إذا كان أحب البيوت الي الله المساجد, لأنها تؤدي أهم الأدوار, وهو الاتصال بين الأرض والسماء, بين العبد وربه, فلماذا نجد هذه الأيام نسيانا من الناس لدور المسجد وانتهاكا لحرمته, وارتفاع الاصوات بداخله, مثلما حدث مؤخرا مع فضيلة مفتي الديار المصرية في أحد مساجد محافظة بورسعيد. في أثناء خطبة الجمعة.. هذا الفعل الذي جرمه علماء الدين من الناحيتين الدينية والأدبية. حول حرمة المساجد يقول الدكتور رأفت عثمان أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر وعضو مجمعي البحوث الإسلامية وفقهاء الشريعة بأمريكا ان هذا العمل يعد جريمة من الناحية الدينية والناحية الأدبية, أما من الناحية الدينية فأحكام الشريعة تجرم الكلام في أثناء إلقاء خطبة الجمعة, بل قال العلماء إن الكلام ممنوع حتي لو كان أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر, وقد شبهت بعض الأحاديث الذي يتكلم أثناء الخطبة بالحمار الذي يحمل أسفارا, ومعني هذه العبارة أنه لا يفهم شيئا من العلم, والذي يقول له أسكت لا جمعة له, أما من الناحية الأدبية فهي جريمة في حق المفتي, لأنها جريمة سب علني يحق للمفتي أن يرفع دعوي قضائية ضد هذا الشخص, ولو كان هذا الرجل صادقا فيما أثاره فإنه من الواجب عليه أن يفاتح المفتي بهذا الموضوع في دار الافتاء وليس بهذه الصورة المسيئة التي حدثت داخل المسجد, ولا أظن ان المفتي كان سيمتنع عن لقاء الرجل وإزالة الشبهة التي حدثت عنده, وأؤكد في هذه المناسبة أن الاعتداء علي العلماء بأي نوع من صور الاعتداء امر مستقبح جدا, والعلماء يبينون أن الذي يعتدي عليهم خاسر خسرانا كبيرا, ولهذا نجد من العبارات التي تظهر المكانة الأدبية للعلماء قولهم بأن لحوم العلماء مسمومة والمعني انه سيرتكب جرما كبيرا من يتعدي علي أي عالم من العلماء. ويضيف الدكتور عثمان أن المساجد منزهة عن ان يصرخ واحد من هنا أو من هناك ليعترض علي خطيب الجمعة, ولو تصورنا أن هذا مباح لما كانت هناك صلاة جمعة, فمن الطبيعي أنه إذا صرخ شخص في خطيب الجمعة أن يرد عليه شخص آخر, وهذا ما حدث بالفعل في هذه الحادثة الساقطة, ولا نتصور إتمام صلاة جمعة كل اسبوع ويكون فيها هذا الاعتداء علي الخطيب او رفع الصوت بالإهانات. أما الدكتور محمد الشحات الجندي استاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة حلوان فيقول إن ما حدث سلوك غير قويم ولا يتناسب مع المسلم في التزامه في بيت من بيوت الله سبحانه وتعالي, والمعلوم أن بيوت الله في الأرض هي المساجد, والجالس فيها ينبغي أن يكون في ذكر وتسبيح وتحميد مع الله سبحانه وتعالي خاصة وقت إلقاء خطبة الجمعة التي هي جزء من شعيرة هذه الصلاة المفروضة وورد فيها حديث الرسول صلي الله عليه وسلم إذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام وهذا التصرف الذي وقع إنما كان منافيا لجلال المسجد وعبادة الله سبحانه وتعالي, وقد قال الحق وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا فضلا عن إثارة اللغط وما تضمنه التصرف من إساءة وافتراءات علي أحد العلماء الذي ينبغي احترامهم وتوقيرهم مصداقا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم العلماء ورثة الأنبياء والرجل لم يكن يتكلم في شأن خاص أو يتناول قضية فيها إخلال بحق أحد من الناس إنما كان يؤدي الخطبة التي هي جزء من هذه الشعيرة وهي صلاة الجمعة, وما كان يقوله المفتي يندرج في مفهوم الذكر وتلاوة آيات من القرآن الكريم فكان يجب الاستماع والانصات بدلا من الإثارة والاتهام والإخلال بحرمة المسجد لذلك فحري بالمسلم أن يعي حرمة وجلال هذا الموقف ويعطي لكل ذي حق حقه, ولا يستغل المسجد للتطاول أو الازدراء, أو رمي الناس بالاتهامات دون سند أو دليل.