في طفولتنا.. كانت هناك دائما حكاية ينطلق بطلها بين السطور حتي ينتصر في نهاية القصة, وفي مؤتمر أخير استمر لثلاثة أيام برعاية مركز الخطوط بمكتبة الاسكندرية يحمل اسم الندوة الدولية الرابعة لتاريخ الطباعة والنشر بلغات وبلدان الشرق الاوسط يبدو أن الكلمة هي ذلك البطل. فهي كل ما كتب ويعتبره الخطاطون والوراقون وحتي ماكينات الطباعة والصحف والجرائد مهمة خاصة بهم. في اليوم الافتتاحي لهذه الندوة التي سبقتها ثلاث ندوات في فرنسا وألمانيا, كان أكثر ما لفت انتباهي وجود مجموعة لوحات خاصة بالمطبوعات الارمينية القديمة جاءت في الحقيبة الدبلوماسية لعرض الفنون والثقافة الارمينية. يبدو أن أرمينيا كما قال د. إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة تلفت الانظار إليها بعد أن وقع الإختيار علي مدينة بريفان الأرمنية عاصمة للكتاب2012 وهي واقعة تضاف إلي رصيد هؤلاء الارمن الذين جاءوا إلي بر المحروسة وأصبحوا مع الزمن يمثلون تيارا في المجتمع المصري. وفي المقابل تحدث أرمين ملكونيان سفير أرمينيا ليؤكد ضرورة تتبع تاريخ الطباعة في بلاده بوصفها نموذجا يمكن للعالم الاستفادة منه بعد مرور خمسمائة عام علي أول حركة طباعة, واما د. جيفري روبر مؤسس هذه الندوات فقال ان دراسة الحضارة ترتبط بتاريخ الطباعة. المصريون: ولاننا في الاسكندرية فقد بدت معظم الرؤي مصرية صميمة ومنها رؤية محمد المغربي خطاط الاهرام صاحب التجربة المتفردة, فهو من كتب مانشيت الاهرام الشهير الشعب أسقط النظام ويري ان الخط العربي قد دخل مع تطور الاخراج الصحفي وان الاخراج الصحفي صاحب قصة أخري حيث انه تطور ليجذب قطاعات كبيرة من القراء وهي رؤية تتفق مع بحث د. خالد عزب الذي يري أن مصر قد شهدت تحولا كبيرا مع دخول المطبعة وسماح الأزهر الشريف بطباعة القرآن الكريم وتطور المجلات العلمية التي مثلت أكثر من ثلثي مساحة الصحف في عهد الخديو إسماعيل وظهور أول مكتبة لبيع الكتب بالتقسيط في منطقة الحسين ونشأة جلسات القراءة في الريف المصري. وأما ما حدث في القدس مواكبا لظهور المطبعة فقد فقد سجلته شهادة تاريخية للدكتورة سوسن الفاخري التي بينت كيف لعبت المطابع دورا كبيرا في تطور الأوضاع في فلسطين في الحقبة التي امتدت من1830:1900 وهي الفترة التي سبقت قيام الكيان الصهيوني. قصة خاصة: و نعود إلي أرمينيا ورغم صغر حجم الجالية الارمنية الا ان لها دورا في التاريخ المصري الحديث والدليل صدور أول دورية خاصة بهم نصف شهرية في أربع صفحات باسم أرمافيني عام1865 كماتؤكد د. سورين بارميان. فقد أسهم الارمن المصريون في المنظومة الطباعية المصرية ويقول د. محمد رفعت انهم أسسوا أكثر من أربعين مطبعة بالقاهرةوالاسكندرية. وتعتبر مطبعة أراراد أقدم مطبعة أسسوها في القاهرة عام1896 بينما كانت نازاريتيان هي الاقدم بالاسكندرية عام.1899 وفي الوقت نفسه كان للطباعة الأرمينية في اسطنبول دور كبير في النهضة الفكرية الأرمينية وكان لها دور في الترجمة كما أكدت آلاء فهيم في بحثها والدليل ما ترجمته مؤسسة داديان إخوان من كلاسيكيات مثلت علي أول مسرح أسس في اسطنبول عام.1828 وهكذا يمكن أن نفهم أن الطباعة لها دور في تفعيل القضية الأرمينية في الدولة العثمانية كما يشير د. علي ثابت صبري حيث ولدت مع الطباعة نوعا من الصحافة جعلت الأرمن يطالبون باستقلال بلادهم وعرض قضيتهم علي الدول الأوربية.