القرار الإسرائيلي بضم الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل ومسجد بلال بن رباح,علي اعتبار أن هذه آثار أسلامية دون أن يتنبه أحد إلي وجود اماكن أخرى فى نفس الحيز. ليس هذا من أجل الأثر الاسلامي وحده وإنما- أيضا- لأن هذا الحرم الأخير بضم الحرم الإبراهيمي يحتوي أيضا في بيت لحم علي قبر' راحيل' زوجة سيدنا يعقوب ووالدة النبي يوسف.. وهو ما يدفعنا للتوقف عند هذا الأثر الأخير. فالمعروف ان الاسم الاثري لمسجد بلال بن رباح الذي أعلن ضمه للأثر الصهيوني هو' قبر' راحيل.. والاسم المستبدل هنا ليس رمزا إسلاميا وإنما هو طبيعة الانتهاك وتغيير المسميات وسياسة الاستيلاء والاستيطان التي تحول فيه اسم مركز أثري الي اسم تاريخي يحمل في قمته رمزا عبريا, هذه العبرية التي شحذها الصهاينة في الحقبة الماضية.. وأعود هنا إلي الدهشة التي أبديتها من قبل, ليس الدهشة من موقف المثقف العربي والنخبة العربية في شتي المجالات وحسب, وإنما أيضا, إلي هذا المعني الذي يحمله ضم أثر إلي لائحة المواقع التاريخية اليهودية.. واقصد هذا الأثر الذي يحمل في معناه العام المعني الديني.. ورغم أننا أسهبنا من قبل حول هذه الغفوة التي يعيش فيها أبناء النخب العربية; فسوف نشير إلي خطورة الأمر من ناحية أخري, ليست الغفوة العربية وحسب بقدر ما هي التأكيد علي'حالة' الآخر الذي يسعي لتأكيد هذا المعني ولكن بالعود إلي ما حدث في هذا الأثر قبل أكثر من نصف قرن, أو بالتحديد عام1948 هذا العام الذي شهد بطولة البطل أحمد عبد العزيز في بيت لحم.. والمعروف ان الجهة التي أعلنت أن مسجد بلال بن رباح تم ضمه إلي المواقع التاريخية!! هي الجهة التي كانت حولته من سنوات إلي بؤرة استيطانية محاطة بالجدران الأسمنتية, وغيرت كل مداخل مدينة بيت لحم التاريخية, لتسهيل وصول عناصر متعصبة إلي المكان' وتأكيدا علي ما سوف يحدث في الحاضر القريب من تحويل قبر النبي يوسف في قلب مدينة نابلس قرب هذا المكان أيضا لموقع يهودي أثري, وهو ما يعني التأكيد بشكل مستمر في تنفيذ القرارات الاستيطانية ضد المقدسات التاريخية.. وهو ما نتوقف فيه عند قبر راحيل, ففي العهد القديم نقرأ عن قبر راحيل في مدخل بيت لحم حيث وضع نص يهودي معاصر علي قبرها القديم: فيما كان يعقوب عائدا من بلاد ما بين النهرين وبينما هم علي مسافة من إفراتة, ولدت راحيل وعسرت ولادتها.... وماتت راحيل ودفنت في طريق إفراتة وهي بيت لحم. ونصب يعقوب نصبا علي قبرها, وهو نصب قبر راحيل إلي اليوم; وهو ما يجب الإسراع عنده لتذكير القاريء اللبيب بصهينة الأشياء ومنحها قناعا يهوديا.. وهو ما يتوقف بنا عند معني أبعد لم تتنبه إليه المراكز العربية المغيبة, تقول لنا المصادر التاريخية عن بطولة البطل المصري أحمد عبد العزيز عام1948 إن هذا البطل كان واعيا إلي أن هذا المكان كان مستعمرة يهودية كانت تشكل خطورة نظرا لموقعها الاستراتيجي الهام علي طريق قرية صور باهر وطريق القدس بيت لحم, فقرر أحمد عبد العزيز- وكنا في صباح يوم24 مايو1948 م- القيام بهجوم علي المستعمرة قاده بمشاركة عدد من الجنود والضباط من قوات الجيش الأردني. لينتصر علي هذه القوة المستعمرة; وتتواصل الرواية التاريخية في22 أغسطس1948 م أنه دعي أحمد عبد العزيز لحضور اجتماع في دار القنصلية البريطانية بالقدس لبحث خرق الصهاينة للهدنة, وحاول معه الصهاينة أن يتنازل لهم عن بعض المواقع التي في قبضة الفدائيين, لكنه رفض, وأتجه في مساء ذلك اليوم إلي غزة حيث مقر قيادة الجيش المصري لينقل إلي قادته ما دار في الاجتماع... وفي الطريق استشهد, وعبورا من حدث رحيل-.. فقد دفن. كانت منطقة عراق المنشية مستهدفة من اليهود فكانت ترابط بها كتيبة عسكرية لديها أوامر بضرب كل عربة تمر في ظلام الليل, وعندما كان أحمد عبد العزيز في طريقه إليها بصحبة اليوزباشي صلاح سالم اشتبه بها أحد الحراس وظنها من سيارات العدو, فأطلق عليها الرصاص, فأصابت إحداها أحمد عبد العزيز فاستشهد في الحال ودفن البطل في قبة راحيل شمال بيت لحم, وله هناك نصب تذكاري شامخ, محاط اليوم بسياج من الأسلاك الشائكة والأسوار العالية التي بها فتحات مراقبة لبنائها كنيسا يهوديا.. ومن يقترب من هذا المكان الذي أعلن ضمه أخيرا يجد شاهد قبر هذا الرجل, الشاهد القديم إلي جانب الشاهد اليهودي الجديد, نفس المكان الذي أعلن أخيرا ضمه_ ضمن ما يضم في مدينة بيت لحم, إلي قائمة مواقع التراث' اليهودي. إلي التراث اليهودي(!!!).. ضمن خطة خماسية لتهويد معالم أثرية وترميم ثانية, وإقامة مشاريع ثالثة ترتبط بالتاريخ والتراث اليهودي وإقامة نصب تذكارية, ومتاحف صغيرة, ومسارات للمشاة, ومواقع أثرية وحدائق, ومراكز معلومات, وترميم مواقع قائمة. إلي غير ذلك ما يربط_ كما يردد الآن- بهذا التراث اليهودي, المزعوم.. إن الحرم الإبراهيمي وأيضا قبر راحيل ومسجد بلال بن رباح وأيضا ما تبقي من قبر أحمد عبد العزيز يواجه منذ سنوات اعتداءات إعلانية ودعائية ومسلحة لا تتوقف هل هذا معقول؟ قبر راحيل أم قبر أحمد عبد العزيز.. هذا سؤال لا نعرف نوجهه لمن؟؟