كنت كثيرا ما أسمع من جدتي عبارة "كالنقش علي الحجر" والتي كانت تستخدمها للتعبير عن صعوبة أمر ما، ولكنها صعوبة ممزوجة بالعمق والاستمرار في ذات الوقت، وربما كانت تلك هي سمات فن النحت وخاصة نحت الحجر .. فهو من الفنون التي تتسم بالصعوبة والجمال والعمق أيضا ..وربما كان فن النحت من أهم العلامات المميزة للفن المصري القديم، وخاصة تلك التماثيل الضخمة والمعابد الهائلة التي لا تزال شاهدة علي عظمة الحضارة المصرية القديمة. وقد استخدم الإنسان - كما يقول الفنان عصمت داوستاشي- منذ بداية الحياة الأحجار الصلبة كشواهد طوطمية لأنه، يعلم أن الأحجار الصلبة لا تفني فالجبال لا تتلاشي والأرواح الخالدة تسكن حجارتها الصلبة ومن يتعامل معها يكتسب صلابتها والخلود لإنجازاته فيها. وربما كان هذا هو المنطلق الذي ولد من رحمه سيمبوزيوم أسوان الدولي للنحت، وعاما بعد عام يواصل السيمبوزيوم نجاحاته وابداعاته التي تتجاور وتتحاور في ذلك المتحف المفتوح، وقد خرجت دورة هذا العام دورة غير عادية، حيث اجتمعت اللجنة العليا وأكدت علي ضرورة الاحتفال بالدورة العشرين للسيمبوزيوم وجعلها دورة استثنائية ومحلية شديدة التميز، كما تم اختيار الفنان أدم حنين ضيف شرف لها .. وفي سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ السيمبوزيوم ضمت ورشة العمل ستة عشر نحاتا شابا معظمهم يشاركون لأول مرة .. ولكن الجديد أيضا هذا العام أن معظم المشاركين في تلك الورشة كانوا من الفتيات حيث تخطي عددهن عدد الشباب. وربما كان مجال النحت وخاصة باستخدام الأحجار من المجالات التي ظلت ترفع شعار للرجال فقط لفترة طويلة الجرانيت، ولكن يبدو أن المرأة المصرية قد قررت أن تسقط لافتة الممنوعات الوهمية واحدة تلو الآخري ليؤكدن قدرة الفنانة المصرية علي تقديم ابداعات فريدة في كافة المجالات حتي أكثرها صعوبة مثل نحت الجرانيت . ويري د.عصام درويش الفنان وأستاذ النحت بكلية التربية الفنية جامعة حلوان وعضو اللجنة العليا للسمبوزيوم أن مشاركة هذا العدد من الفنانات يعد نقلة نوعية للنحت في مصر، ويضيف أن عدد الفتيات بقسم النحت حاليا يفوق عدد الذكور، بل أنهن يقدمن أعمالا ناجحة تعكس رؤي مختلفة ومتنوعة، تسع حكايات مختلفة لتسع فنانات شابات خضن تجربة نحت الحجر.. اقتربنا من بعضهن واستمعنا إلي تفاصيل القصص وعشنا معهن التجربة وروح المغامرة. م. ع