تمنيت أن تحدث معجزة فتشرق الشمس بعد غروبها مباشرة وبذلك ينقضي الليل في دقيقة واحدة ويطلع النهار.. فإن الليل عندما يجيء لا أعرف كيف أقطعه.. فإنني أقرأ حتي يصبح كل شيء أبيض بلاحروف! وأطفئ النور فأري في الظلام بقعا حمراء وبيضاء.. إنها في عيني وقد انعكست علي شاشة الليل السوداء.. وتقلبت علي الفراش كأنني قلم خشب ردئ محشور في مبراة! وأتمني لو جاء النوم علي شكل غارة وهمية.. ينطفئ فيها كل شئ.. تتعطل فيها كل حركة.. فيسكن رأسي ويهدأ قلبي.. وتسترخي عضلاتي.. واتحول إلي إحدي ضحايا الغارة الوهمية وأنام وتقوم أشعة الفجر بدور صفارة الإنذار فأصحو أهدأ جسما وأصفي نفسا.. ككل خلق الله ولكن النوم فعلا يجيء كغارة حقيقية أضواء وأصوات وصفافير في رأسي وشظايا من هنا وهناك ويجف ريقي وتحترق عيناي وتصبح كل ساعة هي ساعة الصفر يتحول الفراش إلي خندق وتتحول المخدة إلي شوال رمل.. وأضع يدي علي خدي في انتظار عربات الإسعاف. شيء غريب أصاب النوم.. لقد كان النوم عادلا ديمقراطيا يساوي بين الناس.. الغني والفقير.. المريض والصحيح.. ما الذي جعله ظالما هكذا؟! لقد كان النوم ثوبا ناعما أتغطي به من رأسي إلي قدمي وفجأة أصبح النوم ثوبا قصيرا إذا سحبته علي رأسي توجعت رجلاي وإذا سحبته علي رجلي تكسر رأسي.. وأنا أريد فعلا أن تكون رجلي قدر ثوبي.. ولكنني لا استطيع أن أجاري الثوب الذي انكمش وانكمش حتي أصبح منديلا! وطبيعي جدا أن يعيش متوشائيل أحد أحفاد أدم005 سنة لأنه كان ينام الليل كله في العراء.. حتي جاءه أحد الملائكة وطلب إليه أن يبني بيتا لأنه لايزال في عمره005 سنة أخري.. فرد عليه متوشائيل قائلا: كنت أظن أنني سأعيش أكثر الحكاية ماتستاهلش! amansour.ahram.org.eg المزيد من أعمدة أنيس منصور