بعد رفضه دعم المثلية.. الدوري الفرنسي يعاقب محمد كامارا لاعب موناكو    زيزو ليس بينهم.. كاف يعلن عن هدافي الكونفدرالية 2024    من يحقق الكرة الذهبية؟.. أنشيلوتي بفاجئ جمهور ريال مدريد بتصريحات مثيرة قبل نهائي الأبطال    كشف ملابسات تضرر طالبة من قائد سيارة لقيامه بارتكاب أفعال خادشة للحياء بالقاهرة    وصول جثمان والدة المطرب محمود الليثي إلى مسجد الحصري بأكتوبر "صور"    16 شهيدا و35 مصابا فى قصف أمريكى بريطانى على اليمن    انتظروا.. أقوى مراجعة فى الجغرافيا لطلاب الثانوية على تليفزيون اليوم السابع    طقس غد.. ارتفاع بالحرارة على كل الأنحاء والعظمى بالقاهرة 37 درجة    «زراعة دمياط» تعلن توريد 33 ألف طن قمح حتى الآن    عمرو الفقي يعلق على برومو "أم الدنيا": مصر مهد الحضارة والأديان    في بلادي.. لا حياة لمن تنادي!    وزيرة التعاون: تحقيق استقرار مستدام في أفريقيا يتطلب دعم المؤسسات الدولية    معلومات الوزراء يناقش سبل تعظيم العائد من الإنتاجية الزراعية    ضمن مبادرة كلنا واحد.. الداخلية توجه قوافل طبية وإنسانية إلى قرى سوهاج    حزب الله يستهدف موقعًا إسرائيليًا في الجولان المحتل    ماس كهربائى وراء اشتعال حريق بمحل صيانة أجهزة كهربائية فى العمرانية    الشباب السعودي يسعى لضم ألكسندر لاكازيت فى الصيف    الحوار الوطني يجتمع غدا لمناقشة ملفات الأمن القومي والأوضاع في غزة    مهرجان جمعية الفيلم، تحت شعار تحيا المقاومة.. لتحيا فلسطين    أحمد آدم: "تانى تانى" فيلم لايت مناسب للأسر والعائلات وقدمني بشكل مختلف    جيش الاحتلال: اختراق مسيرتين مفخختين حدود لبنان استهدفتا موقع الزاعورة    المفتي: عدم توثيق الأرملة زواجها الجديد لأخذ معاش زوجها المتوفي حرام شرعا    مرة واحدة في العمر.. ما حكم من استطاع الحج ولم يفعل؟ إمام وخطيب المسجد الحرام يُجيب    هل الجوافة ترفع السكر؟    تعشق المشمش؟- احذر أضرار الإفراط في تناوله    وزير الإسكان يُصدر قراراً بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي    بعثة المواي تاي تغادر إلى اليونان للمشاركة فى بطولة العالم للكبار    فرنسا تشهد أسبوع حافلا بالمظاهرات احتجاجا على القصف الإسرائيلى    أزهري يوضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية (فيديو)    "العاصمة الإدارية" الجديدة تستقبل وفدا من جامعة قرطاج التونسية    مشروعات التنمية الزراعية: الكسافا مساعد للقمح و65% من مكوناته تستخدم بالنشا    في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. احذر التبغ يقتل 8 ملايين شخص سنويا    بعد تحذير المحافظات منها، ماهي سمكة الأرنب ومخاطرها على الصحة    اعتماد 34 مدرسة بالإسكندرية في 9 إدارات تعليمية    لا تسقط بحال من الأحوال.. مدير عام وعظ القاهرة يوضح حالات الجمع بين الصلوات    رئيس جامعة قناة السويس يُتابع أعمال تطوير المسجد وملاعب كرة القدم    محمد نوار: الإذاعة أسرع وأرخص وسيلة إعلام في العالم.. والطلب عليها يتزايد    برلماني أردني: التشكيك في دور مصر تجاه القضية الفلسطينية غير مجدي (فيديو)    الاعتماد والرقابة الصحية: برنامج تدريب المراجعين يحصل على الاعتماد الدولي    محمد شحاتة: "كنت أكل مع العساكر في طلائع الجيش.. وأبي بكى عند توقيعي للزمالك"    محافظ أسوان يتابع تسليم 30 منزلا بقرية الفؤادية بكوم أمبو بعد إعادة تأهيلهم    وزارة الصحة تستقبل سفير كوبا لدى مصر لتعزيز التعاون في المجال الصحي    «حق الله في المال».. موضوع خطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    ألقى بنفسه أمامها.. دفن شخص صدمته سيارة نقل بالهرم    تفاقم أزمة القوى العاملة في جيش الاحتلال الإسرائيلي    واشنطن: ليس لدينا خطط لنشر أسلحة نووية في كوريا الجنوبية    تشكيل بروسيا دورتموند المتوقع لمواجهة ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا 2024    من بكين.. رسائل السيسي لكبرى الشركات الصينية    تعرف على موعد إجازة عيد الأضحى المُبارك    وزير التعليم لبعض طلاب الثانوية: لا تراهن على التأخير.. هنفتشك يعني هنفتشك    الأعمال المكروهة والمستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة    شاهد.. الفيديو الأول ل تحضيرات ياسمين رئيس قبل زفافها    البابا تواضروس يستقبل وفدًا رهبانيًّا روسيًّا    محمد شحاتة: نستطيع تحقيق ميدالية أولمبية وعبد الله السعيد قدوتى    تامر عبد المنعم ينعى والدة وزيرة الثقافة: «كل نفس ذائقة الموت»    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الجمعة 31 مايو 2024    مران منتخب مصر - مشاركة 24 لاعبا وفتوح يواصل التأهيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقت متأخر من الليل
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 10 - 2011

حرمتنا نعمة الثورة‏,‏ من فضيلة التأمل في شأن هنا‏,‏ أو شأن هناك‏.‏ وكيف بك أن تستبصر شيئا في مواجهة الدنيا وقد تحولت جميعها إلي مشهد غائم بالغ الارتباك يبرق في قلبه حلم‏.‏ أنت الذي صار لا يتبين ترجمات الأفلام جيدا إلا إذا اقترب‏. 1 , ولم يعد يأخذ ما يقوله محدثه مأخذ الجد إلا إذا قاله بصوت مسموع.. ولم يعد يرتدي بنطلونه إلا وهو جالس في مقعد أو علي كنبة خوفا من وقوع محتم سوف يؤذيه, والذي مضت عليه سنوات الآن يدخل فيها المرحاض, فيستدير ويغلق علي نفسه جيدا, ويدير أكرة الترباس, بعدما انقضت الأيام التي كان يدخل فيها خفيفا.
وتقول, بينك وبين نفسك, لله الأمر من قبل, ومن بعد.
2
البنت التي من التحرير, ما أن تلتقيك بالمقهي, حتي تتذكر أنها كاتبة للقصة القصيرة, وتخبرك وهي مائلة أن ما يعطلها هو أنها لا تعرف ما الجديد الذي يمكن لها أن تكتبه, ذلك أن كل شيء قد كتب, والأجيال التي تعاقبت لم تترك شيئا بكرا يمكن لها إضافته.
وأنت تقول لها, بينما تتأمل الحلق الصغير المدلي من ثقب أذنها القريبة تحت شعرها الملموم, ومرفقها المطوي, إن الأحوال ليست هكذا, لأن من يكتبون القصص والروايات, أو يلونون اللوحات, أو يدبجون القصائد, أو يفعلون هذا الشيء أو ذاك, ليس علي كل منهم أن يعد خارطة كاملة بكل ما تم إنجازه من قبل, ثم يسلك فيها متفاديا كل ما سبق, هذا غير ممكن ولا هو منطقي, وحتي إذا أمكن إعداد مثل هذه الجداول, وهو أمر لم يجربه احد من قبل, فإن فيه مضيعة للعمر من دون جدوي. الأمر غير ذلك, لأن القصص لا تختلف عما سبقها إلا باختلاف كاتبها نفسه. وكل كاتب مفترض أن يكون هو وليس أحدا آخر. وما عليك إذن والحال هكذا إلا أن تحاولي أن تكوني أنت. هكذا تحققين إضافتك. أكتبي القصة التي تشبهك, وكما تحبين لها أن تكون. كما أخبرتها كيف يؤكدون أنه لا توجد أبدا أصالة مطلقة, صحيح أن كل واحد منا قائم برأسه وفريد, ليس لأنه يختلف عن الآخرين, ولكن لأنه ينتمي إلي آخرين. لذلك لا توجد أدني فرصة أمام أحد, رجلا كان أو فتاة مثلك, لكي يخترع الكتابة من جديد. وذكرت لها من دون أن أعرف إن كنت واضحا أم لا, كيف أنهم قالوا عن السيد: مارسيل بروست, وهو الأكثر تفردا في تاريخ الأدب العالمي كله, أنه كان ينتمي إلي جورج إليوت و توماس هاردي الذي ترجمت جل أعمالهما إلي العربية, رغم أن عملهما, ظاهريا, بدا لنا من أبعد الأعمال عنه, بل أنهم نقلوا عن السيد: بروست المتفرد هذا قوله: أن الأصالة تكمن في كثير من الأحيان, في أن يرتدي المرء قبعة جدتك.
3
وفي مناسبة هذه الشابة وما أرادت, فكرت في كل الكلام الفارغ الذي قلته لها. لأن الواحد يفكر في القصة القصيرة كل مرة علي نحو مختلف.. يفكر مثلا أن ما قلل منها أنها ظلت دائما في متناول يد كل من يطمحون إلي التعبير عن أولي تجاربهم, والظن أحيانا أنها تقع في مرتبة أولي تسبق الرواية التي قد يترقون إلي كتابتها, رغم أنها واحدة من أدق الصيغ وأكثرها قدرة علي الإفادة من إمكانيات التعبير المتاحة لفنون أخري. الرواية قد يكتبها الروائيون وغير الروائيين, بينما تتطلب القصة القصيرة إحساسا لا يخطئ بالشكل, وهي موجزة بطبيعتها, والإيجاز نزعة روحية قبل أن يكون مهارة ما, وهذه سمة لا بد من توافرها في الكاتب وليس في النوع نفسه.
4
من فضائل كل عمل فني جيد, أنه يمنحك, سواء أثناء تلقيه أو بعدما تفرغ منه, وقتا من التأمل أبعد عن العمل نفسه, رغم أنه نتيجة له, وما أكثر ما طوينا ما بيدنا ورحنا نستمتع بذلك الصفاء النادر الذي لا يتوافر لك أبدا إلا بسبب من أعمال الفن الطيبة.
هناك لحظات في الحياة قادرة علي أن تمنحنا تلك الأوقات الثمينة, إلا أنها تمر سريعا ضمن حشود أخري متلاحقة من لحظات تجري, والمشترك بين القصص القصيرة, ربما, هي أنها تجهد أن تلتقط لنا مثل تلك اللحظات, تمنحها جسدا. وتسوي منها عالما كاملا مستقلا لا نري غيره. ولكن الكتاب, أيضا, يتوصلون إلي هذه اللحظات عبر إمكانيات الخلق الموجودة في اللغة ذاتها.. عبر الكلمات الحية مثل كائن, والتي يمكنك أن تضع حفنة منها في راحة اليد, وتمد طرف لسانك تتذوق طعم كل مفردة علي حدة, وتعجب.
المزيد من مقالات إبراهيم اصلان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.