تعتبر تجربة تنظيم القوافل الطبية نموذجا يحتذي به لدور الدبلوماسية الشعبية في التقريب بين الشعوب، وتعزيز وتقوية الروابط بينها، وبالتالي يجب البناء عليه وتشجيعه سياسيا، وهو الدور الآخذ في التصاعد خلال الفترة المقبلة في العلاقات الدولية بصفة عامة. فى هذا السياق أنهت قافلة طبية مصرية زيارة لكينشاسا امتدت خلال الفترة من 26 سبتمبر إلي 2 أكتوبر الحالى برئاسة د. محمد الرويني رئيس قسم اللغة الفرنسية بكلية طب جامعة الإسكندرية. تم تنظيم القافلة بالتنسيق بين كلية طب جامعة الإسكندرية وجمعية مسلمي الكونجو وجمعيتين خيريتين إحداهما مصرية والأخري كونجولية، برعاية السفارة المصرية في كينشاسا. وقد ضمت القافلة 9 أطباء مصريين من مختلف التخصصات الطبية، ومنها جراحة العيون والجهاز الهضمي والمناظير والعظام والجراحة العامة والمسالك البولية. وقد تم تنظيم احتفال إطلاق القافلة بمقر جمعية مسلمي الكونجو برعاية كل من السفير المصري أشرف إبراهيم ووزير الصحة الكونجولي، وبحضور سفراء الدول العربية المعتمدين في كينشاسا، وقد حظي الموضوع بتغطية كبيرة من وسائل الإعلام الكونجولية الأمر الذي كان له تأثير إيجابي علي الصورة المصرية في الشارع الكونجولي. أوضح السفير المصري فى الكونجو الديمقراطية أشرف إبراهيم أن هذه هي القافلة الطبية الثالثة من نوعها التي تحضر من مصر إلي الكونجو الديمقراطية خلال الثلاث أشهر الأخيرة فقط لإجراء عمليات جراحية مجانية لصالح المواطنين الكونجوليين، مضيفا أن التعاون المصري في المجال الطبي هو أحد الأوجه الواعدة للعلاقات الثنائية بين البلدين. وقد أجرى أطباء القافلة ما يقارب الخمسون عملية عيون، بالإضافة إلى عدد كبير من العمليات الجراحية الأخرى وخاصة فى مجال العظام والتجميل، إضافة إلى جراحات المسالك البولية والمناظير. أضاف في نفس السياق أن نشاط القافلة الطبية لم يقتصر علي إجراء عمليات جراحية فقط وإنما امتد ليشمل جوانب تعليمية طبية منها قيام بعض أعضاء القافلة بإعطاء محاضرات لطلبة كلية طب جامعة كينشاسا، وكذا حضور جراحين كونجوليين للعمليات الجراحية التي أجراها نظراؤهم المصريون وذلك للاستفادة من الخبرات المصرية، الأمر الذي كان له صدي واسع ومردود إيجابي كبير علي سمعة ومستوي الطب المصري في الأوساط العلمية والطبية الكونجولية، تابعته السفارة من خلال تعليقات المسئولين الكونجوليين المعنيين علي ما قامت به القافلة الطبية المصرية خلال وعقب انتهاء فترة عملها في كينشاسا. وفى هذا الاطار وقع وزير الصحة خلال مراسم إطلاق القافلة بروتوكول تعاون بين مستشفى كينشاسا العام وجامعة الإسكندرية، وكذا بروتوكول تعاون بين كل من كليتى الإسكندرية وكينشاسا يتم بمقتضاه إيفاد مدرسين من كلية الطب بجامعة الإسكندرية للتدريس فى جامعة كينشاسا لفترات قصيرة. كما التقى أعضاء القافلة برؤساء الجامعات الخاصة والتى تضم كليات للطب فى كينشاسا، وأنهم تناولوا إمكانية استعانة تلك الكليات بمدرسين مصريين للتدريس فى كليات الطب بها، كما أفاد أحد رؤساء تلك الجامعات بإمكانية الاستعانة بأساتذة جامعيين للتدريس بمختلف كليات تلك الجامعة، وتم الاتفاق على قيامه بزيارة لجامعة الإسكندرية للإطلاع على إمكانياتها، والنظر فى إمكانية توقيع بروتوكول فى هذا الشأن. أضاف السفير المصري أنه نظرا للاحتياج الكبير للكونجو الديمقراطية للمساعدة في المجال الصحي بشكل يفوق إمكانية الحكومة المصرية بمفردها علي المساعدة في تلبية هذا الاحتياج، تحرص السفارة دائما علي تشجيع تنظيم مثل هذه الأنواع من القوافل الطبية التي تتحمل تكلفتها منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية المصرية والعربية وتقوم السفارة في هذا الصدد بالتنسيق بينها وبين الجانب الحكومي الكونجولي والجهات الكونجولية المستفيدة من هذه الخدمة الطبية المجانية. أما عن دور الحكومة المصرية في المساهمة في هذا القطاع، فقد أوضح أن مصر بصدد إعادة تأهيل قسم النساء والتوليد بمستشفي كينشاسا العام وتجهيزه، وتعد مستشفى كينشاسا العام أكبر مستشفي في الكونجو الديمقراطية حيث تبلغ قدرتها الاستيعابية 1200 سرير، وتم إنشاء المستشفي منذ عام 1922 أي خلال فترة الاستعمار البلجيكي، هذا إضافة إلي الدورات التدريبية التي ينظمها الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا التابع لوزارة الخارجية للكوادر الطبية الكونجولية بالتعاون مع المؤسسات التعليمية الطبية في مصر. المطلوب زيادة عدد هذا النوع من القوافل لأهميتها فى توثيق العلاقات الشعبية لما لها من تأثير إنسانى طويل الأجل . المزيد من مقالات محمود النوبى