبيسات بمعني ان من يريد الانتقال من الهرم إلي مصر الجديدة يستخدم الأوتوبيس اما الميكروباصات فيقتصر استخدامها داخل مناطق محددة مع منح ميزات لسيارات النقل العام والميكروباصات مثل إعفائها من رسوم الترخيص أو خفضها وإعفاء قطع غيارها المستوردة من الجمارك او إعفائها من الضرائب او جزء منها حتي تتناسب أسعارها مع قدرة المواطنين. رقابة صارمة محمد زكي المحامي بالنقض يؤكد أن قانون المرور الحالي وبعد ما اشتمل عليه من تعديلات يعد كافيا لانضباط الشارع المصري لكن يلزم لذلك أمران الأول ضرورة قيام الإدارة العامة بتفيعل العمل بهذا القانون بشكل جدي لا تهاون فيه وفرض رقابة صارمة وفعالة علي رجال وأفراد المرور لكون بعضهم يتساهل في كثير من الأحيان مع سائقي الميكروباصات مقابل مبالغ تدفع لهم وهذا الأمر يمارس بشكل يومي ونراه جميعا في شوارعنا ولا نستطيع إنكاره وعلاج هذا النوع من الفساد يكون أولا بالاعتراف بوجوده علي أرض الواقع وليس الاكتفاء بشعارات المسئولين بأن من يقوم بذلك هم قلة والأمر لا يشكل ظاهرة وهي عبارات العصر البائد اما بعد ثورة25 يناير فيجب الاعتراف بالخطأ لمواجهته وإيجاد حلول له والأمر الثاني هو ضرورة اتساع دائرة التجريم في قانون المرور لتشمل المهندس الفني القائم علي فحص السيارات وإعطاء موافقة علي الفحص الفني للسيارات وأنها صالحة للسير وذلك بعد قياس نسبة العادم إلا إننا نفا جأ في شوارعنا بالسيارات خاصة الميكروباصات ينبعث منها أدخنة كثيفة يصعب معها الرؤية أو التنفس مما يصيبنا جميعا بالتلوث بشكل لا يحتمل فيجب اتساع دائرة التجريم لتشمل الفني محرر نموذج الفحص الفني والصلاحية عند ضبط السيارات في حالة سيرها بهذه الحالة الضارة ويجب سحب الترخيص والرجوع علي الفني المسئول وأن مثل هذا التعديل قد يحول دون إصدار نماذج فحص وصلاحية وهمية للسيارات والحد من حالة التلوث البيئي الموجود في شوارعنا0