تعتبر الترجمة واحدة من حالات الإبداع الثقافي والتواصل بين البشر, ونحن نبحث عن صيغة لهذه الحالة الآن من خلال التحقيق التالي، بداية يقول د.رمسيس عوض الناقد والمترجم نحتاج لخطة قومية للترجمة تتجدد كل خمسة أعوام لتحديد واقتناء الكتب المقترح ترجمتها بناء علي توصيات الجامعات والمراكز العلمية المتخصصة, بحيث تكون الفردية للمترجم في أضيق الحدود, وإنشاء جهاز مهمته التأكد من وجود أو عدم وجود ترجمات لهذه الكتب المقترحة, سواء في مصر أو البلدان العربية وعرضها علي المتخصصين لتقييمها قبل اتخاذ أي قرار بشأنها, إضافة لأهمية عمل قاعدة بيانات للمترجمين في جميع التخصصات, مع إنشاء مكتبة تضم القواميس والمعاجم لكل اللغات الخاصة بالترجمة والمعروفة للعالم العربي, علي أن تكون الأولوية لترجمة أمهات الكتب التي كانت علامة في مسيرة الإنسانية, كذلك تحديد مجالات الترجمة في الأجهزة والإدارات التابعة للدولة علي النحو التالي: تتخصص الهيئة العامة للكتاب في ترجمة الكتب العلمية والتكنولوجية, ويتخصص المركز القومي للترجمة في ترجمة العلوم الإنسانية, ويخصص جانب من نشاط قصور الثقافة في تقديم المعارف العامة وترجمتها بأسلوب شعبي, ذلك للقضاء علي تضارب جهات مختلفة تقوم بالترجمة. وإذا كان د.رمسيس قد قدم طرحها للارتقاء بحالة الترجمة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الارتقاء الثقافي للإنسان فإن الشاعر والناقد والكاتب المسرحي عبدالستار محمود قد اختار الواقعية في التوصيف, حيث أكد تراجع حالة الترجمة من خلال علاقتها بالحضارة, تلك العلاقة الطردية, وليست العكسية, فيذكر أن الأمم في حالة صعودها تزدهر كل أشكال الإبداعات فيها, وفي عصور انكسارها تتداعي معها, وفي حكم الطواغيت تنحدر الإبداعات, لأن نمو الوعي يبقي بالضرورة إيذانا بثورة, فنجدهم يشغلون شعوبهم بمتطلبات الحياة, بعيدا عما يشكل وجدانهم الإنساني, لأنه إذا تشكل هذا الوجدان الإنساني السوي سينطلق للفضاءات الوسيعة, وتمثل الترجمة إحدي أدوات ذلك, كما توجد تعمية شديدة للمصطلحات حتي لا يتم تحديد مفاهيمها ومعانيها بالشكل الصحيح, مما يجعل البعض يردد ما لا يفهم معناه, فعلي سبيل المثال مصطلح الليبرالية لا يضعه كثير من مثقفينا في وضعه السليم, كما أن معظمهم لم يقرأ مقدمة ابن خلدون التي تحدثت عن زواج الثروة بالسلطة وعلاقة هذا بالثورات. الشاعر والمترجم رفعت سلام يتحدث عن حالة فوضي عارمة في مناخ الترجمة لعدم وجود خطة واضحة فيما يتعلق بالترجمة حتي داخل المركز القومي للترجمة نفسه الذي يعاني الكثير من عشوائية العمل, وكذا رداءة الترجمات, إضافة للمجاملات, وفي نفس الوقت يتفق سلام مع د.رمسيس في أهمية وجود خطط مدروسة وقاعدة بيانات أساسية, ويرفض سلام إضاعة الجهد والمال في مؤتمرات الترجمة التي لا نجني منها سوي توصيات ترص علي الأرفف, ويطالب بالاعتناء بدور المترجم وتوحيد المعايير الخاصة بالترجمة في جميع دور النشر والمؤسسات في معيار واحد. د.بشير السباعي الباحث والناقد لخص طرحه بقوله نحتاج لثورة ثقافية يصاحبها تحول عميق في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والبني السياسية, تكون قادرة علي تجسير الفجوة بيننا وبين الآخر, وتكون جسرا للتواصل والتفاعل في إطار تحول وتبادل بين جميع البشر. وتختتم د.نرمين أسعد أستاذ اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة الأزهر بقولها لقد خلقت الترجمات التي تمت بين اللغة العربية واللغات الأخري علي مدي العصور مقاربات كبيرة بين الشعوب العربية وشعوب كثيرة, وتأثرت ثقافتنا وحضارتنا بهذه الشعوب واللغات, كما أثرت فيها أيضا من خلال ما نقله العلماء من علوم شتي بين الطرفين, والآن نحن في أشد الحاجة لاستدعاء تلك الحالة لأننا في مرحلة التحول والبناء لما هو أفضل.