تظل قضية الاعلام هي العامل المشترك الأوحد في كل القضايا التي تمر بها بلادنا قبل ثورة 25 يناير, ومن بعدها, فما تتناوله بعض وسائل الاعلام سواء أكانت حكومية أو خاصة. س مكتوبة أو مرئية لبعض القضايا الخطيرة التي تهدد أمن وسلامة الوطن, وبخاصة مايتعلق منها بالتوتر الطائفي, قد يكون في بعض الأحيان هو السبب الرئيسي في استمرار هذه الأحداث وتكرارها مرات أخري. كان البرلمان الاوروبي قد أصدر بيانا أدان فيه أحداث ماسبيرو, ودعا الحكومة والقوات المسلحة الي ضمان عدم استخدام القوة المفرطة ضد فئة بعينها من الشعب, مؤكدا حق الجميع في التظاهر السلمي بحرية تحت الحماية الواجبة من سلطات تنفيذ القانون. وكالعادة سارعت جميع وسائل الاعلام لنشر هذا البيان مصحوبا بآراء قيادات دينية اسلامية ومسيحية وشخصيات عامة حول هذا الموضوع, واتهم البعض منهم المسيحيين بأنهم يستقوون بالخارج الغرب ضد الدولة ويطالبون بفرض الحماية الدولية...الخ, وعلي الرغم من رفض الكنيسة مرارا وتكرارا لهذا الاتهام, وهذا المسمي الاعلامي وتأكيد جميع قياداتها أن مشاكل الاقباط لن تحل الا داخل الاسرة المصرية الواحدة, لكن للأسف الشديد مازالت هناك بعض وسائل الاعلام تتناول هذا الحدث بصورة أو بأخري. ولكن ليسمح لي القائمون علي مثل هذه الوسائل الاعلامية أن أحملهم مسئولية مايحدث!! هل لايعلم هؤلاء أن كل ماتتناوله جميع وسائل الاعلام داخل مصر يتم تحليله وكتابته في تقارير يومية ترسل الي جميع الحكومات والهيئات والمنظمات الدولية من خلال مكاتبها الاعلامية الموجودة داخل السفارات؟ هل لايعلم هؤلاء أنه لم يعد مسموحا في عصر السماوات المفتوحة أن نخالف في تغطيتنا أو تناولنا للأحداث حقيقة الأحداث؟! لن أتحدث عن اعلام أحداث ماسبيرو وماتسبب فيه من إدانة عالمية للحدث والاعلام معا سواء من الأمين العام للأمم المتحدة أو من العديد من الحكومات والمنظمات الدولية والعربية ومنها الاعلامية.. الخ, وهنا يجب أن أشير الي أن هناك تقصيرا اعلاميا ايضا من جانب سفاراتنا بالخارج التي كان يجب عليها أن تسارع بنقل الحقيقة الي المنظمات الدولية. أقول للقائمين علي الاعلام المصري ومجلس نقابة الصحفيين كيف لاتحاسب جريدة تفرد مساحة لرأي يقول: من يعطي صوته في الانتخابات لقبطي حرام شرعا؟! أو آخر يدعو من خلال برنامج تليفزيوني للقبض علي أي سيدة ترتدي مايوها علي الشاطيء باعتبار أننا اذا سمحنا بذلك نكون أشبه بمن يبيع جسده ليأكل, وأننا انتهينا من حل جميع مشكلاتنا فيما عدا مشكلة المايوه, وشرب الخمر, ولعب القمار!! أو التهديدات التي تخرج علي لسان القائمين علي التيار الاسلامي بمختلف أطيافه اذا لم يستجب المجلس العسكري والحكومة لطلباتهم, والتي يحددون فيها مساحة زمنية محددة والا... الا نعلم أن كل هذا هو الذي يدعو مثل هذه المنظمات والحكومات لإصدار بيانات الإدانة في حق مصر, وليس الأقباط؟ هل بعد كل هذا ندعو الدول الغربية للاستثمار في مصر, وتشجيع رعاياها علي زيارتها؟ ياسادة يجب أن نتأكد أن فاتورة الاستقواء باهظة التكاليف, سوف تتحملها الأجيال القادمة رغم أنفها, ولعل ماحدث ويحدث في العراق علي سبيل المثال هو خير دليل, أمريكا لاتدفع بقواتها أو تكلف خزانتها كل هذه الأموال الطائلة من أجل فئة بعينها بل من أجل مصالحها في المنطقة أولا وأخيرا, ألا نعلم أنه منذ أن وطأت القوات الامريكية بأقدامها علي أرض العراق, خرج منها المسيحيون في هجرات شبه جماعية حتي أصبحت الآن شبه خالية من المسيحيين!! أخيرا: أين الاعلام من الاستقواء المادي الخليجي الذي هو أخطر من الاستقواء الغربي؟ ألا تعرف وسائل الاعلام حجم الأموال الطائلة التي تصرفها دول بعينها داخل مصر حتي لاتقوم لها قائمة من جديد؟ ولعل قضية الاموال القطرية لبعض المنظمات الأهلية خير دليل علي ماأقول. إن التغيرات التي تشهدها المنطقة الآن, والتي أدت بالتالي الي تغير ميزان القوي ضد إسرائيل هو الذي يدفع الدول الحليفة لها الي أن تأخذ من مثل هذه التوترات, مدعومة بما تتناوله وسائل اعلامنا, طريقا للتدخل في شئون بلادنا وهو مانرفضه جميعا مسيحيين ومسلمين وخاصة الإعلاميين. المزيد من مقالات نبيل نجيب سلامة