"البدايات" كتاب إدوارد سعيد الهام الذي لم يصدر حتي الآن في العربية، وكان قد تصدي للترجمة الناقد والمترجم ابراهيم فتحي الذي ليستكمل الترجمة لأسباب خاصة بحقوق النشر. وقد جاء الكتاب - المنشور للمرة الأولي عام 1975- في سياق هزيمة العرب في 1967 وهزيمة ثورة الطلبة والعمال في أوروبا عام 1968 ثم التراجع المتصل للقوي الثورية علي مستوي العالم كله بدءًا من النصف الثاني من السبعينيات. حمل سعيد عواطفه عائدًا إلي العالم العربي فاستخدم خبراته النقدية والروافد المعرفية التي اكتسبها من تراث فكري غربي يمتد في تنوعه ليشمل مفكرين من أمثال فيكو وماركس وجرامشي وفوكو وأورباخ ليطوع بعض أفكارهم علي تناقضها صانعًا مزيجه الخاص، موظفًّا إياه في خدمة صراع الثقافة ضد الهيمنة والتوسع. وقد قيل إن إنجاز سعيد الفريد كان بدءًا من كتابه الاستشراق أنه وضع في مركز الحضارة الغربية التوسع والهيمنة كقوي مركزية في تعريف طبيعة تلك الحضارة نفسها التي تسمي أحيانًا الحضارة الرأسمالية. كما تناول الكتاب أسئلة المعرفة والسلطة بمصطلحات المجادلات الأدبية حول اللغة والسرد علي حين انشغل كتاب الاستشراق بموضوعات المعرفة والسلطة بطرائق مباشرة صريحة. وهو نص واع بذاته؛ واع بمفارقات ومتطلبات أن يكون هو نفسه بداية. وتعرّف البداية باعتبارها النقطة الأولي في الزمان والمكان والفعل من عملية تتملك استمرارًا ومعني. هي الخطوة الأولي في الإنتاج القصدي للمعني فتتشابه مع الجدة والابتكار. إنها تسهل الإنتاج القصدي للمعني ومن ثم نحتاج لفحص مصطلح القصد. ويخبرنا سعيد أن القصد له علي الأقل إيحاءان، الأول أن القصد هو الصلة بين الرأي الخاص والانشغال المشترك. والثاني هو أن القصد فكرة تحتوي كل ما ينبثق منها دون اهتمام بغرابة التطور أو بعدم اتساق النتيجة، أي بالمشاكل المنطقية غير القابلة للحل عن الذات ونواياها، عن التاريخ والبدايات. هنا الفصل الأول من الكتاب الهام