فازت قصة "امرأة في عزلة" للكاتبة الأمريكيةالصينية يي ون لي بجائزة صنداي تايمز للقصة القصيرة، وهي أغني جائزة للقصة، إذ تبلغ قيمتها 30 ألف جنيه استرليني. حصلت يي ون لي علي الجنسية الأمريكية في 2012، وفازت بجائزة الجارديان للكتاب الأول في 2006. تدور القصة حول الخالة ميي، مربية للأطفال ترعي الرضع وأمهاتهم خلال الشهر الأول بعد الولادة فقط، متنقلة من منزل لآخر وتحرص علي خلق مسافة بينها وبين مستخدميها ولا تسمح لنفسها بالارتباط عاطفيًا بالطفل. لكن دخولها بيت امرأة شابة صغيرة، لها اسم صيني ولكنها تحب أن تُنادَي ب شانيل، تقول إنها تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، يهز النظام الصارم الذي تتبعه. في القصة تنويعات علي الوحدة وصعوبة العلاقة بالآخر، فالشابة غير المهيأة للأمومة تعاني من الوحدة وإهمال الزوج، وتقرر بعد أسبوع من الولادة ألا ترضع طفلها. وراء الزيجة قصة حزينة عن فشل علاقتها بأبويها، وللخالة ميي قصة معقدة تعود إلي قرية في الصين، حيث ربتها أمها وجدتها غريبتا الأطوار فكانت تنتقل بين الحماية في عزلة المنزل والحماية في بيوت أهل القرية، الذين قبلوها كواحدة منهم رغم رفضهم للأم والجدة اللتين لم تخضعا لتقاليد القرية في علاقتهما بزوجيهما. تتزوج من صيني أمريكي يعمل في نيويورك وتتمني في سرها أن يموت، وحينما تتحقق الأمنية الخفية تشعر بالذنب، وتهاجر إلي الساحل الغربي حيث تعمل كمربية. تسجل بيانات الأطفال والعائلات التي استخدمتها في دفتر صغير اشترته في مزاد وكانت تطمع في شراء دفتر آخر، وتتعجب من طمعها، حيث أن دفترا واحدًا كان يتسع لما هو أكبر من حياتها. تركت النشأة الخالة ميي عاجزة عن الارتباط الحميمي، وحينما يحاول بول، الذي يصلح غسالات الأطباق، أن يتودد لها كسرًا لوحدته، تستمع إلي قصته الحزينة ولكنها ترفض دعوته للخروج. تمنح الخالة أذنًا صاغية لشانيل وبول، لكنها لا تحكي قصتها، ويظل صوتها الداخلي يعبر عن رؤيتها الناقدة غير المتعاطفة اتجاه شانيل وبول ولكنها لا تبوح بها لأحد. امتدحت الروائية التركية إيلاف شفاق، عضو لجنة التحكيم، تنوع القائمة القصيرة، لكن قصة يي ون لي، بحسب شافاق، أبهرت لجنة التحكيم بالصنعة المتقنة والملاحظات الذكية والصوت المتواضع والقوي في آن. وقال أندرو وولجيت، المحرر الأدبي لصنداي تايمز، إن التمكن الذي أظهرته يو ون لي في القصة شديدة الاستبصار لم يترك للجنة مجالا للشك في أنها ستكون الفائزة. فيما يلي حوار كريسيدا لوشن، محررة النيويوركر، مع يي ون لي: متي جاءتك شخصية الخالة ميي؟ - منذ عام كنت أقلب في أشيائي القديمة، ووجدت دفترا اشتريته في مزاد جراج في مدينة أيوا حينما جئت إلي أمريكا، دفعت خمس سنتات ثمنًا له، وكان الدفتر بحالة جيدة ولم أستعمله. خطرت ببالي شخصية تدفع عشر سنتات وتسأل إذا ما كانت هناك كراسة أخري بدلا من الفكة. "ما هذا الطمع" قالت الشخصية وهي تضحك لنفسها. ومنذ تلك اللحظة أدركت أن لدي قصة. تحتفظ الخالة ميي بمسافة بينها وبين مسؤولياتها، ولا تمكث أطول من شهر من حياة الطفل وتنشئ نظامًا صارمًا في المنازل التي تدخلها. ولكن هذا النهج المنظم يبدأ في الاهتزاز حينما تٌواجَه بشانيل الأم الشابة المتذمرة وابنها. كيف تمكنت شانيل من إدخال الاضطراب علي الخالة ميي؟ هل كنت تعلمين أن هذا سيحدث عندما بدأت بالتفكير في كيفية تفاعل الشخصيتين؟ للخالة ميي نمط ثابت: في اللحظة التي تدخل فيها أحد المنازل لترعي طفلاً وأمه تكون قد رأت نقطة الخروج. ولكن أي نمط قابل للكسر. حينما بدأت القصة كنت أعرف أن الوضع سيتغير بالنسبة للخالة ميي. فشانيل غير المهيأة لتكون أمًا تجبر الخالة ميي علي الدخول في معضلة: حينما لا يكون الطفل الذي في عهدتها محبوبًا من أبويه، هل يجب عليها التدخل لمنحه الحب؟ وأي خطر ستواجهه إذا لم تكبت هذا الحب؟ قلت في مقابلة سابقة إن شخصياتك لا تعاني بوصفها لمهاجرين بل هي معنية بالصراعات الداخلية والمشاكل التي أتت بهم من الصين. وهذا هو بدقة ما نراه في هذه القصة: حيث الحالة ميي مسكونة بميراث امرأتين ربيتاها، أمها وجدتها وكلتاهما رفضت الرجال في حياتها. هل تعكس طفولة الخالة ميي شيئًا معينًا عن حياة القرية في الصين. هل بإمكانك تخيل موقف مماثل إذا كانت نشأت في أمريكا؟ بعض من طفولة الخالة ميي يعكس حياة القرية في الصين. فعلي سبيل المثال تهدد المرأة بالانتحار بالدي دي تي. لقد مُنِع استخدام الدي دي تي في أمريكا عام 1972، ولكن أثناء نشأتي كان منتشرا في الصين وكان استعماله شائعًا كوسيلة للانتحار في القري. وبعض الصفات الخاصة بأم الخالة ميي وجدتها لم تكن لتقبل إذا كانت نشأتها في أمريكا، أو حتي في مدينة كبري بالصين. ولكن كفاح الخالة ميي ليس مقصورًا علي الصين. وأتصور أن الموقف ممكن الحدوث في أي بلد. إن معرفتنا بالتاريخ محدودة عمومًا، ولكن هناك بعض المؤرخين الذين يسعون لتنوير الجمهور. إن أكثر التاريخ إظلامًا يقبع داخل الأسرة، وفي معظم الأحوال تظل الأشياء مسكوتًا عنها دون فحص، وما يقال قد يكون إساءة تفسير أو تشويهًا. والخالة ميي ليست وحدها في مصارعة ماض ذي ظلال. وفي الواقع أتساءل إذا ما كان الناس مستثنين بحق من الماضي. هل أنهيت القصة وأنت تعرفين ماذا سيحدث للخالة ميي في الأسابيع والسنوات التالية؟ هل تعرفين ماذا يخفي المستقبل؟ في معظم القصص لا أريد بالضرورة أن أعرف أين تذهب الشخصيات بعد النهاية، ولكن في هذه الحالة أري مستقبل الخالة ميي بوضوح. تكمن المفارقة في الموقف في أنها قد تتسبب في ضرر إذا ما سمحت لنفسها بالارتباط بابن شانيل (أو حتي بشانيل)، وأن بإمكانها أن تمنح ما يحتاجه الطفل والأم إذا ما احتفظت بالمسافة. وفي تلك المرحلة من حياتها، تدرك الخالة ميي خطورة الموقف وإن كانت ربما لم تفهمه، ولذلك لن تمكث أكثر من شهر في منزل شانيل وستواصل التنقل من منزل لآخر.