الغيطانى وبجواره زوجته الكاتبة الكبيرة ماجدة الجندى وابنته ماجى وابنه محمد انتهينا منذ قليل من الغذاء... موعد الغداء هو تمام الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر -الغذاء هو وقت التجمع لنا، والذي يكون عقب عودة جيمي من العمل. غالباً ما تدور احاديث الغداء حول مجريات البلد وهي نقاشات غالبا، ايضا، ماتنتهي إلي عدم اتفاق أي طرف علي رؤية الأخر للقضية موضع النقاش- وهذا يثير سعادة وفخر الأب والأم فهاهم: الأبناء وقد بدأوا يستخدمون اجنحتهم (الفكرية) للتحليق بعيداً عن محيط سماء الأب والأم. بالنسبة لجيمي ولماجدة الكبيرة - حيث انه انا ماجدة الصغيرة- هذا هو قمة الانتصار: ان يسير الأبناء علي خطي نفسهما وليس تبعاً لاداء والديهما. المهم، اعود إلي لحظة ما بعد الغداء حيث يذهب الجميع إلي قيلولته -أو الإغماءة وهو الإسم الحركي لها في بيتنا ويصف بدقة حالة كل منا عقب تناول طعام أمي الشهي ذي الرائحة المحبة- رائحة حب الطاهي لآكلي طعامه، تلك الرائحة التي تمتزج برائحة كُتب بيتنا، فإذا كان للأزمنة رائحة وللأماكن ايضاً فهذا المزيج من الروائح لن تجده إلا في هذا البيت.. في لحظة القيلولة الكل في امان هي لحظة التقاط النفس بين ما كان وما سيكون في اليوم.. لاشيء يهم فالكل في البيت هنا آمن، ممتليء، ونائم.. "إمسك ياحبوب..." يصلني صوته بنبرته المقبلة المرحة وانا لم أزل بين الغفوة واليقظة. إذا فقد استيقظ جيمي من قيلولته وسرعان ما سيبدأ البيت في استعادة نشاطه. اعلم ما يريده جيمي حتي قبل ان انظر اليه بينما انا ممددة علي اريكتي الصغيرة: "ياجميل ايدي وجعتني اتفضل ياحبوب" انظر إليه مبتسمة: "ربنا يخليك ليا ياجيمي انا هقوم اجيب كمان شوية..".. لايتكلم ولكن يظل ممداً يديه بفص برتقالة من برتقالته: برتقالة ما بعد القيلولة. "اصل دي بالذات حلوة اوي":.. آخذها أخيرا بينما يملس بيديه علي رأسي: "ماتنسيش كوباية الماية وقعدتنا قبل ماتنامي.. ربنا ما يقطعلنا عادة ياحبو به. يقولها جيمي . بينما اراه بجلبابه الصوف وعباءته »المغربية« السوداء يتجه إلي الناحية الأخري من المنزل: إلي المكتبة. إذن انها السابعة ، فجيمي يبدأ "قعدة المكتبة" في السابعة بالتمام.. لحظات واسمع صدي موسيقي المكتبة تصلني هنا.. اليوم "التيمة" مغربي. فأنا خبيرة الآن في تمييز التواشيح المغربية والموسيقي الصيني وطبعاً، التركي، موسيقاه المفضلة، وإن بدأت ايضاً موسيقي الجاز والبلوز تحديداً في الاستحواذ علي اهتمامه . جيمي لايكتب إلا علي انغام الموسيقي.