ربما كان شراء الأصوات الانتخابية سببا مباشرا أو غير مباشر في اندلاع ثورة25 يناير, حيث انتج برلمانا مشوها مزيفا لا يعبر عن إرادة المواطن المصري.. مما قاده إلي شعور بعدم وجود تمثيل حقيقي له تحت قبة البرلمان. من هنا تأتي أهمية الاتجاه الجاد نحو مرسوم بقانون يقضي باعتبار شراء الاصوات أو الرشاوي الانتخابية بمعني أدق جريمة رشوة لها نفس عقوبتها.. ومن هنا أيضا تأتي ضرورة فتح باب النقاش والجدل حول هذا المشروع من قبل رؤساء الأحزاب والقياديين بها وكذلك الرأي القانوني حولها. د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع يشير بداية إلي أن هناك شكاوي مما يسمي بالرشاوي الانتخابية, ومؤخرا أعلن عن مرسوم بقانون بالمعاقبة الجادة والحقيقية لمرتكبيها.. ولكن المشكلة تكمن في معني هذه الرشاوي هل هو الوقوف علي ابواب اللجان ودفع مبالغ نقدية للناخبين أم توزيع هذه المبالغ علي محدودي الدخل في منازلهم قبيل الانتخابات سواء في شكل مبالغ مالية أو مواد غذائية أو شنط ملابس أو غيرها.. فكل ذلك دون شك يندرج تحت بند الرشاوي الانتخابية. ففي انتخابات برلمانية عديدة سابقة كان يتم انفاق مبالغ مالية طائلة لشراء الأصوات والنتيجة هي ما نراه الآن من محاكمات نتيجة للفساد والإفساد فالمرشح إذا انفق6 ملايين جنيه علي حملته الانتخابية ونجح في الانتخابات فهو يضمن بالقطع أنه سيحصل علي مزايا في المقابل قد تفوق ال20 مليون جنيه.. لذلك فأصل المشكلة أنه عندما يحظر علي النائب أن يتربح من عضويته في مجلس الشعب فسوف تتراجع معدلات الانفاق بمثل هذا البذخ وتتراجع ظاهرة شراء الأصوات. وقد بدأ هذا الانفاق منذ فترة طويلة وكذلك تدفق الرشاوي وعلينا الآن أن نوقفها ونحدد طبيعتها ونوعيتها وألا ننخدع بظهور نوعيات وصور جديدة منها. الرشاوي أنواع ويتابع د. رفعت السعيد قائلا إن اصدار هذا القانون المقترح ضروري والعقوبة حتمية ويجب تطبيقها.. وان كانت هناك مجموعة من الضوابط التي تحكم هذه المسألة.. فتوقيع العقوبة ضرورة علي الرشاوي المباشرة( شراء الأصوات) والتي يتم دفعها للناخب حال دخوله أو قبول دخوله إلي اللجان الانتخابية وكذلك الرشاوي الجماعية والتي تتمثل في قيام المرشح ببناء مدرسة في قرية علي سبيل المثال أو تخصيص قطعة أرض لهذا الغرض ولا يتم نقل ملكيتها إلا بعد حصوله علي80% مثلا من أصوات أهالي القرية في الانتخابات بناء علي تعهد منهم بذلك. وهناك أيضا الرشاوي المتدفقة علي المنازل من المرشحين, حيث يتم توزيع الهدايا العينية المختلفة, وهو ما يجب أن يتوقف علي الفور والتصدي له بعقوبات رادعة. صعوبات في التطبيق علاء عبدالمنعم المحامي وعضو مجلس الشعب السابق يتبني وجهة نظر أخري موضحا أن تطبيق هذه العقوبة يقتضي أن تكون هناك انتخابات في الأساس.. ولكنه وفقا لمشروع القانون الحالي فلن تجري انتخابات لأن هذا المشروع لا يمكن بل يستحيل تطبيقه.. ومن هنا فنحن نري أن تشديد العقوبة علي الرشاوي الانتخابية لا يمكن تطبيقه عمليا لأن هذه الرشاوي قد تقدم في صورة مشروعات أو تبرعات ليس من الضروري أن تقدم من المرشح بنفسه ولكن من أحد أنصاره ومعاونيه فمن الناحية العملية لا يوجد مرشح يقوم بهذه المهمة بنفسه.. كما أن التبرير واجراءات الضبط تتعارض مع قانون الإجراءات الذي يشترط في جرائم الرشوة ضرورة الحصول علي اذن من النيابة, كما أن مثل هذه الجرائم لها وسائل معينة لضبطها كالحصول علي تسجيلات أو تقديم بلاغ ضد الراشي وهو أمر غير متصور حدوثه, كما يمكن أن يتم ذلك بناء علي بلاغ من الوسيط وهو أيضا أمر غير متصور. ومن وجهة النظر القانونية فإن أي نص قانوني غير قابل للتطبيق يتحول إلي حبر علي ورق فالعبرة ليست بوضع نصوص لفظية بدون ضوابط محددة للتطبيق.. فعلي سبيل المثال من يتجاوز السقف الأعلي للانفاق علي الدعاية الانتخابية يتم شطبه من الجداول الانتخابية ولكن هل يتم التطبيق بالفعل؟ ومن ناحية أخري فإن تلك النصوص غير القابلة للتطبيق تهدر قيمة الردع الموجودة في التشريع وعلي سبيل المثال فإن عقوبة الإعدام في جريمة جلب المخدرات رادعة بالفعل ولكن قسوة العقوبة تجعل القضاة يخشون تطبيقها من الناحية العملية.. لذلك فهي لم تطبق حتي الآن. ويشير علاء عبدالمنعم إلي أن الاعتماد الأساسي يجب أن يتمثل في توعية الناخبين بأهمية الأدلاء بأصواتهم والوجود إلي صناديق الانتخابات.. فإذا كانت هناك كثافة عالية في هذا التوافد نتيجة للوعي بأهمية هذه الأصوات فلن تكون هنا أية أهمية أو جدوي للرشاوي.. فإذا كان عدد المتوجهين إلي الصناديق4 آلاف مواطن فقط علي سبيل المثال فإنه قد يسهل تقديم رشاوي إلي هذه الأعداد بعكس الحال حينما يتوافد50 ألف ناخب.. ومن هنا فالتوعية ضرورة حتمية. أهم أسباب الثورة سعد عبود القيادي بحزب الكرامة والنائب السابق بمجلس الشعب, يؤكد من جانبه أن شراء الأصوات هو تزوير صريح لإرادة الأمة واعتداء جسيم علي حق المواطن في الاختيار السليم لنواب الشعب بدون ضغوط ويؤثر علي أهم مؤسسة تشريعية وهي السلطة المفترض أن يتم اختيار أعضائها بعيدا عن البلطجة والمال لأنها تصنع الدستور الذي تسير عليه البلاد.. ومن الضروري أن يكون هؤلاء الأعضاء مهمومين بقضايا الوطن قبل اهتمامهم بالوجاهة والحفاظ علي المناصب وتجميع الثروات فهم في حقيقة الأمر نواب مكلفون من الأمة لمناقشة مشكلاتها وايجاد حل لها تحت قبة البرلمان. وهناك في رأينا كما يضيف سعد عبود مجموعة من الآليات التي يمكن التحكم من خلالها في منع شراء الأصوات وأولها أن تكون الانتخابات بالقائمة بعيدا عن النظام المختلط الذي يفتح الباب علي مصراعيه لشراء الذمم فالانتخاب بالقائمة يسد الطريق أمام سيطرة رأس المال والبلطجة والعصيان والتأثير العائلي والعشائري الذي من الممكن ان يأتي بنواب ليس لديهم دور في الانتخابات. ومن بين الآليات أيضا كما يضيف سعد عبود ضرورة تشديد العقوبات ووجود لجان شعبية من الشباب أمام لجان الانتخابات للتصدي لأية ظواهر سلبية ومراقبتها فور حدوثها خاصة ما يتعلق بالرشاوي ولاسيما أن هذه اللجان اثبتت نجاحا من قبل في سد الفراغ الأمني وقت الثورة. الضبطية القضائية ومن أهم الضوابط كما يضيف د. حسن جميعي وجود الرقابة وسلطة الضبطية القضائية في أيدي الشرطة والرقابة الإدارية مع حق المواطن العادي في الابلاغ عن تلك الجرائم وكذلك حق النيابة العامة في التحقيق الفوري في أي بلاغ يصل إليها والإحالة العاجلة للمحاكمات خلال فترة محدودة زمنيا حتي لا تتأخر إلي حين اتمام العملية الانتخابية.