ياهذا القادم في الخامس والعشرين لشهر يناير دعني أفتح عدسة آلة تصويري عن آخرها كي أرصد أولي خطواتك فوق مداخل ميدان التحرير الثائر لك طلعة طلعت حرب الآتي من شارعه وهو مجاور ذاك الرجل الباني من جهد الأمة بنكا ومصانع ومطاحن ومحالج ومضارب وشرائط سينما وبواخر لك إطلالة عبد المنعم بين رياض الجنة ورياض التحرير المزروعة بشجيرات الأمل الزاهر ياهذا القادم من شارع رمسيس فراعين قديمي العهد بفرعونيتهم ياهذا المتكئ لبعض الوقت علي قبة متحفنا المصري وفيه المومياوات يقمن من التحنيط ويخلعن رداء الزمن الغابر يصحو مينا نارمر ويوحد ثانية مصر علي وعد الثورة مدنا وقري ونجوعا وكفورا وبنادر ويوحدها فلاحين وعمالا وتلاميذ وتكنوقراط وبيروقراط ومدنيين وميدانيين عساكر يا هذا القادم من شامبليون القاريء في حجر رشيد خبرا سريا عن تنظيم الثورة ترجمة الثوار إلي خبر في نشرات العالم بالأسرارا مجاهرا يا هذا القادم من قصر العيني طبيبا مرتديا معطفه الأبيض ليروض وحش المرض الكاسر يا هذا القادم من كوبري قصر النيل زئيرا لأسود أربعة كانت جالسة والآن هي الأخري واقفة خلف الشعب تظاهر يا هذا القادم من كل شوارع مصر إلي جامع مكرم الشيخ الثائر لتصلي لله صلاة الشاكر يا هذا القادم قسيسين ورهبانا هم أخوتنا في الوطن وهل تفصم بين الأخوة في الوطن أواصر من أزل الأزل إلي أبد الأبد نعيش جميعا عائلة واحدة لن ينفض لها سامر ياهذا القادم من الخامس والعشرين لشهر يناير دعني اتنسم من رئتيك زفير الحرية كم هو عاطر عشت طويلا في الأسر وفي الأسر إذا ما طال يصير الطير بلا أجنحة وبغير حناجر عشنا أسري الوهم بأن غدا أفضل والأيام تجيء بغير غد.. ولا آخر سقط الغد من روزنامتنا الرسمية والقوت توقف في دولاب الزمن الدائر الوقت تقهقر في( بورصة) أوراقهم المالية ملك الأمس علينا كل الحاضر سرق الغد من شعبك يا مصر لصوص التاريخ وقطاعو طرق الجغرافيا النهابون لخير البلد الممتلئون إلي الحلقوم بشبع كافر سرق الغد من شعبك قوادون يبيعون( كليبات) اللحم الفاجر سرق ثراك الفضي حراميون يقولون علي( اللاب توب) افتح يا سمسم واحمل في جعبة عزك ماتقدر يا شاطر اقتسموا فيما بينهم الوطن كنوزا ونفوذا ودوائر لك انت رمال الصحراء بسينا ودم الشهداء عليها متناثر أما أنت لك النيل وأنت الهرم وأنت الآثار خبايا وحفائر لك أنت الساحل ولسان الوزراء وأنت البحر الإحمر من شرم إلي مرسي علم والمصري له الله به يستنجد عريانا: استرني يا ساتر كان الوطن يقسم في الصفحات الأولي لجرائدنا والشعب علي صفحات الموتي شبح مصلوب لا يجد لنعي مصائبه ما يدفعه للناشر كانت مصر ذبيحتهم في كل صباح يأتون إليها يقتطعون اللحم الحي بأقلام رصاص حي أقلام أخذت شكل خناجر يقتطعون اللحم ويختزنون الدم في أوعية مصارفهم وبنفس الأقلام يصفون الأصفار أمام الأرقام دفاتر من شيكات فوق دفاتر والناس تعيش علي الفول صباحا والطعمية ظهرا والليل تقضيه أساطير عن ديك الروم وصدر الطاووس وورك نعام باللذة عامر وولائم كوكبة تسكن فوق رءوس الناس بأفق الأحلام.. بمنتجعات الجولف ومرتفعات نخيل الوادي الفاخر كوكبة يملك كل من آحاد عوائلها طائرة تحمله لفراديس المليارات علي وجه السرعة والناس علي سطح قطار محجوزة للنار تسافر هذا يا سادة ما ثارت مصر عليه وسبحان النازع درع الباطل عن عصبته المانح للحق ذراعا كالسيف الباتر أشهد يارب بأنك للبسطاء المكسوري الخاطر جابر.