أخطر مافيه ليس فقط محاولة فجة لتبرير إنفاق أموال جديدة لإنقاذ القصر بما يغطي المقاول الذي تشهد حوائط القصر المشققة علي جريمته ، ولكن أيضا تلك التأشيرة المريبة علي طرف المذكرة »المستند« الأيسر من أعلي ، وهي التأشيرة التي تعيد المذكرة من حيث أتت لتصبح كأنها لم تكن أو كأن رئيس قطاع المشروعات لم ير تلك المذكرة من أساس رغم أن قطاع هندسة الآثار الإسلامية والقبطية، كان قد وجه المذكرة لمكتب رئيس قطاع المشروعات المهندس »وعد الله« 91 مايو 2015، ووقع عليها سيادته بتاريخ 20 مايو بتأشيرة واضحة للشئون المالية والإدارية، وإدارة الصحة والسلامة المهنية وإدارة شئون المقر لإتخاذ اللازم، ثم فجأة وبدون سابق إنذار نجد تلك التاشيرة المريبة »عائد 2095 + المرفقات بتاريخ 18 مايو 2015« أي تعود المذكرة من حيث أتت وكأنها لم تدخل مكتب المهندس وعد ، وعلي طريقة الدفاتر دفاترنا للفنان الراحل حسن البارودي تعود المذكرة وكأنها لم يتم استلامها بتاريخ سابق علي تاريخ تأشيرة »لاتخاذ اللازم« للمهندس وعد !!! وهو مايؤكد وقوع جريمة حقيقية إضافة إلي الاستهانة بحياة البشر ، المذكرة تؤكد أيضا أن هناك من يحاولون تبرئة ساحتهم »دون جدوي« إذا ما وقعت الكارثة، وتؤكد التجاهل التام لكل القرارات والمناشدات وأن ما إثاره الإعلام استنادا إلي تقارير صحيحة حول تلك الكارثة لايجد آذانا صاغية وهو منهج واضح لوزارة الآثار في التعامل مع الأزمة التي لا تهدد مبني اثري فقط وإنما تهدد حياة البشر الأثمن واشد حرمة ، المذكرة التي صارت من وجهة نظرنا عريضة الإتهام قدمها مدير عام أعمال جنوبالقاهرة المهندس صبري محمد السيد ، »مع التحفظات التي لدينا علي سيادته« للعرض علي السيد المهندس مدير عام الإدارة الهندسية للآثار الإسلامية والقبطية وهي الجهة التي يتبعها القصر هندسيا ، المذكرة هي محاولة براء الذمة من الكارثة إذا ماوقعت، وتؤكد علي كل ماجاء في التقارير الهندسية حول القصر، وتشير المذكرة إلي الخطاب الوارد من المشرف علي السلامة والصحة المهنية بتاريخ 7 مايو 2015 والمتضمن أنه منذ فترة طويلة كان يوجد شروخ في بعض الإدارات بالقطاع ولكن استجد ان وجود تصدعات مما يؤدي إلي خطورة علي العاملين ، وذكر المهندس صبري في مذكرته أنه سبق مخاطبة مدير عام ادارة الهندسية للآثار الإسلامية والقبطية مرارا وتكرارا »فيما يبدو انه دون جدوي « بأن الحالة الإنشائية لمنطقة المعامل أسفل مبني قطاع المشروعات خطيرة وتزداد سوءا حيث مازالت تتساقط أجزاء كبيرة من طبقة البياض بحوائط الدور الأرضي كما أشار إلي ماحدث من انضغاط للنجارة بحيث أصبح فتح وغلق الأبواب متعسرا في إشارة إلي الهبوط الأرضي الذي ضرب الحوائط بالشروخ التي ازدادت اتساعا كما تحللت الحوائط الحاملة، معددا باقي الظواهر االتي أصابت القصر ، وتؤكد المذكرة ان مايكتب فيها قد يكون هو آخر ماسيتم عرضه علي المسئولين قبل وقوع الكارثة محددة المطالب بسرعة إخلاء القصر من العاملين وبضرورة فصل الكهرباء عن مبني قطاع المشروعات الأكثر تضررا بمعرفة إدارة الكهرباء »اسلامي« وقطع المياه ايضا، والتنبيه بغلق مبني قطاع المشروعات بالكامل وسرعة إصدار تعليمات من السلطة المختصة جراء أعمال الصلب والتأمين والترميم الفوري للأماكن المتضررة للحفاظ علي الإثز من الانهيار للمقاول القائم بالعمل أو غيره ، ويؤكد المهندس صبري أنه لايوجد لديهم حتي تاريخه أي موافقات أو تعليمات من السلطة المختصة للتدخل او الترميم، ويطالب أيضا باستعجال إجراءات لجنة درء الخطورة لسرعة ترميم الأماكن المتضررة ويخلي المهندس صبري في ختام المذكرة مسئوليته عن أي أضرار باثر او بارواح، ونشير هنا إلي أن جهاز التفتيش الفني علي اعمال البناء التابع لوزارة الإسكان كان قد أرسل للأمين العام للمجلس الأعلي للآثار يؤكد ضرورة إخلاء الغرف وأماكن التي يتردد عليها العاملون حرصا علي سلامتهم ويؤكد أيضا انه تم إخطار حي السيدة زينب بامر، وقد قام الحي بإرسال مذكرة لرئيس مركز البحوث وصيانة الآثار بتاريخ 24 يوليو 2014 للإخلاء لحين مخاطبة الجهات المعنية للترميم وهو مانشرناه في العدد السابق من أخبار الأدب، وتكمن خطورة المذكرة المرفوعة من المهندس صبري في عدة أمور أهمها أن المذكرة تعترف بالكارثة وتحاول إسناد الترميم إلي نفس المقاول او مقاول غيره نفس المقاول الذي يفترض أنه قام بحقن الأساسات و عمل صلبات بمبلغ 30 مليون جنيه وذلك ضمن بنود المقاولة التي كان من المحظوظين نفذها في القصر ووضع لها بنودا بأسعار خرافية وبنودا تكميلية لا يصدقها عقل وصلت إلي وضع عدد احواض مطبخ وهمية غير موجودة أصلا وأسعار فلكية لزجاج النوافذ وغيرها من مكونات الجزء غير الأثري من المبني الذي يدخل الدور الأرضي منه ضمن الآثار الإسلامية، كما تفتح المذكرة الباب لمساءلة كل قيادات الآثار عن حالة اللامبالاة تجاه الكارثة بتأكيدات كاتبها المتوالية أن مخاطبات كثيرة تمت »دون اي تحرك «ويبدو موقف الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار من كل ما أرسل له من الحي واللجنة التابعة لوزارة الإسكان واللجنة التي تشكلت من 11 فردا رأسهم هو شخصيا لا يختلف كثيرا عن موقف رئيس قطاع المشروعات في الوزارة من عدم القدرة علي اتخاذ إجراء واعتبار امر كأنه لا يحدث، الأهم عدم إبلاغ نيابة اموال العامة عن المقاول الذي انفق 30 مليون جنيه في بند الصلب والحق للأرضيات واعمدة وهو بند لا يعرف أحد إذا كان قد تم تنفيذه من الأساس ومن المسئول عن استلام هذا البند من المقاول إنه دون شك سيكون محل مساءلة هو والمقاول ، كما لايمكن تصور أن انهيار القصر سيطمس معالم جريمة قد تكون حدثت في ترميمه حيث سيمنح صكوك البراءة لكل من شارك في أمرار هذه العقود الإجرامية ومما يؤسف له أنه وحتي كتابة هذه السطور يبقي الوضع علي ماهو عليه في القصر ودون أي محاولة لنقل العاملين ويبقي وزير الآثار قابعا منعما بالتكييف في أمان تام في مكتبه في الوزارة.